كريتر نت – عدن
على غرار كل واحد يصلح سيارته اظهر وزير الاتصالات وتقنية المعلومات نجيب العوج عبقربته في تحرير الاتصالات .
عبقرية العوج العوجا تتمثل في ترك الموجود للحوثي وبناء قطاع اتصالات جديد من الصفر .
وأصدرت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، بياناً مطولاً، تدافع فيه عن الوزير نجيب العوج، بعد حملة واسعة تطالب بإقالته، على خلفية فشله في تحرير قطاع الاتصالات من قبضة مليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، إضافة إلى ظهوره في جلسة استماع أمام البرنامج يدافع عن بقاء غرفة التحكم بهذا القطاع السيادي في صنعاء ويتذرع بالوضع الأمني في المحافظات المحررة.
وقالت الوزارة، في البيان، إن تعقيب الوزير نجيب العوج على أسئلة مجلس النواب، كان يستهدف بدرجة رئيسية تحفيز الجميع على ضرورة دعم وتسهيل الاستثمارات وجذب رأس المال الوطني وتشجيع وإشراك القطاع الخاص لإنشاء بنية تحتية حديثة تتواكب مع التطور التكنولوجي.
وفيما حاول البيان، ترقيع تصريح الوزير الذي زعم فيه “عدم صلاحية المحافظات المحررة للاستثمار وأنه من غير الحكمة نقل مؤسسات الدولة من صنعاء إلى عدن”، عاد لتأكيد عدم رغبة العود في تحرير قطاع الاتصالات من هيمنة مليشيا الحوثي.
حيث زعمت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات ، بأن “نقل البنية التحتية من صنعاء إلى عدن يعد مستحيلًا لأسباب علمية، والأجدر هو أن يتم البناء المؤسسي”، وهذا يعني إبقاء قطاع الاتصالات الموجود حاليا في يد الحوثي وبناء آخر من الصفر، في حين أن إنهاء هيمنة المليشيا على هذا القطاع لا تتطلب أكثر من غرفة تحكم تقني في عدن، وفقا لمختصين.
وقالت، إن قطاع الاتصالات وحجم الاستثمار العالي فيه يحتاج إلى أموال وبنية تحتية مهيأة فنيًا وبإمكانها استقطاب شركات الاتصالات الخاصة ورأس المال، مضيفة: “إن هذا ما تعمل عليه الحكومة ممثلة بوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات رغم الصعوبات والمعوقات الكبيرة التي تواجهها، دون دعم يذكر”.
ولم يفوت البيان سرد ما أسماها إنجازات حققها الوزير نجيب العوج خلال عام ونصف من توليه المنصب، والتي أبرزها “تعيين مدير عام للمؤسسة العامة للاتصالات” في عدن، في حين أن المؤسسة ومرافقها وايرادتها في جيب الحوثي بصنعاء.
وبحسب البيان، تمكنت الوزارة خلال العام الماضي من استعادة مقعدها في الاتحاد الدولي للاتصالات، ومقعد هيئة البريد في الاتحاد البريدي العالمي، “بعد أن فقد المقعدان لمدة سبع سنوات”.
وكشفت وزارة الاتصالات عن إطلاق شركة اتصالات للهاتف المحمول خلال الشهرين القادمين تعمل بتقنية الجيل الرابع ومن مقرها الرئيسي في عدن.
وذكرت أنها انتهت من المرحلة الأولى لتوسعة خدمة عدن نت في عدن، وبدأت بالمرحلة الثانية الحالية لتشمل توسعة النطاق الجغرافي للخدمة في محافظتي لحج وأبين ومدينتي المكلا وسيئون بمحافظة حضرموت ومدينة عتق بشبوة ومدينة المخا، على أن تشمل المرحلة القادمة وفق البرنامج المعد من الوزارة محافظات “المهرة – الضالع – مأرب – تعز” في القريب العاجل.
وأشارت إلى أنها تمكنت من تشغيل بوابة عدن الدولية AIGW والتي تعتبر أحد أهم المشاريع الاستراتيجية التابعة لمشروع تطوير وتحسين الاتصالات في عدن ويتم من خلاله تمرير الحركة الهاتفية الدولية الصادرة والواردة من مستخدمي شبكات الهواتف النقالة بواسطة الربط عبر الشبكة الضوئية الوطنية لبوابة عدن الدولية، وإطلاق الصفر الدولي من عدن.
