كريتر نت – العرب
لم تعد المثلية الجنسية من القضايا الحساسة والتي تثير انقسامات في البلاد العربية المحافظة فحسب، حيث انتقل الجدل بشأن هذه الظاهرة إلى الولايات المتحدة أين تدور معركة تستخدم فيها التشريعات والقوانين بشأن تدريس ثقافة المثليين، إذ تستهدف مشاريع قوانين حظر كتب مدرسية متعلقة بالتحولات الجنسية.
وأظهرت السجالات التي تعرفها الولايات المتحدة بين القوى السياسية ومنظمات في المجتمع المدني أن المثلية الجنسية ظاهرة حساسة خاصة في المدارس، ولا يقتصر الانقسام بشأنها على دول العالم العربي المحافظة.
ومؤخرا تفجر جدل ثقافي واسع النطاق في الولايات المتحدة بشأن حقوق مجتمع الميم في ملاعب الرياضة المدرسية وفي جراحات الأطباء، لكن الصدام بين الليبراليين والمحافظين سيطال كذلك فصول الدراسة حيث هناك مشاريع قوانين بصدد المناقشة في هذا الصدد.
قوانين مثيرة
لم يعد الجدل بشأن المثلية الجنسية حكراً على الدول العربية المحافظة حيث تشهد الولايات المتحدة معركة محتدمة حول المناهج الدراسية وتُستخدم فيها التشريعات والقوانين بين الخصوم السياسيين.
سارة كيت إليس: وابل من الخطابات التي تستهدف الشباب الضعفاء
وفي العام الماضي قُدّم أكثر من 120 مشروع قانون تستهدف حقوق المتحولين جنسيا في الولايات المتحدة، وتهدف بشكل أساسي إلى تقييد الوصول إلى الرياضة والعلاج الطبي الجنسي للقصر، وفقا لمنظمة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة حقوق المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية.
والآن يعدّ المدرسون والمدافعون عن حقوق الإنسان في حالة تأهب بشأن ما يقرب من عشرة مشاريع قوانين حكومية تسعى لحظر الكتب والدروس المتعلقة بالجنس والهوية الجنسية، مما يعيد قضايا مجتمع الميم إلى الأضواء السياسية قبل انتخابات التجديد النصفي المقرر تنظيمها في شهر نوفمبر المقبل.
وقالت سارة ميللر منسقة البرنامج في المجلس الوطني لمدرسي اللغة الإنجليزية “لطالما كانت الرقابة في الفصول الدراسية وما بعدها مشكلة. ومع ذلك، فقد ازداد حجم الحظر الأخير وشراسته في العام الماضي”.
ومنذ بداية عام 2022 وحده اقترح المشرعون الجمهوريون في 20 ولاية مشاريع قوانين تستهدف الكتب المدرسية، وفقا لخدمة التتبع التشريعي الحرية لجميع الأميركيين. وتهدف العديد من المقترحات إلى كبح تدريس “نظرية العرق النقدية”، والتي تستند إلى فرضية أن التحيز العنصري “المتعمد أو غير المتعمد” موجود في القوانين والمؤسسات الأميركية.
لكن 11 مشروع قانون تسعى لمنح الآباء الحق في تحدي المناهج المدرسية أو منع المعلمين من الخوض في مواضيع “مثيرة للانقسام”، والتي يمكن أن تشمل موضوعات أو كتبا تغطي قضايا مجتمع الميم.
ويقول مؤيّدو التشريع إنه يجب أن يكون للوالدين دور أكبر في تعليم أطفالهم، وأن الحرية الدينية تعني أن الآباء والطلاب يجب أن يكونوا قادرين على رفض بعض المواد.
ميريديان بالداتشي: تدريس وجهات نظر حول الجنس يحتم على الوالدين التدخل
وقال ميريديان بالداتشي المتحدث باسم “فاميلي بوليسي أليانس” وهي مجموعة ضغط مسيحية يمينية “عندما تبدأ المدارس في تدريس وجهات نظر معينة حول الحياة الجنسية وقضايا البالغين الأخرى كما لو كانت حقائق مؤكدة، يمكن للوالدين، ويجب عليهم، التدخل”.
غرامات المكتبة
كثيرا ما تسبب تدريس الكتب ذات الصلة بمجتمع الميم في الفصل الدراسي في إثارة الجدل داخل الولايات المتحدة.
