كريتر نت – متابعات
يسيطر التردد على موقف الدول الأوروبية من مسألة اللجوء إلى استبعاد روسيا من نظام “سويفت” المصرفي، لأن هذه الخطوة ستعقد الوضع بشأن الحصول على الغاز الروسي وطريقة دفع الأموال للحصول عليه.
ورغم طرح الموضوع على الطاولة في قمة الاتحاد الأوروبي الخميس في بروكسل، والتي خصصت لبحث الرد على غزو أوكرانيا، لم يقرر القادة أي إجراء لمنع البنوك الروسية من استعمال “سويفت” الذي يعد أداة أساسية في المنظومة المالية الدولية.
وقد أعربت عدة دول، من بينها ألمانيا والنمسا والمجر، عن تحفظات وتخوّفات من تأثير القرار على إمداداتها من الغاز الروسي.
يورغن تريتين: يجب توخي الحذر حتى لا نؤذي أنفسنا أكثر من الآخرين
ويقول مراقبون إن أوروبا لا يمكنها المجازفة بهذه الخطوة حتى لو تمسكت بها واشنطن، فإلى حد الآن ليست هناك مؤشرات على أن أوروبا ستتمكّن من إيجاد بديل عن الغاز الروسي في ظل محدودية الرهان على بدائل أخرى مثل غاز قطر التي قالت إنها لا تقدر على ضخ كميات جديدة سوى في حدود 10 إلى 15 في المئة.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبستريت الجمعة إن “قطع سويفت ستكون له تداعيات هائلة… على الشركات الألمانية في علاقاتها مع روسيا، ولكن أيضا على تسوية مدفوعات إمدادات الطاقة”.
أما رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان فرحّب بكون العقوبات التي أُقرّت الخميس “لا تشمل الطاقة”، ما يضمن “إمدادات الطاقة للمجر ودول أعضاء أخرى في الاتحاد الأوروبي”.
وتشكّل الإمدادات الروسية حوالي 40 في المئة من إجمالي حاجيات أوروبا من الغاز، فيما يتجه نحو 2.3 مليون برميل من الخام الروسي غربا كل يوم عبر شبكة من خطوط الأنابيب.
وعبارة “سويفت” اختصار لجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، وهي شركة مقرها في بروكسل وبالتالي تخضع للقانون البلجيكي والأوروبي، وتعد واحدة من أكبر شبكات المراسلة المصرفية والمالية، وتتيح التسويات البنكية بين المؤسسات المالية في مختلف أنحاء العالم.
ووفق موقع الجمعية الوطنية الروسية “روسويفت”، فإن روسيا هي الدولة الثانية بعد الولايات المتحدة في عدد مستخدمي هذا النظام الذي يضم نحو 300 بنك ومؤسسة روسية.
ويسمح هذا النظام مثلا لألمانيا بأن تدفع إلكترونيا ثمن مشترياتها من الغاز الروسي.
ويُعتبر حظر دولة من هذا النظام “سلاحا نوويا اقتصاديا”، لما له من تأثير كبير على العلاقات الاقتصادية للبلد المعني مع بقية العالم.
لكن فصل دولة عن “سويفت” يعني أيضا منع البنوك من إجراء معاملات مع بنوك الدولة المعاقبة، وهو أمر يقلق الدول الأكثر اعتمادا -اقتصاديًّا- على روسيا، مثل ألمانيا.
وقال خبير الشؤون الدولية في حزب الخضر الألماني يورغن تريتين “يجب دائما توخي الحذر حتى لا نؤذي أنفسنا أكثر من الآخرين، فحينها لن يكون للعقوبات معنى”.
وطلب وزراء المال الأوروبيون خلال اجتماع الجمعة من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي “تقييم عواقب أكبر منعٍ للمؤسسات الروسية من الوصول إلى النظام المالي”، وفق بيان لهم. وأكدوا أن “كل الخيارات مطروحة على الطاولة”.
وأعلنت النمسا على لسان مستشارها كارل نهامر أن العقوبات الاقتصادية التي قررها قادة مجموعة السبع الخميس ستؤثر بالفعل على 70 في المئة من معاملات البنوك الروسية، ما يجعل حظر نظام “سويفت” عن روسيا غير ضروري.
لكن الانتظار والتردد يسببان انزعاجا حتى داخل أوروبا، فقد قال الرئيس السابق للمجلس الأوروبي دونالد تاسك إن “حكومات الاتحاد الأوروبي التي عطلت القرارات الصعبة… يجب أن تشعر بالخزي”، وهو انتقاد أعربت عنه أوكرانيا أيضا.
وتحاول بريطانيا ثني الاتحاد الأوروبي عن موقفه، فقد دعا رئيس وزرائها بوريس جونسون خلال اجتماع مجموعة السبع إلى المضي قدما في حظر نظام “سويفت” عن روسيا، وفق ما أفاد به متحدث.
وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس لراديو بي بي سي “نريد تعطيل سويفت، هناك دول أخرى لا تريد ذلك”.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أكد الخميس أن استبعاد روسيا من “سويفت” يظل “خيارا”، مقرا في الآن نفسه بأن “الأوروبيين لا يتشاركون هذا الموقف حاليا”.