أحمد النجار
مجرد حمل كاميرا تصوير في اليمن، تشكل خطراً على حياة الشخص، وتصبح مجازفة غير محسوبة عندما يتعلق الأمر بصناعة الأفلام، ذلك أن الفنون على اختلاف أشكالها تحاربها قوى الظلام بكماشة القمع، عدا أن كونها تشكل خطراً يجلب الكثير من المتاعب لصانع المحتوى، قد يكون أهونها تحطيم معدات التصوير، وأعنفها الاختطاف إلى أقبية سرية.
إلا أن المخرج السينمائي علاء الشميري قرر تجاوز ذلك الحصار الأسود على الإبداع، فترك بلده بحثاً عن شغفه في مواصلة دراسة الإخراج السينمائي في جامعة الإعلام بمدينة بكين في الصين.
أفلام تصطاد جوائز بطلتها مآسي اليمنيين
خلال سنوات دراسته بالجامعة الصينية، أنتج علاء أول مسرحية أجنبية تقام في مسرح جامعة الإعلام ببكين، قدم خلالها نفحات الثقافة والفلكلور اليمني من أزياء وموسيقى وأغنيات تراثية، وأصدر فيلم “سهيل” رصد فيه معاناة الإنسان اليمني في الداخل والخارج، وشارك في مهرجانات الأفلام الصينية والمسابقات ممثلاً فيها اليمن، فحصد أربع جوائز من بداية ٢٠٢٠ إلى ٢٠٢١. منها جوائز عن أفضل فيلم وثائقي في مهرجان مايكرو فيلم الصيني، وحصوله على الجائزة الكبرى في مهرجان reasons to love Beijing 100، وجائزة “بكين فان” للفيديو القصير، كما تم تكريمه من قبل السفارة اليمنية في بكين.
ترميم الوجه القبيح للحرب
وكشف علاء في حوار خاص مع “العرببة.نت” بأنه يسعى إلى صناعة فيلم يمني يصل إلى العالمية ينقل رسالة عن معاناة الشعب اليمني الذي مزقته ويلات الحرب، من خلال تقديم مشاهد فيلمية لترميم الوجه القبيح الذي شوهته أطراف النزاع عن حضارة البلد الحزين، وتحطيم الصورة النمطية البائسة المرتسمة في ذهن العالم عن الشعب اليمني المنسي وسط ركام الدمار.
تعاطف الشعب الصيني مع معاناة اليمنيين
وقال علاء إنه خلال مكوثه في الصين وجد التعاطف من الشعب الصيني مع اليمنيين جراء ما تعيشه بلادهم من صراعات وحروب، مشيراً بأنهم ينظرون إلى أحفاد حمير بأنهم أبناء حضارة عريقة وورثة تاريخ وثقافة عمرها 7 آلاف سنة، وأضاف: “يظهر الشعب الصيني دائماً إعجابه بالتاريخ اليمني والحضارة الصينية العريقة، وهذا ما يجعل معظم الصينيين مهتمين بالتاريخ والثقافة والأزياء والأنغام والمأكولات، كما أنهم يظهرون تعاطفهم مع الشعب اليمني جراء ما يتعرض له من قتل ومعاناة”.
ويلفت علاء: “أسعى لتقديم محتوى ثقافي وتوعوي يتضمن تاريخ اليمن حضارة. فناً وتراثاً وإنساناً، معتبراً أن أي صانع أفلام يمني لا بد أن يبدع محتوى مهماً عن بلده في أوج المحن والأزمات”.
تأثيرات الحرب بعد عشرات السنين
وحسب علاء فإن موضوع اليمن ليس مجرد خبر عاجل على نشرات الأخبار الدولية بل إنه وجع طارئ يلهب ضمير الإنسانية، ويضيف: “هنالك أشياء جميلة في اليمن لم تقدم بعد، وهناك أفلام قصيرة وفلاشات كلها تشرح معاناة اليمن واليمنيين. فمن واجبي كصانع أفلام تقديم وإنتاج مواد فيلمية تساهم في ترسيخ الوعي المجتمعي وإنهاء جلبة الصراعات والحروب.
وينهمك علاء حالياً في تصوير فيلم تخرج بعنوان “memories”، يتضمن رؤية سينمائية لمحتوى يسابق الأحداث ينظر من خلاله للمستقبل بعين الطائر، يناقش مدى تأثيرات الحرب على الإنسان حتى عقب انتهائها بعشرات السنين، كما يستكشف بعمق الأضرار الإنسانية والنفسية. أما في فيلم (memories) فيروي علاء عبر عدسته قصة اليمن كثقافة وحضارة عريقة يقدمها للعالم تماماً كما يراها بمنزلة الأم.
مشاريع سينمائية تعكس الواقع المرير
إلى ذلك، يحضر علاء مشاريع فيلمية عقب تخرجه هذا العام، عازماً تنفيذها في المستقبل عن اليمن على أرضها، فمن الصعب جداً تصوير سيناريو يمني خارج البلاد، فهو يهتم بالأصالة وبجمال الطبيعة والتنوع الجغرافي والمباني والبيئة اليمنية فهي برأيه تجعل الفيلم واقعياً وتزيده جمالاً يعكس واقعه المرير في عيون الجمهور من أنحاء العالم.
حلم العودة للبلاد المسلوبة
يخطط علاء للعودة إلى بلاده المسلوبة في الوقت المناسب بعد إكمال دراسته في الصين، ذلك أن أسرته حالياً يعيشون في القاهرة حيث يربط عودته بمدى مواءمة الظروف والمناخ اللازمة للعمل، معتبراً مسألة العودة أمر لابد منه، لكنه لا يزال يتطلع إلى مواصلة دراسة الماجستير في الإخراج السينمائي.
المصدر : العربية نت