كريتر نت – العرب
كشف مصدر خاص في محافظة صعدة في شمال اليمن لـ”العرب” عن ترحيب عدد من أبرز علماء ومراجع المذهب الزيدي في المحافظة التي تعد معقل الجماعة الحوثية بقرار مجلس الأمن الدولي بشأن تصنيف جماعة الحوثيين جماعة إرهابية.
وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه نقلا عن العلماء محمد عبدالعظيم الحوثي وعلي مسعود الرابضي ومحمد عوض المؤيدي وعدد آخر من أبرز علماء المذهب الزيدي في صعدة؛ تأكيدهم على أن “هذا القرار الموفق الذي صدر لأول مرة يعد إنجازا نوعيا وتاريخيا”، كما يعتبرون القرار “خطوة هامة في الاتجاه الصحيح”.
وقال المصدر المقرب من العلماء المذكورين وعدد آخر من علماء صعدة المناهضين للنهج الحوثي إنهم “طالما انتظروا مثل هذا القرار منذ بداية الانقلاب” وتأكيدهم على أن “هذا القرار الموفق سوف يسهم إسهاما فعليا في منع وصول الدعم الإيراني المتمثل في الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة وكذلك في منع الدعم المالي القادم من إيران أيضا”.
وقال وجهاء وسياسيون من محافظة صعدة مناهضون للحوثي إن مثل هذا الموقف الذي صدر عن عدد من أبرز مراجع المذهب الزيدي في صعدة واليمن عموما، ليس أمرا مفاجئا، بل إنه يندرج في سياق صراع طويل بين تيارات متباينة داخل المذهب الزيدي والجماعة الحوثية التي يرى عدد من مراجع الزيدية في اليمن أنها انحرفت عن مبادئ المذهب وارتمت في أحضان المشروع الإيراني سياسيا وفكريا، بما يضر بالمذهب وأتباعه.
وفي تصريح خاص لـ”العرب”، تعليقا على هذا البيان الصادر عن علماء صعدة، أكد فهد طالب الشرفي السياسي اليمني وأحد وجهاء محافظة صعدة أن هذا البيان يؤكد على أن “هناك فعلا تيارا زيديا لازال يرفض الرضوخ لأفكار إيران والمشروع الذي يقوده عبدالملك الحوثي والذي حاول تمييع المذهب والاستفادة من الكثير من إرثه وقطاعاته الاجتماعية وشبكات نفوذه في مناطق ما يسمى المناطق الزيدية”.
وأضاف الشرفي أن “هذا التيار الذي يقوده محمد عبدالعظيم الحوثي وفيه عدد من العلماء له العشرات من المساجد والمئات من المناطق التي ما زالت توالي هؤلاء العلماء، على الرغم من وجود عدد من علماء الزيدية أو من كانوا محسوبين على الزيدية الذين ذابوا وانخرطوا في مشروع الحوثي تحت تأثير القوة أو تحت تأثير المصلحة والاستقطاب، فيما ظل هذا التيار ممانعا بالرغم من كونه يعاني الكثير من القمع الذي تواجه به جماعة الحوثي كل المخالفين”.
ولفت الشرفي إلى أن هذا التيار الزيدي المعارض للحوثيين يوجد في مناطق يظنها البعض مغلقه على الحوثيين فقط مثل صعدة وعمران وحجة وصنعاء وذمار، حيث لازال الكثير من المساجد التي يتوزع فيها مرشدو الزيدية تمانع رفع الشعارات أثناء صلاة الجمعة فيما تحدث مشادات ومهاترات وتوترات واشتباكات ومواجهات مستمرة تتجدد بين الفينة والأخرى بين أتباع هذا التيار وبين الحوثيين.
وعن تاريخ الصراع بين بعض التيارات الفاعلة في المذهب الزيدي والجماعة الحوثية، تابع الشرفي قائلا “آخر هذه المواجهات تمت في آل حميدان بصعدة وسقط على إثرها العشرات من القتلى والجرحى من أتباع المذهب الزيدي الذين حوصروا في منطقة آل حميدان وحشدت الحوثية قضها وقضيضها بالأسلحة الثقيلة لمحاصرة هذه المنطقة ونتج عن ذلك الكثير من الدمار والكثير من الضحايا والعشرات من الأسرى الذين مازال بعضهم إلى الآن مغيبين في سجون الجماعة الحوثية.”
كما أن هناك ممانعة ورفضا للحوثيين من داخل المناطق الزيدية، كان آخرها البيان الذي صدر عن بعض علماء المذهب الزيدي ومراجعه في صعدة وأعلنوا فيه لجميع أتباعهم ضرورة مقاطعة صلاة الجمعة وعدم إقامتها انطلاقا من القاعدة الفكرية الزيدية التي تقول إن صلاة الجمعة لا تقام في ظل سلطان ظالم وجائر واعتبروا أن سلطة الحوثي سلطة ظالمة وجائرة.
وعلى إثر هذا البيان حاول الحوثيون بكل جهدهم أن يضغطوا على محمد عبدالعظيم الحوثي للتراجع عن هذا البيان الذي جاء ردا على محاولة الحوثيين دخول مساجد الزيدية وفرض خطب ومحاضرات فيها من “الملازم” الحوثية وهو ما جعل جماعة محمد عبدالعظيم بين خيارين، إما المواجهة العسكرية التي بالطبع ستكون نتائجها لمصلحة جماعة الحوثي لأنها استولت على سلاح الدولة وهي أقدر على حسم هذه المعركة، أو مقاطعة صلاة الجمعة.
ويتزعم المرجع الزيدي البارز في صعدة محمد عبدالعظيم الحوثي تيارا مناهضا للجماعة الحوثية، وقد شهدت مناطق مختلفة من صعدة مواجهات متفرقة بين أتباع عبدالعظيم وعبدالملك الحوثي في أوقات متفاوتة على خلفية الصراع الفكري بين تيارين تقليدي وآخر متأثر بأفكار الخميني أو ما يسمّى الثورة الإسلامية في إيران، إلى جانب التأثيرات القادمة من المذهب الجعفري التي يرغب الحوثيون في مزجها بأفكار الزيدية ومبادئها في اليمن.