عدن – محمد راجح
تتضاعف المعاناة المعيشية لملايين الأسر اليمنية مع موجات الغلاء وشح السيولة النقدية والمساعدات، التي صدرتها الحرب الروسية في أوكرانيا أخيراً، والتي تزيد من أوجاعهم الناجمة بالأساس عن سنوات الحرب الداخلية التي دخلت عامها الثامن.
ويعاني اليمن من أزمة نقدية حادة وتدهور اقتصادي يجعلان حكومته عاجزة عن التعامل مع الأزمات الطارئة وتمدد الفقر والجوع والأزمة الغذائية إلى مستويات يصعب السيطرة عليها.
وأكد مسؤول حكومي بارز، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن الإغاثة الإنسانية تراجعت بشكل كبير خلال العام الماضي، ما أدى إلى تسارع انهيار الأمن الغذائي، مشيرا إلى أن الحكومة تبحث عن تمويلات لكبح الأزمات.
ونجحت الأمم المتحدة، الأربعاء الماضي، في عقد مؤتمر المانحين الذي دأبت على عقده سنوياً خلال السنوات القليلة الماضية، مطالبة مجتمع المانحين بنحو 4.3 مليارات دولار لمساعدة أكثر من 17 مليون شخص في جميع أنحاء اليمن هذه السنة.
واعتبر مسؤول أممي هذه الفعالية فرصة ليست فقط لجمع الأموال بل أيضا لأن يظهر المجتمع الدولي عدم تخليه عن اليمن، حتى بعد كل هذه السنوات، ومع أزمات جديدة بارزة. ومنذ عام 2015، أنفق المانحون، بحسب تأكيدات الأمم المتحدة، حوالي 14 مليار دولار للتخفيف من المعاناة في اليمن.
وقال الخبير الاقتصادي اليمني مطهر العباسي، نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق، لـ”العربي الجديد”، إن المتغيرات الطارئة أضافت بعداً مختلفاً لتعامل المانحين مع اليمن الذي يأتي الملف الإغاثي فيه في الصدارة حالياً، بينما في السابق كانت علاقة اليمن بمجتمع المانحين ترتكز بشكل رئيسي على برامج تنموية واستثمارية وخطط تمويلية يتم إقرارها بين الطرفين.
وتسببت الحرب الدائرة في اليمن منذ 2015 بالإضافة إلى جائحة كورونا خلال العامين الماضيين، في أزمة اقتصادية طاحنة، ترتب عليها انهيار قيمة العملة وموجات غلاء حادة، في حين أصبحت المساعدات الغذائية المصدر الوحيد للغذاء للملايين.
وتأتي الأزمة الأوكرانية لتضيف ضربة أخرى لليمن، حيث تواصل أسعار المواد الغذائية والوقود ارتفاعها بمستويات قياسية.
وقال المحلل الاقتصادي صهيب البعداني، وهو خبير سابق في جهاز استيعاب تمويلات المانحين الذي أنشأه اليمن في العام 2013، إن توجه التمويلات الدولية إلى الإغاثة الإنسانية بدلاً من انسيابها لتحريك مفاصل وأنشطة الاقتصاد اليمني ودعم قطاعات خدمية حيوية مثل التعليم والصحة والطرقات وغيرها، أدى إلى مضاعفة الأزمة الاقتصادية في اليمن واهتزاز كثير من القطاعات التنموية والاقتصادية الواعدة.
وتقول الأمم المتحدة إن اقتصاد اليمن المعتمد على الاستيراد أصبح أكثر هشاشة الآن مما كان عليه قبل أسابيع قليلة، ويحتاج بشكل عاجل إلى تمويلات المانحين بما في ذلك من خلال عمليات ضخ النقد الأجنبي والإجراءات الأخرى، لتجنب المخاطرة بمزيد من الضرر.
ويعتمد اليمن على الاستيراد لتلبية نحو 90% من احتياجاته الغذائية، إذ يأتي حوالي ثلث القمح من روسيا وأوكرانيا. وذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أخيراً، أن من المتوقع أن تصبح مستويات الجوع كارثية في اليمن الذي مزقته الحرب، حيث تدفع الأزمة الأوكرانية أسعار المواد الغذائية لأعلى مستوى.
المصدر العربي الجديد