جهل ام تجاهل ؟
منذ الوهلة الأولى للتمرد الحوثي على الدولة واجتياح المليشيا للعاصمة صنعاء، فتحت الجماعة الحوثية شهيتها على قطاع الاتصالات والانترنت وبسطت سيطرتها على شركات الاتصالات الأهلية والحكومية وخدمات الإنترنت، إذ كانت تدرك تمام الإدراك ما الذي يمثله هذا القطاع من الناحية الأمنية والاقتصادية، إذ يعد هذا القطاع أحد أهم المصادر الإيرادية بعد النفط والغاز.
وقد بدأ الحوثيون سيطرتهم على إيرادات هذه الشركات بشكل جزئي عقب اجتياحهم المسلح للعاصمة اليمنية أواخر العام 2014، وفرض إتاوات وجبايات خيالية، لتحكم المليشيا قبضتها بشكل كلي عليها عقب مقتل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الحليف الأبرز للجماعة، على يد مسلحيها في 4 ديسمبر 2017، واختطاف وزير الاتصالات الموالي له، جُليدان حمود جُليدان، واستبداله بوزير آخر موالٍ للجماعة.
وقد فرضت جماعة الحوثي موظفين إداريين ومحاسبين تابعين لها في كل شركة اتصالات للتحكم بأموال تلك الشركات وضخ الدعاية الإعلامية للمشتركين عبرها وكذلك مراقبة المكالمات.
ويكشف تقرير أعده فريق الخبراء الأممي في العام 2017 عن وصاية تفرضها جماعة الحوثي على شركات الاتصالات اليمنية الأربع، وتحويلها إلى مصدر من مصادر التمويل لحروبها منذ العام 2015.
وتقدر تقارير اقتصادية أن حجم الثروة التي جمعتها مليشيا الحوثي من عائدات القطاع العام خلال السنوات الماضية بما فيها الاتصالات بلغت نحو 14 مليار دولار، منها ما يستثمر في الخارج، وأخرى أصول عقارية، وشركات تجارية حلت محل القطاع الخاص التقليدي.
ويكشف خبير الاتصالات المهندس “محمد المحيميد” عن مبالغ مهولة جنتها جماعة الحوثي من قطاع الاتصالات كإيرادات، موضحا أن ما جنته سلطات الجماعة في صنعاء من أبرز ثلاث شركات اتصالات يمنية وهي “يمن موبايل” و”سبأفون” و”إم تي إن” بلغ 305 مليارات و316 مليون ريال يمني خلال خمس سنوات تحت بند “الضرائب والزكاة”.
وبحسب صحيفة الشرق الأوسط فإن “عوائد الجماعة من قطاع الاتصالات بلغت خلال عام 2018 فقط نحو 280 مليون دولار، ما يساوي 162.4 مليار ريال، مسجلة زيادة على السنوات السابقة بعد إضافة المليشيات ضرائب جديدة، منها معلنة وأخرى سرية.
وتفيد بعض المصادر بأن جماعة الحوثي الانقلابية جمعت مدراء شركات الاتصالات النقالة العاملة في البلاد أواخر نوفمبر 2021، وأصدرت قائمة من التوجيهات الصارمة، بشأن تجديد تراخيص نشاطها ودفع الرسوم بالعملة الأجنبية (الدولار)، ومطالبتها بتنفيذ مجموعة إصلاحات تقنية وفنية لمواكبة تطورات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات حسب تلك المصادر.
وأضافت أن وزارة الاتصالات في سلطة الحوثيين وبتوجيهات من رئيس ما يسمى بـ”المجلس السياسي الأعلى” مهدي المشاط قد منحت تجديد التراخيص للشركات بسعر الصرف في البنك المركزي اليمني وجدولة المديونية السابقة على الشركات.
ويعتبر المبلغ الذي تفرضه المليشيا الحوثية مقابل كل ترخيص مبلغا كبيرا، ففي عام 2016 جددت شركة إم تي إن رخصتها لعام جديد بمبلغ 36 مليون دولار انتهت في عام 2017.
