كريتر نت – متابعات
صوت مجلس النواب الليبي الخميس بالموافقة بالإجماع على تسمية وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا رئيسا للحكومة الجديدة المرتقبة وهو ما اعتبره مراقبون فوزا مستحقا لباشاغا الذي عرف كيف يستغل فترة ابتعاده عن السلطة لتوطيد العلاقات بخصومه في الشرق وخاصة قائد الجيش المشير خليفة حفتر، لكن التساؤلات الآن عن الطريقة التي سيقوم من خلالها بانتزاع السلطة من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة الذي أكد مرارا أنه لن يسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة.
وحضر أكثر من 140 نائبا جلسة الخميس في البرلمان وصوتوا بالتأييد لإعادة صياغة الدستور الليبي المؤقت بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، حسبما قال المتحدث باسم مجلس النواب عبدالله بليحق.
وأوضح المتحدث أن باشاغا أُمهل عشرة أيام لتسمية أعضاء حكومته وتقديمها للبرلمان لإجراء تصويت بالثقة عليها.
وقال المراقبون إن المرحلة السابقة كانت مرحلة التقاط أنفاس لباشاغا الذي حقق انتصارا عسكريا بحماية طرابلس وهو الآن يحاول تحقيق انتصار سياسي بالعودة إلى السلطة.
ويرى هؤلاء المراقبون أن ما بين حفتر وباشاغا كان كبيرا لكنهما تجاوزاه في حين وقع الدبيبة في فخ التنافر مع حفتر والبرلمان الذي أصر في النهاية على إنهاء حكمه من خلال التوافق مع جهات سياسية.
وكان باشاغا زار في ديسمبر الماضي رفقة نائب المجلس الرئاسي السابق أحمد معيتيق مدينة بنغازي والتقيا حفتر وعددا من المترشحين للانتخابات الرئاسية التي تم تأجيلها إلى تاريخ غير مسمى.
ليس من الواضح ما إذا كان تعيين البرلمان لرئيس وزراء جديد سيؤدي سريعا إلى تجدد القتال
ووزعت صفحات ونشطاء مؤيدون لفتحي باشاغا بيانا دعوا من خلاله الإعلاميين إلى مواكبة مؤتمر صحافي لرئيس الحكومة المكلف في مطار معيتيقة بطرابلس مساء الخميس. ويبعث مكان المؤتمر (مطار معيتيقة بطرابلس) برسائل تعزز الثقة في قدرة باشاغا -الذي يمتلك نفوذا كبيرا على كبرى المجموعات المسلحة في المنطقة الغربية وخاصة في مصراتة التي ينحدر منها- على السيطرة على طرابلس.
ويرى متابعون أن السماح لباشاغا بالنزول في طرابلس يعني التمهيد لتسليمه السلطة دون قتال.
ويدرك باشاغا جيدا أن عدم دخوله طرابلس يعني في النهاية مصيرا مشابها لحكومة عبدالله الثني لذلك سيحرص على دخول العاصمة حيث تتواتر الأنباء منذ فترة بشأن ترتيبات أمنية عقدها مع المجموعات المسلحة تحضيرا لتوليه السلطة وربما للتصدي عسكريا للدبيبة في صورة ما إذا رفض تسليم الحكم تماما كما حصل مع رئيس الحكومة الأسبق خليفة الغويل الذي رفض تسليم السلطة لحكومة الوفاق في 2016 فكان أن انقلبت عليه المجموعات المسلحة من داخل طرابلس بالإضافة إلى مجموعات من مصراتة ساندتها.
والأربعاء شدد الدبيبة على أن حكومته “مستمرة في عملها”، ولن يسمح بـ”مرحلة انتقالية جديدة”، ولن يسمح “للطبقة السياسية المهيمنة طوال السنوات الماضية بالاستمرار لسنوات أخرى”.
ورحب خليفة حفتر، الخميس، باختيار باشاغا رئيسا لحكومة البلاد الجديدة. وجاء ذلك وفق بيان لمتحدث حفتر، أحمد المسماري، عبر حسابه على فيسبوك، عقب ساعات من اختيار مجلس النواب الليبي باشاغا للمنصب الجديد. وأفاد البيان بـ”ترحيب وتأييد القيادة العامة (في إشارة إلى حفتر) باختيار مجلس النواب لفتحي باشاغا، رئيسا للحكومة الجديدة وتولى قيادة البلاد نحو مستقبل أفضل”.
عبدالحميد الدبيبة.. السياسي الذي وعد بترك منصبه ولم يف
ودعا إلى “العمل على فرض هيبة الدولة، والحفاظ على مقدرتها، وحماية المؤسسات السيادية من ابتزاز الخارجين عن القانون وهيمنتهم”.
وأضاف “الحكومة ستدعم مجهودات اللجنة العسكرية (5+5) وتمهد لإجراء الانتخابات وتسعى لإرساء قواعد الأمن والأمان، وتدعم الحرب على الإرهاب، وتوحيد مؤسسات الدولة”.
وتأتي التطورات الأخيرة بعد انهيار الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر الماضي والتي كانت حجر الزاوية في عملية السلام التي تدعمها الأمم المتحدة. ومنذ ذلك الوقت تتنافس الفصائل المتناحرة على فرض سيطرتها على الحكم وكذلك على تأمين وضعها في ما سيحدث مستقبلا.
وحشدت الفصائل المسلحة، سواء المتحالفة مع حكومة الوحدة أو المناوئة لها، قواتها في طرابلس مؤخرا، كما بدأ السكان في ملاحظة وجود المزيد من المقاتلين في الشوارع وباتوا يخشون تصاعد التهديد المستمر والواضح باندلاع عنف مفاجئ.
ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان تعيين البرلمان لرئيس وزراء جديد سيؤدي سريعا إلى تجدد القتال الذي اندلع خلال معظم فترات العقد الماضي وتسبب في تدمير أحياء كاملة في المدن الليبية.
وينتمي كل من الدبيبة وباشاغا إلى مصراتة وهي مدينة ساحلية ينحدر منها البعض من أقوى الفصائل المسلحة المتمركزة في طرابلس والتي تسعى باستمرار إلى توسيع نفوذها وإيراداتها.
وعلى مدى الأشهر الأخيرة اتحدت الفصائل المسلحة المتنوعة في العاصمة في معسكرين رئيسيين، أحدهما متحالف بوضوح مع الدبيبة، مما يجعل من السهل اندلاع القتال في الشوارع على خلفية النزاعات السياسية. ومع ذلك يبدو من غير المرجح أن يسعى القادة السياسيون باختلاف توجهاتهم والقوى الأجنبية التي تدعمهم للدخول في مواجهة مسلحة في الوقت الحالي.