كريتر نت – الضالع – وضاح الخوبري
تواجه فئة عمالية واسعة في مديرية قعطبة ظروفا صعبة بسبب الحرب، غير ان قضيتهم وراء الأضواء.
عمال البناء، يعيش هؤلاء أوضاعا معيشية وعملية توصف بـ “السيئة”، حيث تسببت الحرب في وقف أعمالهم وليس لديهم أي ضمان اجتماعي او فرص بديلة تمكنهم من توفير لقمة عيش كريم.
تمثل مديرية قعطبة التابعة لمحافظة الضالع جنوب اليمن نقطة التقاء بين المحافظات الجنوبية والشمالية ونموذجا ظاهرا للتعايش بين هؤلاء وهؤلاء في ظل ظروف الاحتقان والحرب الدائرة منذ سبع سنوات.
يعمل هؤلاء بالاجر اليومي وفي حال توقف النشاط المعماري يدخلون في ازمة معيشية حادة.
معيشة صعبة
يسافر كثيرون من هؤلاء من محافظات عديدة شمالية وجنوبية طلبا للعمل في هذه المديرية التي كانت تشهد نشاطا عمرانيا مثل لهم فرصة للعيش الكريم فترة ماقبل الحرب.
ارتفاع أسعار العقارات على الخط الرابط بين محافظتي اب والضالع مثل في البدء انتعاشا في اعمال البناء غير ان نشوء قوى نافذة بسبب الحرب تسبب في ارتفاع منسوب المنازعات وبالنتيجة وقف النشاط العمراني.
تأخير إجراءات التقاضي لسنوات بل وعقود الى جانب الصعوبات الأمنية في ظل الأوضاع الحالية التي أدت فيها الحرب الى انهيار مؤسسات الدولة والاستقواء بالنفوذ جعل الحلول بعيدة المنال واوقف تلك الفرص التي يأتي عمال البناء للاستفادة منها هناك.
ارتفاع حدة اعمال السطو والمنازعات دفع الأجهزة الأمنية بالمحافظة ممثلةً بالحزام الأمني الى إصدار قرار بوقف كافة الأعمال العمرانية أو البيع والشراء أو التصرف في العقارات في مديرية قعطبة لحين عودة مؤسسات الدولة للعمل ليتحول عمال البناء الى رصيف البطالة والانخراط في دائرة الفقر الاخذة في الاتساع.
معاناة يومية
منذ ساعات الصباح الأولى ترى مجموعة من العمال يفترشون الرصيف بجوار إحدى المحلات التجارية، متكئين على حبات “البلك” ساندين ظهورهم لجدار الرصيف، يترقبون القادمين الباحثين عن عمال.
تمر ساعات طوال وهم ينتظرون دون فائدة ثم يعاودون ذات الكرة في اليوم التالي وهكذا يستمر المشهد كل يوم.
يقول حسن صالح محمد 45 عام من أبناء منطقة حبيش محافظة إب يعمل بنّاء أحجار وطوب (بلك)، “توقفت عن العمل منذ عشرون يوماً، ولاسبيل لنا غير هذه المهنة ونحن كما ترى نظل في هذا الرصيف ننتظر طوال اليوم دون ان نجد عملا”.
ويضيف “نشتغل يوم ونعطل أيام هذا هوحالنا هذه الأيام بعد توقف اعمال البناء بسبب المنازعات على الأراضي”.
بالنسبة لحسن وامثاله تكلف وجبة الغداء 800 ريال إلى 1000، ووجبة العشاء 500 ريال، أما النوم في لوكندة ففي الليلة الواحدة نحو 500 ريال،في حين ان الاجر اليومي 8000 الف ريال للعامل ونحو 15000 ريال للمعلم.
يتيح هذا العمل فرصة عيش جيدة بحسب حسن حين يكون العمل مستمرا لكن الأوضاع الحالية استنزفت ماتم “تحويشه” دون إمكانية التعويض.
أسعد عثمان 21 عاماً من أبناء مديرية ماوية محافظة تعز يعمل حدادا ً، يقول ” جئت الى قعطبة بحثا عن عمل كون اعمال الانشاء هنا مزدهرة لكن حدث ماحدث وتوقفت الاعمال فاصبحت في وضع لايسمح لي بتوفيرحتى ثمن الدواء لوالدي المريض فمابالك بالتزاماتي الاسرية”.