ووفقا لبيانات صادرة في نوفمبر 2019 عن وزارة الاتصالات اليمنية، فإن عدد مشتركي خدمة الهاتف النقال في البلاد وصل إلى 18.57 مليون مشترك، ولو تم ضرب هذا العدد على 1000 ريال فقط لكل مشترك شهريا فإن الناتج سيكون أكثر من 18 مليار ريال هو المبلغ الذي يجنيه قطاع الاتصالات الخاضع لسيطرة الحوثيين كل شهر، ناهيك عن إيرادات أخرى من مبيعات خدمة الإنترنت وخدمة الاتصالات وضرائب الأرباح على شركات الاتصالات العامة والخاصة، إضافة إلى الضرائب الجديدة على مبيعات فواتير وكروت الشحن وتراخيص وغيرها مما يحصله قطاع الاتصالات.
يقول خبير الاتصالات اليمنية مهندس الإلكترونيات “محمد المحيميد” عن الموارد المالية الضخمة التي يجنيها الحوثيون من قطاع الاتصالات والإنترنت: “أثبتت الدراسة التي أجريتها عن القطاع أن من أهم الموارد المالية للحوثي الذي يتفنن في جبي الأموال بوسائل شتى، وبين عامي 2014 و2018 حصل الحوثي من شركات الاتصالات الثلاث: يمن موبايل، سبأفون، إم تي إن، على 1.082 مليار دولار فقط تحت بند الضرائب والزكاة، وهناك موارد أخرى من قطاع الاتصالات والإنترنت، حيث يمكن ذكر ما يقارب 90 مليون دولار سنويا من فارق الاتصالات الدولية، حيث يستلم الحوثيون هذه المبالغ من مختلف الدول باستثناء المملكة العربية السعودية التي رفضت تسليم أي مبلغ لهم منذ انقلابهم على الشرعية”.
وتتعدد صور الاستغلال والنهب التي يمارسها الحوثيون من خلال هذا القطاع لتشمل أساليب عدة برعت المليشيا بالتفنن بها للحصول على أكبر قدر من الأموال.
وكمثال على أشكال النهب الذي تمارسه المليشيا الحوثية ووفقا لمصادر فإن شركة يمن موبايل ترسل رسائل للمشتركين بطلب من الحوثيين مرتين في الشهر، الأولى طلب التبرع للمجهود الحربي، ويعني تمويل حروبهم داخل اليمن، والثانية التبرع لما يوصف بالشهيد وهم قتلى الحوثيين الذين يسقطون في جبهات القتال المختلفة للحوثيين.
ووفقا للمصدر فإن الحوثيين يستلمون العائد المادي لتلك الرسائل بمجرد إرسالها، وتخصم على المشترك تلقائيا سواء تبرع بالمبلغ أو لا، وبمعادلة حسابية يتضح حجم تلك الأموال.
وبحسب إحصائيات فإن أكثر من سبعة ملايين مستخدم، وتصلهم الرسالة للمشترك مرتين بالشهر، وقيمة كل رسالة مئة ريال يمني، وإذا ما تم احتساب عدد مستخدمي الشركة بسبعة ملايين مشترك فقط، فإن إجمالي المبالغ التي تذهب لصالح الحوثيين تحت ذريعة تبرعات للمجهود الحربي والشهيد تصل إلى مليار و400 مليون ريال شهريا، علما أن الحوثيين يمارسون هذا النوع من الجباية منذ الشهر الأول لانطلاق العمليات العسكرية مع التحالف العربي في أبريل/نيسان 2015، وهو رقم ليس سهلا.
وقد سبق لشركة “واي” للاتصالات توقيف خدماتها التشغيلية في اليمن، خلال منتصف 2018، نتيجة الابتزاز والمضايقات التي مارستها مليشيات الحوثي عليها، كما نقلت شركة سبأفون مركزها الرئيسي من صنعاء إلى عدن لذات السبب.
