كريتر نت – العرب
تسبب انفجار سيارة مفخخة في المدينة الخضراء بعدن في مقتل اللواء ثابت مثنى جواس قائد محور العند وقائد اللواء 131 مشاة، في تجدد لموجة الاغتيالات في المحافظات الجنوبية المحررة، وهو ما وصفه مراقبون اختراقا أمنيا جديدا ونصرا معنويا للميليشيات الحوثية بالنظر إلى تاريخ الضابط جواس الذي ينسب إليه قتل مؤسس الجماعة الحوثية حسين بدرالدين الحوثي في منطقة مران في حرب صعدة الأولى عام 2004.
وتشير مصادر مطلعة إلى نجاة جواس من عدة محاولات اغتيال، يعتقد وقوف الحوثيين وراءها بدافع انتقامي ولتسجيل انتصار معنوي بين أنصارهم، كما يأتي توقيت العملية التي تمت عبر سيارة مفخخة قبيل أيام من استضافة العاصمة السعودية الرياض لمشاورات يمنية – يمنية برعاية مجلس التعاون الخليجي.
وتحيل عملية الاغتيال وطريقة تنفيذها إلى تورط الحوثيين في عمليات مشابهة شهدتها عدن على وجه التحديد واستهدفت ضباطا عسكريين وأمنيين وقيادات في المقاومة، وسعوا لتحميل مسؤوليتها لأطراف في معسكر المناوئين لهم من خلال محاكاة الأسلوب الذي دأب تنظيما داعش والقاعدة على استخدامه في أوقات سابقة، غير أن تحقيقات أمنية أكدت تورط الحوثيين في تلك الحوادث عبر خلايا تعمل في المحافظات الجنوبية وتهدف إلى تصفية الكوادر العسكرية والأمنية المعارضة لهم، إلى جانب تحقيق أهداف سياسية وعسكرية مثل زعزعة الأمن في المناطق المحررة وتوجيه رسائل إلى المجتمع الدولي.
وفي تصريح لـ”لعرب” قال الباحث السياسي ومدير مكتب سوث 24 للدراسات والإعلام يعقوب السفياني إن جواس سبق أن تعرض لمحاولة اغتيال بسيارة مفخخة انتظرته أمام بوابة مطار عدن في الثلاثين من أكتوبر العام الماضي، لكن هذه المحاولة باءت بالفشل وخلفت 30 مدنيا بين قتيل وجريح.
وأشار السفياني إلى أن الخلية التي نفذت المحاولة الأولى كانت تتلقى دعماً وأموالا من ميليشيات الحوثي بحسب تحقيقات وبيانات اللجنة الأمنية في محافظة عدن، فيما بصمات الحوثيين اليوم واضحة أيضاً في تنفيذ عملية اغتيال جواس.
وعن الفراغ الذي قد يخلفه مقتل جواس أضاف السفياني “خسارة جواس اليوم في هذه المرحلة بالنسبة إلى اليمنيين كافة فادحة وكبيرة نظرا لما يحظى به من رمزية في الحرب؛ فهو الذي قاد القوة العسكرية التي اشتبكت مع حسين بدرالدين الحوثي في حرب صعدة الأولى 2004 وقتلته”.
وتابع “اغتيال جواس بالفعل خرق أمني كبير لصالح الحوثيين لكنه ليس جديدا؛ فهو امتداد لخرق مستمر لصالح الجماعة تمكنت عبره من إزاحة الكثير من القادة العسكريين والسياسيين المعادين لها، سواء في عدن أو غيرها من المحافظات”.
وعن دلالات توقيت عملية الاغتيال قال السفياني “توقيت العملية لا يخلو من خبث؛ فهو يتزامن مع قرب انطلاق مشاورات الرياض بين الأطراف اليمنية، وإذا نظرنا من زاوية المستفيد من محاولة خلط الأوراق وإشاعة الفوضى والتوتر حالياً سنجد أن الحوثيين في المقدمة وكذلك المتضررين من توحيد الصف ممن يتقاطعون مع الحوثي في مشاريعهم وارتهانهم لأجندات خارجية”.
ويعد اللواء جواس من أبرز الضباط الذين قادوا المعارك ضد الحوثيين في حرب صعدة الأولى، وتشير مصادر مقربة إلى أنه نفذ عملية اقتحام مخبأ مؤسس الجماعة الحوثية في منطقة “جرف سلمان” في مران بمحافظة صعدة عام 2004 دون الرجوع إلى القادة العسكريين الأكبر منه، بمن في ذلك قائد المنطقة الشمالية الغربية في ذلك الوقت علي محسن الأحمر أو قائد القوات المسلحة اليمنية الرئيس السابق علي عبدالله صالح اللذان تؤكد مصادر متطابقة أنهما كانا يعارضان تصفية زعيم الجماعة الحوثية في ذلك الوقت.
وتحول جواس إلى أيقونة شعبية يمنية بسبب دوره البارز في مواجهة الحوثيين بعد اجتياحهم لعدن وجنوب اليمن في 2015. وقد التحق بالمجلس الانتقالي الجنوبي وظل يلعب دورا مهما في التوازنات العسكرية في الجنوب بوصفه قائدا لمحور العند.
ويقول المحلل العسكري اليمني وضاح العوبلي في تصريح لـ”لعرب” إن العملية -إلى جانب كونها اختراقا أمنيا وسياسيا في المناطق المحررة- تمثل “تفريغا للساحة الوطنية من القادة الشجعان والفاعلين والمتمكنين قياديّا وعسكريّا والذين كان اللواء جواس في طليعتهم بما يتصف به من ملكات قيادية وتاريخ بطولي أكسبه شهرة واسعة وجعل منه أيقونة الجمهوريين المتفاخرين على أذيال الإمامة، وهذا ما كان عليه اللواء جواس خلال العقدين الماضيين”.
وتابع “لهذه الاعتبارات يمثل اغتياله وتصفيته مكسبا كبيرا للحوثيين، ولهذا فقد رأينا تهليلهم واستبشار قيادات رفيعة فيهم بخبر اغتياله، واعتبار ذلك نصرا لهم، وإن كان الاغتيال بتلك الطريقة الإجرامية والإرهابية الغادرة، على طريقة الاغتيالات التي تنفذها تنظيمات القاعدة وداعش”.