كريتر نت – العين الإخبارية
لا تزال جريمة اغتيال اللواء ثابت جواس المطلوب رقم 1 للحوثيين تتصدر المشهد اليمني عقب رحيله بانفجار سيارة مفخخة بين لحج وعدن.
وكشفت جريمة اغتيال جواس عن دخول العمليات الانتحارية لمليشيات الحوثي على خط المعركة لتصفية خصومها العسكرين والسياسيين وحتى النشطاء والصحفيين باستخدام السيارات المفخخة بشكل مكثّف وغير متوقع.
وتعتبر حرب السيارات المفخخة وسيلة تقليدية بالنسبة للتنظيمات الإرهابية إلا أنها مؤخرا أصبحت أحد تكتيكات مليشيات الحوثي بدعم من مليشيات حزب الله اللبناني مستغلة سيطرتها على الاتصالات الهاتفية في التجسس ورصد تحركات خصومها قبل استهدافهم بالعمليات الانتحارية.
وهذا ما حدث للواء ثابت جواس، بحسب معلومات أولية، رجحت تعقب المسؤول العسكري الرفيع والمطلوب الأول للحوثيين من خلال هواتفه وهواتف مرافقيه ونجله في تحديد خطوط سير تحركاته وهي إمكانيات لا تتوفر إلا لمليشيات الحوثي التي تسيطر على شركات الاتصالات بصنعاء.
وتشير المعلومات – حصلت عليها “العين الإخبارية” – إلى أن الاستخبارات الحوثية جمعت على الأرجح كافة المعلومات الأمنية بما فيه خطوط سير وموقع الرجل من خلال الاتصالات الهاتفية، خاصة وأن اللواء جواس لم تكن تحركاته الميدانية محاطة بسرية أمنية مشددة.
وكانت سلطات محافظة لحج الأمنية، قالت إن “عناصر إرهابية قامت بوضع سيارة مفخخة بجانب محطة اليمداء بخط المدينة الخضراء بمديرية تبن لحج قبل مرور موكب اللواء الركن ثابت مثنى جواس بعدة ساعات”، وهي إشارة عن خارطة طريق دقيقة حصلت عليها العناصر الإرهابية.
وأشارت إلى أن “اللواء جواس كان في طريق عودته إلى مسقط رأسه في ردفان عقب تقديمة واجب العزاء في مقتل شاب من أسرة القيادي ردفان سعيد صالح”، قبل أن تنفجر به السيارة المفخخة قرب محطة الوقود.
وتبنت مليشيات الحوثي الإرهابية ضمنيا الهجوم الغادر انتقاما لمؤسسها الأول حسين الحوثي الذي ينسب مقتله للقائد اللواء الركن ثابت جواس منذ قيادته العمليات العسكرية لإخماد أول تمرد حوثي عام 2004.
انتحاريات الحوثي والقاعدة
هجوم استهداف جواس جاء عقب أسبوع واحد فقط من انفجار سيارة مفخخة في 15 مارس/آذار الجاري قرب مدينة زنجبار واستهدفت اغتيال العميد عبداللطيف السيد قائد الحزام الأمني في محافظة أبين، وتبنت العملية الانتحارية لاحقا تنظيم القاعدة الإرهابي.
وما بين الحادثتين لوحظ تباين في التنفيذ، إذ استخدم الحوثيون في اغتيال جواس سيارة مفخخة ركنت على شارع حدد وفق معلومات أمنية دقيقة قبل أن تُفجر عن بعد، فيما لجأت “القاعدة” لسيارة مفخخة يقودها انتحاري ومعه مسلحين آخرين لقوا مصرعهم على الفور.
كما أن مليشيات الحوثي سبق وحاولت اغتيال اللواء ثابت جواس كان آخرها سيارة مفخخة أمام بوابة مطار عدن الدولي في 30 أكتوبر /تشرين الأول العام الماضي، وذهبت الترجيحات أنه كان الهدف رقم واحد حينها من الهجوم.
وبحسب مصدر يمني لـ”العين الإخبارية”، فإن هناك تطابقا في تنفيذ العملية الانتحارية في لحج التي أودت بحياة جواس والأخرى أمام بوابة المطار التي أدت لمقتل وجرح 35 مدنيا، في ترابط يشير لأدوات وإمكانيات حوثية.
ولعل ما يؤكد ذلك، مقطع مصور لشرطة عدن أظهرت الإرهابي “وديع حداد” وهو يقود سيارة مفخخة ثم ركنها قرب مطار عدن وتفجيرها عن بعد، ووفق أمن عدن ومصدر أمني تحدث حينها لـ”العين الإخبارية”، فإن الإرهابي المطلوب للعدالة فر إلى صنعاء بتوجيه حوثي.