ففي عام 2019 شملت ثمانية من أفضل 10 كتب في المكتبات أو المدارس أو الجامعات الأميركية التي تعرضت للرفض أو الحظر محتوى يرتبط بمجتمع الميم، وفقا لمكتب “آي.إل.آي” للحرية الفكرية، وهي مجموعة تعزز الوصول إلى المكتبة والحريات.
وتستهدف مشاريع القوانين الحالية في المجالس التشريعية للولايات الكتب نفسها والمدارس التي تتيحها للطلاب. ويقترح أحدها في أوكلاهوما تغريم المدارس وأمناء المكتبات الذين يستمرون في تخزين الكتب التي يعارضها الآباء. وأرسل المسؤولون المنتخبون في ساوث كارولاينا وتكساس ويوتا رسائل إلى المؤسسات التعليمية يطلبون منها التحقيق في عناوين معينة في مكتبات المدارس.
وتتضمن قائمة واحدة في تكساس أكثر من 800 كتاب، بما في ذلك “هو/ هي/ هم: فهم الهوية الجنسية” لريبيكا ستانبورو، و”بان بصراحة” لبيل كونيغسبيرغ. ويتعامل كلا الكتابين مع المراهقين الذين يتنقلون في حياتهم الجنسية أو هوياتهم الجنسية.
جانب إيجابي
قالت سارة كيت إليس الرئيسة التنفيذية لمجموعة حقوق “غلاد” في البلاد في بيان حول مشاريع القوانين الحكومية، إنه كان هناك وابل من “الخطابات والسلوك العدائي الذي يستهدف الشباب الضعفاء وكتبا عن حياتهم”. ويقول مؤيدو مشروع القانون إن المقترحات تهدف ببساطة إلى تمثيل مصالح الوالدين نيابة عن أطفالهم.
وقال بالداتشي من “فاميلي بوليسي أليانس” إنه “في حين أن المدارس تتمتع بالسلطة في السياق التعليمي، فإن الآباء يعرفون أطفالهم بشكل أفضل وهم بطبيعة الحال قلقون بشأن رفاههم، مما يعني أنه يجب أن يكون لهم رأي في ما يتعلمونه”.
لكن المعلمين ومديري المدارس قلقون من أن القيود التشريعية يمكن أن تزيد من الضغوط التي يواجهونها حيث تُجهد الجائحة نظام التعليم.
الجدل بشأن المثلية الجنسية لم يعد حكرا على الدول العربية المحافظة حيث تشهد الولايات المتحدة معركة حول المناهج الدراسية، وقُدّم أكثر من 120 مشروع قانون تستهدف حقوق المتحولين جنسيا في البلاد
وقالت ميللر إن “إضافة قوانين الدولة المقيدة، والهجمات الشخصية على المدرسين والإداريين، والتحديات التعسفية والمستهلكة للوقت، تضع أعباء إضافية على المعلمين في وقت تجاوزوا فيه بالفعل حدودهم بسبب الوباء”.
ويقول النقاد إن الجهود المبذولة للحد من مواد القراءة للأطفال من المرجح أن تأتي بنتائج عكسية على أي حال، مستشهدين بأمثلة من الكتب المحظورة، من كتاب دي.إتش لورانس “ليدي تشاتيرلي لوفر” إلى “دكتور زيفاغو” لبوريس باسترناك التي ازدهرت بسبب الحظر.
وفي كوتزتاون بولاية بنسلفانيا بدأ الطلاب المحليون اجتماع “نادي الكتاب المحظور” كل أسبوعين في مكتبة محلية في الولاية الشمالية الشرقية. وقال هيثكليف لوبيز، مدرس اللغة الإنجليزية في منطقة سان أنطونيو بولاية تكساس، إنه أضاف عناوين محددة نقدها النائب عن ولاية تكساس مات كراوس مثل “ليس كل الأولاد باللون الأزرق” لجورج إم جونسون.
وأشار إلى أن “الجزء الوحيد من الجانب المشرق هو عندما تخبر الطلاب أن هذا الكتاب موجود في تلك القائمة، أو أن المنطقة لا تريد منك أن تقرأ هذا الكتاب، يصبح فجأة الكتاب الذي لا يمكنني إبقاؤه على الرف”.