وتفيد مصادر إعلامية بأن محكمة حوثية أصدرت في وقت سابق حكما يقضي بدفع شركة إم تي إن ما قيمته 190 مليار دولار كضريبة لبيع أسهم من الشركة لمستثمر خارجي، وهو الأمر الذي لم يتم حله حتى الآن، وظل بمثابة “عصا حمراء” بيد المليشيا الحوثية، تهدد به الشركة متى ما شاءت.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه شركة إم تي إن أنها ستحول حصتها إلى وحدة تابعة لشركة الزبير، صاحبة حصة الأقلية في وحدة إم تي إن في اليمن، تفيد بعض الأنباء المتداولة على نطاق واسع أن هناك مفاوضات سرية جرت في وقت سابق بين الطرفين (الحوثيين، وإدارة شركة إم تي إن في اليمن) أفضت لعقد صفقة لبيع الشركة لجماعة الحوثي المتمردة.
وكما يشكل قطاع الاتصالات أحد أهم الموارد المالية الرئيسية لمليشيا الحوثي لاستمرار حربها ضد الشعب اليمني، فقد عمدت مليشيا الحوثي إلى تسخيره للأغراض الأمنية والعسكرية والتجسس على مكالمات ورسائل وتواصل المشتركين في وسائط التواصل الاجتماعي.
وبحسب مصادر فإن أجهزة تجسس اتصالات حديثة مع كادر إيراني قد وصلت إلى صنعاء في وقت سابق عبر موانئ الحديدة، إذ من شأن هذه التقنية أن تمكن مليشيا الحوثي من تتبع جميع مشتركي شبكات الاتصالات الخاضعة لسيطرة وإدارة المليشيا، حكومة وقيادات عسكرية وشخصيات اجتماعية مؤثرة.
ويرى خبراء في التقنية والمعلومات أن تغيير شريحة الجوال لا يحمي الأفراد من خطر التجسس والتنصت والاختراق، إذ يتعين على من يدرك أن رقمه قيد المتابعة أن يغير هاتفه أيضا، فبرامج التجسس تلاحق حتى الأرقام المتسلسلة للهاتف، ويتم التتبع عبرها حتى مع تغيير الشريحة، فأجهزة التنصت التي في حوزة المليشيات هي من هذا النوع، وقد شرعت المليشيا بالفعل في رصد وزراء وقيادات عسكرية في الحكومة الشرعية، ومن المؤكد أن الكثير من الهواتف المحمولة التابعة لشخصيات مهمة ورفيعة قد أصبحت تحت طائلة المراقبة والرصد من قبل المليشيا الانقلابية التي حصلت على أجهزة تنصت وتشويش حديثة من طهران.
وتقول معلومات إن القيادة الحوثية الجديدة لشركة يمن موبايل وضعت أكثر من 3 آلاف شخص من العسكريين والمدنيين في الحكومة الشرعية تحت المراقبة والتنصت.
وتشير المعلومات إلى أن غرض المليشيا من هذه الإجراءات هو رصد قيادات محددة ومتابعة تحركاتهم.
كما تشير معلومات أخرى أن الحوثیین ربطوا مؤخرا منظومة الاتصالات العامة بجهاز الأمن والمخابرت التابع للمليشيا الحوثبة بأوامر من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وأن أنظمة جدیدة للشبكة خاصة بالتنصت يتم تشغيلها بإشراف من مهندس لبناني تابع لمليشيا حزب الله.
وقد كشف تقرير صادر عن شركة “ريكورد فيوتشر” المتخصصة في استخبارات التهديدات الإلكترونية، عن قيام مليشيا الحوثي باستخدام شبكة الإنترنت في اليمن لغربلة المعلومات وتسخيرها لصالحها للمراقبة والتجسس على مستخدمي الشبكة العنكبوتية وحجب كل ما يخالفها، وإدراج المخالفين لها أو غير المنتمين للجماعة في قائمة التجسس والمراقبة.
وتتحكم جماعة الحوثي بخدمة الإنترنت التي تزود بها شركة “يمن نت” ومقرها صنعاء، وتقوم بعملية تقليل للبيانات المرسلة والمستقبلة عبر الشبكة في المدن المحررة، وهو ما تسبب في عدم حصول المستخدم على شبكة إنترنت بشكل سليم ومتواصل ودون انقطاع .
هل يجهل نجيب العوج وزير الاتصالات وتقنية المعلومات كل هذه الحقائق أم أنه يعرف اكثر هذه الحقائق ولكنه يتجاهلها لغرض في نفس يعقوب.