كريتر نت – العرب
أعلنت السلطات الأوكرانية أنّ نيران القوات الروسية استهدفت الجمعة محطة زابوريجيا النووية الواقعة في وسط أوكرانيا والأكبر في أوروبا ممّا أسفر عن اندلاع حريق في مبنى للتدريب، مطمئنة إلى عدم تضرّر أيّ معدّات “أساسية” فيها، في قصف رأى فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لجوءاً من موسكو إلى “الرعب النووي” ومحاولة “لتكرار” كارثة تشيرنوبيل.
وقال المتحدّث باسم المحطة أندري توز في مقطع فيديو نشر على حساب المحطة على تطبيق تلغرام إنّه “نتيجة لقصف للقوات الروسية على محطة زابوريجيا النووية اندلع حريق”.
ولاحقاً، طمأن أولكسندر ستاروخ، رئيس الإدارة العسكرية لمنطقة زابوريجيا، إلى أنّ السلامة النووية لهذه المنشأة باتت “مضمونة”.
وقال عبر فيسبوك إنّ “مدير المحطة أشار إلى أنّ السلامة النووية باتت مضمونة. بحسب المسؤولين عن المحطة، فإنّ مبنى للتدريب ومختبراً تضرّرا من جرّاء الحريق”.
بدورها أعلنت السلطات الأوكرانية أنّ فرق الإطفاء تمكنت من إطفاء الحريق حيث قال جهاز الطوارئ التابع للحكومة في بيان على صفحته في موقع فيسبوك إنّه “في الساعة 06:20 (04:20 ت غ) تمّ إخماد النيران. ليس هناك ضحايا”.
وأعلنت وكالة تفتيش المواقع النووية الاوكرانية أن القوات الروسية تحتل أراضي منشأة زابوريجيا النووية في جنوب البلاد.
وقالت الوكالة التابعة للدولة “تحتل القوات المسلحة للاتحاد الروسي أراضي محطة زابوريجيا النووية. يتحكم طاقم التشغيل بأقسام الطاقة ويؤمن تشغيلها وفقا لمتطلبات القواعد التقنية لسلامة التشغيل”.
لا تغيّر في الإشعاعات
من ناحيتها، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنّ أوكرانيا لم ترصد “أيّ تغيّر” في مستوى الإشعاعات في المحطة بعد القصف والحريق.
وقالت المنظمة الدولية في تغريدة على تويتر إنّ “الهيئة الناظمة الأوكرانية أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنّه لم يسجّل أيّ تغيّر في مستويات الإشعاعات في موقع محطة زابوريجيا”.
وأضافت الوكالة التابعة للأمم المتّحدة أنّ “أوكرانيا أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنّ الحريق الذي اندلع في موقع محطة زابوريجيا للطاقة النووية لم يؤثّر على المعدّات الأساسية، وان طاقم المحطة يتّخذ إجراءات” لاحتواء الحريق وإخماده.
ودعت الوكالة إلى وقف استخدام القوة قرب هذه المنشأة النووية، محذّرة من “خطر جسيم” إذا ما أصيبت مفاعلاتها.
وقالت الوكالة في تغريدة أخرى إنّها “تدعو إلى وقف استخدام القوة وتحذّر من خطر جسيم إذا أصيبت المفاعلات”، مشيرة إلى أنّ مديرها العام رافاييل ماريانو غروسي على اتصال مع السلطات الأوكرانية ومشغّلي المحطة لتقييم الوضع.
وصباح الجمعة أعلنت أجهزة الطوارئ الأوكرانية أنّ القوات الروسية منعت فرق الإطفاء من الوصول إلى المحطة لإخماد الحريق.
وقالت أجهزة الطوارئ في بيان على فيسبوك إنّ “الغزاة لا يسمحون لوحدات الإنقاذ العامة الأوكرانية بمباشرة إخماد الحريق”، مشيرة إلى أنّ النيران مندلعة في “مبنى للتدريب” في المحطة وأنّ مفاعلاً واحداً من مفاعلاته الستّة يعمل حالياً.
ولاحقاً أعلنت أجهزة الطوارئ أنّ فرق الإطفاء تمكّنت من الوصول إلى المحطة لإخماد الحريق.
الرعب النووي.
وإثر هذا القصف اتّهم الرئيس الأوكراني روسيا باللجوء إلى “الرعب النووي” والسعي “لتكرار” كارثة تشيرنوبيل.