فيما يضيف اسحاق عبدالله 35 عاما من أبناء النادرة محافظة اب و يعمل نجاراخشاب مسلح بالقول” العمل في قعطبة بات بحكم المنعدم نظراً لشحة فرص العمل و مثل احتكار المقاولين بحصر الأعمال لصالح فئة معينة من الأقارب و الأصدقاء مشكلة إضافية أيضا”.
ويضيف “أصبحنا نقبل بالأجر اليسير مضطرين بسبب كثرتنا وشحة الفرص وهذا سبب لنا مشاكل في توفير التزاماتنا الاسرية ، فنحن نقتات من الأجر اليومي وإذا انقطع هذا الأجر يوما فمعناها انقطع قوت يوم فما بالك إذا انقطع لأيام”.
رسوم الحوالات
شحة الفرص ليست المشكلة الوحيدة لدى هؤلاء الذين يشتكون أيضا من “ارتفاع عمولة الحوالات المالية بسبب فارق الصرف في العملة بين المناطق المحررة الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، والمناطق الخاضعة لسلطة جماعة الحوثي، التي تمنع تداول العملة الجديدة وتعتمد على العملة القديمة” كما يقولون.
يجمع العامل مبلغا ضئيلا وتتطلب عملية التحويل عمولة عالية تفوق نصف المبلغ في بعض الأوقات ما يجعل المبلغ الذي تحصل عليه اسرهم زهيدا الى حد كبير حد وصفهم.
تراجع الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع الاساسية والمشتقات البترولية وتدهور قيمة الريال أمام العملات الأجنبية أثقل كاهل حياة العامة واولهم عاملوا الاجر اليومي.
محمد محسن الربادي40 عام يعمل كهربائي، يتحدث بقهر عن هذه المعاناة المستمرة منذ أكثر من سنة يقول” أرسل لأسرتي في مدينة إب 50 ألفًا”؛ وعمولة التحويل تأخذ نصف المبلغ، وما تبقى لا يكفي احتياجات الأسرة التي تعتمد عليه بشكل أساس” .
وقف الاعمال او شحتها تسبب أيضا في صعوبة ان يذهب هؤلاء الى زيارة اسرهم بشكل منتظم كما كان الحال قبلا فيطيلون ىالبقاء املا في تحسن الأحوال غير ان الأحوال ماتزال صعبة يقول الربادي.
البقاء على قيد الحياة
مخاطر كثيرة يمر بها هؤلاء خلال تنقلهم بين ساحات الصراع وبخاصة القادمين من المحافظات الشمالية صعوبة في السفر وتاخير مستمر في نقاط التفتيش وتهم وتخوين كما يفيد البعض وهم يحتملون كل ذلك سعيا وراء لقمة العيش التي توقفت حاليا أيضا.
أصحاب الأملاك
أصحاب الأملاك أيضا نالهم من الامر شيئ تقول أم أحمد من أبناء مدينة قعطبة 55 عاما أم لستة أبناء أكبرهم أحمد يبلغ من العمر 33عاما ” لدينا قطعة أرض أردت أن أبيعها لتزويج ابني ولزيارة بيت الله الحرام إلا أننا منعنا من التصرف والبيع برغم أن أوراق الإثبات صحيحة”.
من جانبه الحاج علي صالح المريسي 60 عاما يملك قطعة أرض على الشارع في الدائري الغربي يقول “منعت من بناءها بسبب إدعاء أحد سماسرة الأراضي أن معي مساحة زائدة مع أن المهندس يقول أن مساحة أرضيتي مضبوطة حسب ماهو في ورقة الشراء”.
السلطة المحلية والأجهزة الأمنية في اجتماع بهذا الشأن جرى مطلع العام الجاري 2022 ناقشوا تلك القضايا الى جانب سبل تنظيم العمل والبناء للأراضي بمديرية قعطبة وخرج الاجتماع بحسب السلطة المحلية بالمقررات التالية:
1- يمنع كافة اشكال البناء على الأراضي في مديرية قعطبة من أساس أو تسوير أو عمل قواعد للدور الاول حتى إذا لم يوجد أي خلاف عليها حتى إشعار آخر .
2- يسمح لأصحاب المباني ذات الدور الأول التي تم صب أسطحها خلال الفترة السابقة استكمال العمل فيها وتشطيبها شريطة عدم وجود خلاف عليها..
3- السماح بالعمل والبناء للبنيان ذات الدور الثاني والثالث وما فوقها الذي لايوجد حولها أي خلاف.
أي ان المحصلة بقاء الحال على ماهو عليه.