وكان العام الماضي شهد عمليتين انتحاريتين أخريين استهدفت الأولى عبر سيارة مفخخة موكب محافظ عدن في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والثانية بعد تفخيخ سيارة الصحفي محمود العتمي وزوجته رشا الحرازي في 9 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه.
وحددت الأجهزة الأمنية في عدن هوية 3 عناصر إرهابية، بينهم ضابطان وهم المدعوان “وديع حداد”، “محمد الميسري” بتنفيذ العمليتين الانتحاريتين لمحاولة اغتيال محافظ عدن والأخرى أمام بوابة مطار عدن، فيما اتهم الصحفي العتمي الحوثيون بمحاولة تصفيته واغتيال زوجته الصحفية رشا الحرازي بالتفجير الثالث.
حرب متقدمة
ولم يخف الصحفي والإعلامي محمود العتمي، الذي نجا بأعجوبة من عملية انتحارية وحشية العام الماضي، تجسس مليشيات الحوثي على مكالماته ثم تجنيد عناصر إرهابية لإلصاق عبوة ناسفة في سيارته قبل تفجيرها مع زوجته رشا الحرازي الذي توفيت وجنينها على الفور.
كما لم تبارح مخيلة محمود صورة تمزق زوجته إلى أشلاء وجنينها بينما قذف به التفجير لعديد الأمتار بعد أن مزقت الشظايا أنحاء متفرقة من جسمه أدت إلى بقائه لشهور تحت العناية الطبية بدعم ورعاية إماراتية.
وقال العتمي لـ”العين الإخبارية” إن مليشيات الحوثي حاولت إسكاته بشتى الوسائل على خلفيه نشاطه الإعلامي وحين عجزت لجأت لتنفيذ عملية انتحارية بعد جمع “معلومات دقيقة عن مكان سكنه في عدن، وعن أرقام لوحة سيارته وسير تحركاته وحتى التجسس على مكالماته الهاتفية”.
وحاولت عبر أذرعها الأمنية تهديداته بالتصفية ومضايقة واعتقال أقاربه وأصدقائه و”هذا رويته قبل أيام أمام جلسة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وطالبت بتحقيق دولي بالعملية الإرهابية التي استهدفتني وأدت لاستشهاد زوجتي وهي في الطريق لتضع مولودها”، وفقا للعتمي.
وبشأن اغتيال جواس، أكد العتمي أن مليشيات الحوثي اعتمدت على العمليات الانتحارية الإرهابية لتصفية خصومها منذ وقت مبكر لكنها مؤخرا لجأت للسيارات المفخخة أو زرع العبوات كحرب متقدمة بقدرات تفوق قدرات التنظيمات الإرهابية وهو ما حدث له ثم جواس.
وعن إحباط المليشيات سيارات مفخخة في مناطق سيطرتها منها صنعاء، أعتبرها العتمي مجرد أكاذيب للتمهيد لسلسلة عمليات انتحارية إرهابية بشراكة كاملة مع تنظيم القاعدة الإرهابي والذي صار ذراع طولى للحوثيين في ضرب المناطق المحررة خاصة الجنوب.
المطلوب رقم 1 للحوثي
ولن تكن عملية اغتيال جواس هي الأولى، كما لم يكن استخدام السيارات المفخخة جديدا ولن تكون هي الأخيرة للحوثيين، وفق سلطات اليمن المعترف بها دوليا.
ووفقا لوزير الإعلام اليمني معمر الإيراني فإن “اللواء الركن ثابت جواس قائد محور العند قائد اللواء 131 مشاة، كان المطلوب رقم واحد لمليشيات الحوثي وعملية اغتياله تشكل امتداد لنهج نظام طهران واذرعه بالمنطقة في تصفية خصومهم”.
وسبق عمليات اغتيال جواس عديد العمليات الإرهابية منها استهداف الصحفي محمود العتمي وزوجته، ووفقا للإرياني فإنها شواهد تطور التنسيق الميداني لمليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية لاستهداف القيادات السياسية الأمنية والعسكرية، والإعلاميين والصحفيين المناهضين للانقلاب.
وأشار إلى أن مليشيات الحوثي لجأت لنشر الأكاذيب والفبركات عن محاربتها للإرهاب، “كما حدث مؤخرا في حديثها عن إحباط مخطط تفجير في العاصمة صنعاء، بينما هي في الواقع كانت تحضر لجريمتها الشنعاء”، إشارة للعملية الانتحارية التي استهدفت جواس.
وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والمبعوثين الأممي والأمريكي بإدانة اغتيال جواس وكل الجرائم الارهابية التي ترتكبها مليشيات الحوثي في المناطق المحررة ويدفع ثمنها المدنيين، داعيا لسرعة إدراجها بقوائم الإرهاب، وضمان عدم إفلات قادها من العقاب.