عادل اليافعي
بعد هروب الرئيس هادي الى عدن من إقامته الجبرية بصنعاء كنّا بين مكذب ومصدق أن عفاش سيدفع بقواته لملاحقته وخصوصا بعد خطاب الحوثي الذي وصف ابناء الجنوب أنهم أصحاب حق ومظلومين ، قلنا حينها هذا الرجل لا يكذب وسيبقى في صنعاء فهناك اعدائه الذين قاتلوه ستة حروب وليس الجنوب ثم تابعنا بعدها حديث المخلوع في تعز عندما تبجح بكبرياء وبلغة المنتصر قائلا :
لم يبقى لهم سوى البحر للهرب لانه كان يعلم ما لديه وما لدينا بالتفصيل ، هنا فقط ايقنت أنهم قادمون لا محالة وحينها كان لي حديث مع أحد الضباط المقربين من هادي فقلت له هل لدينا قوة كافية لصد أي هجوم قادم إلينا قال نعم بتوجس : لدينا عدة دبابات بالحرس الرئاسي وجبل حديد ممتلئ سلاح كما وصلت سفينة من روسيا البيضاء محملة باحدث الاسلحة الفتاكة ، تطمنت مؤقتا حينها وقلت لن يتكرر مشهد إحتلال 94 من جديد.
هكذا كان تفكيري ولم أكن اعلم بحجم الخيانة التي كانت تحيط و تنتظر عدن وأهلها سوى عندما سقط العند وأسر الصبيحي و غادر هادي الى عمان ولم يبقى حينها للشعب الجنوبي سوى مواجهة المصير الأسود المحتوم والذل والهوان الجديد البشع ، فكل المعسكرات المحيطة بعدن تآمرت ووقفت مع الغزو وكل الخلايا والعملاء والخونة الذين عاشوا بيننا قاموا قومة رجل واحد وطعنوا عدن من الخلف !!
لقد سقطت عدن وأظلم الكون أمامنا !!
أنهار الشعب كاملا وشلت الحركة بل أن الرجال في ذلك اليوم بكوا قهرا وحزنا وكمدا وهم يَرَوْن مدينتهم تجتاحها مليشيات طائفية همجية ستستبيح الأعراض وتهين الرجال وتستعبد القوم وتأخذنا جميعا ونصبح من أملاكها !!
في ظل هذا التخبط والارتباك والفوضى خرجت المقاومة هنا وهناك بسلاح قليل لا يقوى على الصمود لفترة طويلة ، كانت جحافلهم بالالاف تتقدم من كل الجبهات من لحج وأبين وعمران وكلما قتل منهم عدد كبير عاد مثلهم وأكثر كانوا يريدون إنهاء الامر بسرعة مهما كلف الامر ، بدأت المديريات تتساقط حتى وصلوا الى التواهي والنَّاس في حزن شديد بين مكذب ومصدق وهم يعلنون في قنواتهم أن قواتنا انتصرت وانتهى الامر ، يا لها من أيام سوداء لا تنسى !!
أنتهت ذخيرتنا و استشهد شبابنا الابطال وهم يدافعون بكل قوة وصمود لكن عدوهم كان أقوى عدة و عتاد وجاهز لهذه اللحظات فعدو الداخل من الخلايا النائمة كان أقوى من القوة المداهمة المتقدمة !!
كثيرون اعلنوها صراحة أن الامر انتهى وسقطت عدن مجددا فقط عامل وقت ولابد من التسليم بالامر الواقع والخضوع لهذا العدو الغاشم او نهرب عبر البحر كما أعلن عفاش !!
كانت نداءات الاستغاثة تخرج من عدن ترتفع بألم وحرقة وقهر ، تدمرت البلد وقتل الشعب ولم يبقى سوى قاب قوسين او أدنى من السقوط النهائي وإعلان بيان نصرهم علينا !!
ثم جاءت الامارات العربية المتحدة بكل ثقلها ومالها ورجالها ونحن في الرمق الأخير وكأنها يد امتدت من السماء تنقذ الشعب من السقوط في الهاوية .
جاء ابناء زايد بطائراتهم التي صبت حممها على الغزاة ، جاءت الامارات بدباباتها ومدفعيتها وصواريخها التي احرقت الارض من تحت اقدام العدو ، جاءت الامارات ملبية نداء العقيدة و الاخوة والنخوة ونزل رجالها شوارع عدن ملتحمين بالمقاومة المنهكة قائلين لهم اثبتوا نحن معكم حتى النصر ..
يا الله ما أروعها من لحظات عندما كنّا نرى عرباتهم المدرعة تنزل الى السواحل وعندما كنّا نرى بحريتهم تحرق اي تقدم وعندما كانت مريم المنصوري تحوم بطائرتها تدمر كل شي يتحرك لتعزيز قوات العدو ، جاء السلاح الحديث للشباب وجاءت الأموال وجاءت بواخر الدعم وجاءت المواد الغذائية والدوائية للجبهات ، صمد الشعب وارتفعت معنويات المقاتلين لم يصدقوا مايحدث كيف تحولت الامور لصالحنا ، ولسان حالهم يقول يارب لك الحمد وشكرا للامارات ..
أرتفعت الاعلام الأماراتية فوق البيوت والسيارات والمحال والمساجد بل ان ابناء عدن كانوا يتباهون به ويشترونه بأسعار غالية ، عشق الشعب الجنوبي الامارات وخصوصا عندما شاهدوا وجه لوجه أخلاق وتواضع الجيش الاماراتي وكيف كان يتعامل معهم بكل حب وود وتواضع ورحمة ..
أنتصرت عدن ومتزج الدم الاماراتي بالجنوبي في ملحمة عربية تاريخية الاولى من نوعها منذ عقود طويلة وقطعت يد إيران وهزم العدو الغاشم شر هزيمة وحينها عمت الافراح وخرج الشعب مبتهلا لله رافعا صور قادة الامارات والمملكة وبكى الجميع فرحا وكل ذلك مر كأنه حلم لم نصحوا منه حتى الان !!
فهل بعد ذلك نتسأل ماذا قدمت الامارات لنا !
هل أخلاقنا وقيمنا تجعلنا ننسى او نتناسى او نتجاهل ونقول ماذا فعلت الامارات !
هل اصبحنا ناكري المعروف والجميل في امر كاد ان يجعلنا عبيدا مدى الحياة بسبب نقص الخدمات التي تسبب بها عفاش ورجاله !!
و قبل أن ننسى وأختم مقالي ، نسأل أنفسنا ؟
ماذا لو تركنا لوحدنا نقاتل ونحن لا نملك زادا ولا سلاحا ولا مالا في مواجهة الغزو كيف هو حالنا اليوم بعد عام من الاجتياح البربري !!!
هذا هو السؤال التاريخي الذي يجب أن يطرح كل يوم ؟
شكرًا إمارات الخير والعطاء..