كريتر نت – متابعات
فجّر مقتل مراسلة قناة الجزيرة في فلسطين، شيرين أبو عاقلة خلافاً دينياً حاداً في الشارع اليمني الذي انقسم بين مؤيد ومعارض للترحم على الشهيدة التي تنتمي للديانة المسيحية.
البداية كانت عند انتشار خبر استشهاد أبو عاقلة الذي شكل صدمة كبيرة لدى الوسط الصحفي عربياً وإقليمياً ودولياً، ونشر عشرات الصحفيين والسياسيين ونشطاء على صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي عبارات الحزن والترحم على أبو عاقلة التي كانت على مدى ربع قرن من الزمن صوت الحقيقة لنقل كل ما يجري في الأراضي المحتلة.
وبرغم إنسانية المنشورات، إلا أن التيار المتطرف في حزب الإصلاح، ذراع الإخوان في اليمن، ومن يساندهم من دعاة التدين، هاجموا المترحمين على أبو عاقلة ووصل بهم الحد إلى تكفيرهم.
وتزعم القيادي في حزب الإصلاح، عبدالله أحمد علي العديني، هذه الهجمة الشرسة، عبر صفحته في (فيسبوك)، من خلال نشر المنشورات وإعادة ما ينشره تلاميذه من رواد الفكر المتطرف التي تتفق جميعها على تحريم الترحم على الشهيدة أبو عاقلة بزعم أنها مسيحية، وترفض بشكل قاطع أي تعاطف إنساني معها على الرغم من دورها المشرف والكبير في نصرة القضية الفلسطينية على عكس ما يدعيه المتأسلمون.
هذا الهجوم أثار سخط وغضب عشرات السياسيين والصحفيين المحليين الذين اعتبروه انتهاكاً للإنسانية أولاً ولقدسية الدين، لافتين إلى أن هذه الفئة المتطرفة صنعت من نفسها وصية على الجنة وأضحت تحدد من سيدخلها من عباد الله ومن سيدخل النار.
وردوا على حملة التكفير التي تعرضوا لها بمنشورات حملت بعضاً من السخرية وبعضاً من كشف حقيقة هذه الجماعات المتطرفة ودورها في الإساءة للإسلام.
تقول الناشطة والصحفية وداد البدوي: يقول الله تعالى ”وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ” ويقول بعض المتطرفين “إن رحمة الله مفصلة عليهم هم فقط”، اللهم يا من رحمتك وسعت كل شيء ارحمنا برحمتك وارحم ابنة القدس والقضية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة.
فيما أشارت الصحفية فاطمة الأغبري، إلى العلاقة التي تربط هذا التيار المتطرف بالتنظيمات الإرهابية، وقالت: هكذا قالوا “لا يجوز الترحم على غير المسلمين”.
ولكن هؤلاء (الغجر) يترحمون يومياً على أعضاء التنظيمات الإرهابية مثل داعش، والقاعدة، بوكوحرام… وغيرهم.
وأضافت: يترحمون على من يحرض على القتل وسفك الدماء.. يترحمون على من يتخذ من منابر المساجد مكانا للقذف والاساءة لكل من لا يروق لهم.. يترحمون على من يذهب بين الابرياء ليفجر نفسه ويعتقد انه سيتلقي بحور العين وانه سيدخل الجنة من اوسع الأبواب.. يترحمون على من يقود سيارة مفخخة ليفجرها ويزهق أرواحا لا ذنب لها.. يترحمون على من يستخدم المدنيين دروعا بشرية ليحموا أنفسهم.
وتساءلت بسخرية “فهل هؤلاء من تريدون منا الترحم عليهم يا من لا تعرفون من هذا الدين إلا ما يتوافق مع هواكم ونفوسكم المريضة؟”.
بدوره الناشط عبدالحليم صبر، استذكر حملات حزب الإصلاح لدعم فلسطين، وقال “في مرحلة طفولتنا عندما كانوا لصوص الله ينتزعون اللقمة من أفواهنا لدعم فلسطين، كانوا لا يسألون عن هويتنا ولا عن دين أجدادنا، بل عن مصادر رزق آبائنا”.
وتابع “لا تستغربوا من مواقفهم اليوم تجاه القضايا الدينية والوطنية، فقد صنعوا مقاسات دينهم وحدود وطنهم من السرة إلى الركبة، وبما لا يقبل الآخر.
الخلود الكبير لشهداء الوطن والقضية”.
أما المراسل الحربي محمود الحميدي فأعلنها صراحة “طفح الكيل وقاهي الا هي بعد التخلص من المتأسلمين “حراس الجنة” بالواتس جاء الدور على الفيس.
الله يرحمك يا شيرين ابو عاقلة، واللعنة على من يقول الترحم عليك لا يجوز”.
من جانبه الاكاديمي والصحفي، نشوان العثماني، اعتبر التراشق الإعلامي حول جواز الترحم على أبو عاقلة من عدمه، تأكيدا على أن الدين الإسلامي أصبح أمام مأزق حضاري أخلاقي كبير جدًا لا ينفع معه الدفاع ولا الهجوم؛ لأن كل هذا يضر تمامًا بالوعي المتدين الخاص به ويُبقيه رهين فكر عفى عنه الزمن.
وقال “أمام مأساة استشهاد الصحفية شيرين، بدل أن يُخيّم الحزن جراء المصاب الجلل، وأن يلتفت الكل للقضية الفلسطينية ولاستهداف الصحافيين من قبل أطراف الصراع، ذهبت رياح الوعي الإسلامي مدارج أخرى: أيجوز الترحم أم لا يجوز؟ أهي شهيدة أم لا يجوز أن نقول شهيدة؟ فإن لم يكن هذا سقوطًا أخلاقيًا، فماذا نسميه؟”.
وأضاف “لا شك أنه الجهل إذ يورد أصحابه الردى.
يأتي من يناقشك ومن يفتيك ومن يؤكد ومن تظن أن الجنة كأنها تحت يديه، وعلامَ يناقشك أو يكلمك؟ على أشياء لا تُقال إلا كمزحة ومش أي مزحة!! الأديان تتطور من حيث منظومة السلوك الحاكمة للعلاقة مع الآخر”، لافتاً إلى أن عالم اليوم تجاوز التكفير والقطيعة ومراقبة الخيط الأزرق.
وأكد أنه من المهم جدًا أن تحدث ثورة فكرية ثقافية نقدية حقيقية داخل الإسلام.