وقال زيلينسكي في رسالة عبر الفيديو “ليس هناك أي بلد آخر في العالم سوى روسيا أطلق النار على محطات للطاقة النووية. إنّها المرة الأولى في تاريخنا، في تاريخ البشرية. هذه الدولة الإرهابية تلجأ الآن إلى الرعب النووي”.
وأضاف أنّ “أوكرانيا لديها 15 مفاعلاً نووياً. إذا حدث انفجار، فستكون نهاية كلّ شيء، ستكون نهاية أوروبا، سيتمّ إخلاء أوروبا”.
وحذّر الرئيس الأوكراني من أنّه “فقط تحرّك أوروبي فوري يمكنه أن يوقف القوات الروسية. يجب أن نمنع أوروبا من الموت بسبب كارثة نووية”.
وذكّر زيلينسكي بأنّه بسبب كارثة تشيرنوبيل في 1986 “مئات الآلاف عانوا من عواقب وعشرات الآلاف تمّ إجلاؤهم. روسيا تريد تكرار ذلك، وهي تكرّره الآن”.
وبحث الرئيس الأوكراني هذا التطور مع كلّ من نظيره الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
وقال البيت الأبيض في بيان إنّ بايدن “حضّ روسيا على وقف أنشطتها العسكرية في المنطقة والسماح لفرق الإطفاء وطواقم الإنقاذ بالوصول إلى موقع” المحطة.
من جهته قال مسؤول كبير في الرئاسة الأميركية إنّ لا مؤشّر في الوقت الراهن على “مستويات إشعاعية مرتفعة”.
تهوّر بوتين يهدّد أوروبا بأسرها
وفي لندن قالت رئاسة الوزراء إنّ جونسون حذّر إثر محادثة هاتفية مع زيلنسكي من أنّ تصرّفات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “المتهوّرة” يمكن أن “تهدّد مباشرة سلامة أوروبا بأسرها”.
وأفاد داونينغ ستريت في بيان أنّ “رئيس الوزراء قال إنّ تصرّفات الرئيس بوتين المتهوّرة يمكن الآن أن تهدّد سلامة أوروبا بأسرها”، مشيراً إلى أنّ جونسون سيسعى لأن يعقد مجلس الأمن الدولي في غضون الساعات المقبلة اجتماعاً طارئاً لبحث هذه المسألة.
وفي تغريدة على تويتر ناشد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا القوات الروسية وقف قصفها للمحطة، محذّراً من أنّه إذا انفجرت فسيتسبب الانفجار بكارثة نووية تفوق بعشرة أضعاف كارثة تشيرنوبيل.
وقال كوليبا “إذا انفجرت فسيكون الانفجار أكبر بعشر مرّات من تشيرنوبيل! على الروس أن يوقفوا القصف فوراً وأن يدعوا فرق الإطفاء تصل إليها وأن يسمحوا بإقامة منطقة أمنية حولها”.
وكانت كييف أبلغت الخميس الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوجود دبابات وعسكريين روس على مقربة من بلدة إنيرهودار التي تبعد كيلومترات قليلة عن محطة زابوريجيا للطاقة النووية.
ومحطة زابوريجيا التي بُنيت في 1985، حين كانت أوكرانيا لا تزال جزءاً من الاتحاد السوفياتي السابق، تضمّ ستة مفاعلات نووية وتوفّر جزءاً كبيراً من احتياجات البلاد من الكهرباء.
وفي 24 شباط/فبراير دارت معارك بين القوات الروسية والجيش الأوكراني قرب محطة تشرنوبيل للطاقة النووية المغلقة منذ 1986 حين وقع فيها أسوأ حادث نووي في التاريخ.
ومحطة تشيرنوبيل التي تسيطر عليها حالياً القوات الروسية تقع على بُعد حوالي مئة كيلومتر شمال كييف وقد شهدت في 26 نيسان/أبريل 1986 أسوأ حادث نووي في تاريخ البشرية إذ انفجر يومها مفاعل وتسبّب بتلوث في ثلاثة أرباع أوروبا تقريباً، ولاسيما في الاتّحاد السوفياتي.
وإثر الانفجار أجلي نحو 350 ألف شخص من محيط 30 كيلومتراً حول المحطة التي لا تزال منطقة محظورة. وما زالت حصيلة الخسائر البشرية لهذه الكارثة موضع جد.