كريتر نت – العرب
قالت مصادر مطلعة لـ”العرب أونلاين” إن السعودية هي من حسمت أمر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر وضغطت عليهما للتنحي استجابة لمطالب مختلف الفاعلين السياسيين اليمنيين الذين يحملون هادي والأحمر مسؤولية فشل الشرعية خلال السنوات الماضية في مواجهة الحوثيين عسكريا وسياسيا، كما فشلت تحت قيادتهما في توحيد صف القوى المعارضة للحوثيين.
وكشفت المصادر عن ضغوط مارسها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على الرئيس اليمني ونائبه قادت إلى قبولهما بالتنحي وفسح المجال أمام تشكيل قيادة موسعة وقوية وممثلة للقوى الفاعلة على الأرض لتكون قادرة على خوض الحرب، وكذلك شريكا قويا في ملف السلام يعتمد على ذاته وقوته بدل الاعتماد الكلي على التحالف العربي.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن السعودية تحمل هادي ونائبه مسؤولية العراقيل التي أعاقت تنفيذ اتفاق الرياض برفضهما توسيع الشرعية والقطع مع احتكار المناصب المهمة وتشجيع مختلف القوى، وخاصة المجلس الانتقالي الجنوبي، على دخول الحكومة واعتبارها ممثلة لهم، وبناء خطة تحظى بدعم الجميع لمواجهة الحوثيين.
ووفقا للمصادر فقد جاء الضغط السعودي، في أعقاب رفض ممثلي حزب الإصلاح (إخوان مسلمون) في جلسات المحور السياسي في مشاورات الرياض، مقترحا بتعيين نائبين للرئيس واعتبارهم ذلك خطا أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه، في تصرف وصفه مراقبون بأنه يندرج في إطار مساعي الإخوان لإفراغ المشاورات من مضامينها والحفاظ على هيمنتهم على قرار الشرعية ومؤسساتها المدنية والعسكرية والقبول بمشاركة شكلية لبقية القوى والمكونات.
كما أعلنت المملكة عن تقديم دعم عاجل للاقتصاد اليمني بمبلغ ثلاثة مليارات دولار. كما دعت إلى عقد مؤتمر دولي لحشد الموارد المالية اللازمة لدعم الاقتصاد اليمني، وحثت مجلس القيادة الرئاسي على البدء في التفاوض مع الحوثيين تحت إشراف الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل.
وجاءت الخطوة السعودية في ختام مشاورات للقوى اليمنية في الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي، في غياب المتمردين الحوثيين الذين رفضوا إجراء حوار في السعودية.
كما تأتي في ظل الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة في اليمن ولا تزال صامدة منذ خمسة أيام، تزامنا مع شهر رمضان.
وقال هادي الذي أطاح الحوثيون بحكومته من العاصمة صنعاء في أواخر 2014، للتلفزيون الرسمي “أُفوّض مجلس القيادة الرئاسي بموجب هذا الإعلان تفويضا لا رجعة فيه بكامل صلاحياتي وفق الدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية”.
وسيتألف المجلس الرئاسي من ثمانية أعضاء وسيكون برئاسة رشاد العليمي، وهو مستشار لهادي، وكان وزيرا للداخلية في عهد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.
ويحظى العليمي بدعم السعودية. كما أن له علاقة وثيقة مع حزب الإصلاح الإسلامي.
ومن بين نواب الرئيس عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، بالإضافة إلى طارق محمد صالح ابن أخي الرئيس السابق وسلطان علي العرادة وعبدالرحمن أبوزرعة وعثمان حسين مجلي وفرج سالمين البحسني وعبدالله العليمي باوزير.
وتتمثل صلاحيات رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي “بالقيادة العليا للقوات المسلحة وتمثيل الجمهورية في الداخل والخارج وتعيين محافظي المحافظات ومدراء الأمن وقضاة المحكمة العليا ومحافظ البنك المركزي، فضلا عن إنشاء البعثات الدبلوماسية وإعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة”.
بينما تتمثل صلاحيات المجلس الرئاسي بإدارة الدولة سياسيا وعسكريا وأمنيا طوال المرحلة الانتقالية، واعتماد سياسة خارجية متوازنة، وتيسير ممارسة الحكومة لاختصاصاتها، إلى جانب تشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار وتعزيز المساواة بين المواطنين وتحقيق الشراكة الواسعة.
وتنتهي ولاية مجلس القيادة الرئاسي وفقا للحل السياسي الشامل وإقرار السلام الكامل في كافة أنحاء اليمن، والذي يتضمن تحديد المرحلة الانتقالية ومتطلباتها، أو عند إجراء الانتخابات العامة وفقا للدستور الجديد وتنصيب رئيس الجمهورية الجديد.
وسيتسلم المجلس، بالإضافة إلى صلاحيات الرئيس، صلاحيات نائب الرئيس. وأعلن وزير الإعلام اليمني في ساعة مبكرة من صباح الخميس أن هادي أقال نائبه علي محسن الأحمر من منصبه.
ونائب الرئيس علي محسن الأحمر قائد عسكري سني ذو ميول إسلامية، أثار استياء الحوثيين الشيعة بسبب الحملات العسكرية السابقة في معقلهم الشمالي، وكذلك الجنوبيين لدوره القيادي في الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب عام 1994.
وفي وقت لاحق الخميس، استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد محمد العليمي وأعضاء المجلس.
وعبّر ولي العهد السعودي عن دعم المملكة للمجلس وتطلعه إلى أن يسهم تأسيسه في بداية صفحة جديدة في اليمن، تنقله من الحرب إلى السلام والتنمية، كما أعرب عن أمله بأن تكون المرحلة القادمة مختلفة.
وقال بيان نشرته وسائل إعلام سعودية حكومية إن المملكة والإمارات العربية المتحدة ستضخان مليار دولار في البنك المركزي اليمني، كما ستقدم الرياض مليار دولار إضافيا لدعم المشتقات البترولية وجهود التنمية.
كما أعلنت المملكة عن تقديم مبلغ 300 مليون دولار أميركي لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة لعام 2022، لتخفيف المعاناة عن الشعب اليمني وتحسين أوضاعه المعيشية والخدمية، وتدعو إلى عقد مؤتمر دولي لحشد الموارد المالية اللازمة لدعم الاقتصاد اليمني والبنك المركزي اليمني وتوفير المشتقات النفطية.
وتسببت الحرب في مقتل عشرات الآلاف ودمرت الاقتصاد، وتركت 80 في المئة من السكان البالغ عددهم حوالي 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات.
وتكافح الرياض، التي أودعت آخر مرة أموالا في البنك المركزي في عدن في 2018، للخروج من الصراع المكلف والذي لا يحظى بتأييد شعبي، ويُنظر إليه على نطاق واسع في المنطقة على أنه حرب بالوكالة بين السعودية وإيران.
وتولى هادي رئاسة الدولة المتداعية في عام 2012 في خطة انتقال سياسي دعمتها دول الخليج، بعد احتجاجات الربيع العربي في عام 2011 التي أطاحت بالرئيس علي عبدالله صالح.
وتضغط الأمم المتحدة من أجل مفاوضات سياسية شاملة لإنهاء الصراع الذي تتنافس فيه عدة فصائل يمنية على السلطة.