كريتر نت – العربي الجديد
عادت مجدّداً عمليات تخريب منشآت الطاقة اليمنية التي تعد أهم الموارد المالية للبلاد، إذ استهدف مجهولون أنبوب نقل الغاز الطبيعي المسال في منطقة نائية بمديرية رضوم بمحافظة شبوة، جنوب شرقي البلاد.
وتتركز الاعتداءات التي تطاول المنشآت الاقتصادية الحيوية في اليمن عادة على أنابيب نقل النفط في محافظتي شبوة ومأرب بهدف تخريبها أو عرقلة ضخ النفط من الحقول الإنتاجية إلى موانئ التصدير، لكن هذه المرة وصل الأمر إلى أنابيب نقل الغاز المسال، ما يعتبره مراقبون سابقة خطيرة في البلاد.
يأتي ذلك بعد فترة قليلة من تأدية مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي القسم الدستوري أمام البرلمان اليمني الذي أقر بدوره البرنامج العام للحكومة والموازنة العامة للدولة والتي تعول وفق بنودها على إعادة تصدير الغاز الطبيعي المسال في اليمن.
وبحسب مشاهدات سكان محليين في محافظة شبوة، تحدثوا لـ”العربي الجديد”، فإن انفجارا ضخما اندلع على أثره حريق هائل في موقع الأنبوب المستهدف، ما يؤكد أن أنبوب نقل الغاز من حقول الإنتاج في مأرب إلى ميناء بلحاف في شبوة لم يكن متوقفا عن العمل كما كان عليه الوضع في السنوات الأولى من الحرب الدائرة في اليمن منذ العام 2015.
لكنّ مصادر مطلعة أكدت لـ”العربي الجديد”، أنّ هناك كميات من الغاز المسال يجري ضخها يومياً من مواقع الإنتاج لتوليد الكهرباء في ميناء بلحاف والمناطق والقرى المجاورة.
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي مجدي عامر أنّ الاستهداف لمنشآت الطاقة يعتبر الأول منذ تسلم مجلس القيادة الرئاسي زمام السلطة في اليمن.
يضيف عامر متحدثا لـ”العربي الجديد”: “هي رسالة موجهة للحكومة بعد إقرارها للموازنة العامة للدولة في الوقت نفسه الذي دشنت فيه لقاءاتها ومشاوراتها السنوية المهمة هذه المرة مع صندوق النقد والبنك الدوليين لمساعدتها على تنفيذ خططها وبرامجها الاقتصادية وإعادة القنوات الإيرادية الرسمية لتنويع الموارد العامة، إذ تحتاج لمساعدة هذه المؤسسات التمويلية الدولية لتنفيذ خططها الإصلاحية في الاقتصاد اليمني في ظلّ ما تشهده البلاد من تحولات على كافة المستويات السياسية والاقتصادية.
ومن جانبه، قال الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إنّ اليمن نادراً ما يشهد اعتداءات تستهدف أنابيب نقل الغاز مقارنة بمنشآت النفط، وذلك بسبب قيام الشركات المستثمرة في مشروع الغاز المسال بالإنفاق كثيراً لحماية أنبوب نقل مادة الغاز ولديها كاميرات وحماية على طول خط الأنبوب.
ويمر من المنطقة نفسها التي فجّر فيها أنبوب الغاز المسال في شبوة أنبوب خاص لنقل النفط الخام وآخر لنقل الغاز الطبيعي المسال، في ظل إجراءات كانت قد شارفت على الانتهاء لإعادة تصدير النفط من حقل “جنة هنت” عبر ميناء النشيمة، فيما تسارعت المفاوضات الحكومية المكثفة التي تعمل على مسار الغاز الطبيعي المسال لإعادة تصديره عبر ميناء بلحاف الاستراتيجي من حقول صافر بمحافظة مأرب، شرقي اليمن. وتسبب الصراع الدائر في اليمن منذ ما يزيد على ست سنوات في عزل البلاد اقتصاديا ورفع يد الدولة عن التحكم في مواقعها الاقتصادية السيادية وإدارة الموارد العامة.
ويأمل اليمن في استعادة أهم منشآته الاقتصادية المتمثلة بميناء بلحاف لتصدير النفط والغاز الطبيعي المسال لتنفيذ الموازنة العامة للدولة للعام الحالي، 2022، بعدما تسببت الحرب في خروج أهم المنشآت الاقتصادية السياسية والمواد العامة عن سيطرة المؤسسات العامة الرسمية للدولة في اليمن.
ويرى خبراء اقتصاد أنّ المتغيرات الراهنة التي يعيشها اليمن تتطلب إجراءات وترتيبات عاجلة للمحافظة على الحقوق السيادية للبلاد من النفط والغاز ومراجعة اتفاقيات عقود بيع الغاز الطبيعي المسال وفقاً لأسعار السوق العالمية.
وكانت الحكومة اليمنية قد أكدت عزمها على العمل لزيادة الإيرادات العامة من خلال دعم استئناف إنتاج الغاز الطبيعي المسال في اليمن لدفع رواتب موظفي الدولة والحفاظ على استقرار العملة، والمواءمة بين خطط الاستجابة الطارئة وأهداف التنمية طويلة الأمد من أجل المساهمة في تطوير النمو الاقتصادي الشامل والمستدام.
الخبير في مركز الدراسات والأبحاث النفطية والغازية فيصل القاضي يؤكد لـ”العربي الجديد”، أنّ المفاوضات شاقة للغاية مع الشركات المستثمرة في الحقول النفطية ومشروع الغاز المسال في اليمن والتي بإمكانها استئناف التصدير بالقدرة الإنتاجية نفسها للمشروع وبالكميات التي كان يجري تصديرها قبل التوقف بسبب الحرب عام 2015، لكنّها ترفض عرض الحكومة الذي يطالب بتعديل نسب الحصص في العائدات أو إشراكها في مفاوضات تعديل الأسعار.