رشا عمار
الإخوان يختبئون في بيتك، ويتسللون من خلال المساحات الآمنة”… هكذا حذّر العالم الأزهري، مستشار الرئيس المصري للشؤون الدينية، الدكتور أسامة الأزهري، مجدداً من خطر انتشار وتغلغل أفكار تنظيم الإخوان، المُصنّف إرهابياً بالبلاد، إلى قلب البيوت المصرية من خلال الكتب التي تروّج لأفكارهم بشكل غير مباشر.
وخلال برنامج “الحق المبين”، الذي يقدّمه الإعلامي المصري أحمد الدريني أسبوعياً على فضائية (DMC) المصرية، ويحلّ فيه الأزهري ضيفاً دائماً، ويتناول بشكل معمق تفكيك الخطاب الفكري لتنظيم الإخوان، والأيديولوحيا التي نشأ عليها عناصره، ويوضح مكامن الفهم الخاطئ لمقاصد الشريعة لدى الجماعة، بيّن الأزهري أنّ الجماعة استغلت عبر التاريخ عدداً من المداخل للانتشار في المجتمع.
ما الأمر الأخطر من الإرهاب عند الإخوان؟
مستشار رئيس الجمهورية قال: إنّ المواجهة مع جماعة الإخوان تحتاج إلى فهم حقيقي لمدى عمق الأزمة التي نتجت عن المفاهيم الخاطئة التي قدّمتها الجماعة عن الشريعة والدين خلال العقود الماضية، موضحاً أنّ “الأزمة لا ترتبط فقط بعمليات الإرهاب والاغتيالات التي نفذها التنظيم ضد المصريين، وهي ليست فقط في ميلاد بذور فكرة التكفير على يد حسن البنا عندما جعل الحكم من أصول الدين، كما أنّها ليست في كلّ الأحداث والصدامات والأهوال التي تجرّعها المصريون على مدار الأعوام الماضية، وقد يكون صادماً أنّ كلّ هذه الأحداث المأسوية هي الخطر الأقل والأصغر لوجود جماعة الإخوان المسلمين”.
وتابع الأزهري أنّ “الجماعة غالباً ما تتسلل إلى معظم البيوت في قلب مصر، وتختبئ وراء عدد كبير من الكتب التي تمّ الاطمئنان إليها، ووجدت في البيوت، دون الكشف عن صلتها المباشرة بالجماعة، ولكنّها كتب فقهية وإسلامية تبدو علمية وليست ذات علاقة بالتنظيم، وبالتالي، جرى نشرها على نطاقات واسعة، وأصبحت في قلب كافة المكتبات المصرية وفي كل بيت باعتبارها مصدراً للثقافة الإسلامية، دون الانتباه للخطر الكامن بداخلها، وهي الأفكار نفسها التي نسجت ونشأت وكوّنت وتكوّن عقلية الجماعة”.
وأكد العالم المصري أنّ الخطر الداهم الذي يمثله الإخوان، والذي يتجاوز فكرة القتل والإرهاب، يتمثل في مخططات التسلل واستهداف العقول، التي تؤمّن للتنظيم أجيالاً جديدة تعتنق أفكاره وتعمل عليها، قائلاً: “أزمة الإخوان ليست في التكفير أو الأحداث، لكن في محاولة صناعة الثقافة الشائعة، وتغيير طريقة عمل العقول، وتلك الكتب التي أصبحت معتمدة لدى كثير من المنازل المصرية تصنع طريقة تفكير إخوانية، حتى من هؤلاء الذين يرفضونهم ويعادونهم، لكنّهم يجدون أنفسهم يفكرون بطريقتهم ويتبنّون رؤيتهم في بعض الأمور”.
وأشار الأزهري أيضاً إلى محور غاية في الأهمية يتعلق بالفكر التراكمي، الخاص بالمحصلة المعرفية التي تتشكل لدى جمهور القراء بالتعرض لفكرة أو محتوى معين من خلال مصادر مختلفة، وهو أمر يحاول الإخوان تحقيقه بالاعتماد على أكثر من كاتب لتمريره في مطبوعات مختلفة، بعضها يثق فيها الناس ويظنون أنّها لا علاقة لها بالفكر الإخواني، ولكنّها في واقع الأمر تخدم هذا الفكر وترسّخ قواعده.
كيف وصل فكر الإخوان إلى كارهي التنظيم؟
وأوضح الأزهري أنّ هذا الفكر تسلل على مدار الأعوام الماضية إلى بعض المناهضين لأفكار الجماعة والرافضين لمنهجها، ونجح في تحويل بعض المفاهيم لديهم، وهو أمر غاية في الخطورة، مشيراً إلى أنّ “كثيراً من العلوم تم احتلالها من قبل جماعة الإخوان والجماعات المتطرفة، بداية من الباحثين إلى الماجستير إلى الدكتوراه، على مستوى العلوم الشرعية، نزولاً إلى الثقافة الشائعة بين عوام الناس”.
وأضاف: “أحياناً يوجد الإخوان في بيتك وأنت لا تدري، وكتاب فقه السنّة للأستاذ سيد سابق يملأ البيوت المصرية”.
الأزهري تطرّق في حديثه إلى أنّ فكر الجماعة الإرهابية استهدف تسطيح عقول الناس لخدمة مصالح التنظيم، وحاول تشويه دور المؤسسات الدينية الرصينة، وفي مقدمتها الأزهر الشريف، مؤكداً أنّ الأزهر لا يحتكر العلوم، وليس حكراً على أحد، ولكنّه يقوم بدور كبير جداً في تقديم مفاهيم رصينة وصحيحة وعلمية للشريعة التي يحاول آخرون هدمها ونسيانها واستبدالها بما يخدم مصالحهم وفكرهم.
تزييف الشريعة لخدمة مصالح التنظيم
وفي قراءته لأحد الملامح الخاطئة لمنهج مؤسّس التنظيم حسن البنا، يقول الأزهري: إنّه افترض أنّ القعود عن المطالبة بالحكم جريمة، وجاءت على خلفية فكر الجماعة بأنّ الحكم هو من أسس الإسلام وليس من فروعه، ووقع في خطأ آخر بأنّ المطالبة في الحكم هو أعظم مقاصد الشريعة، حتى قدّم عندهم هذا المقصد عن مقصد حب النفس، وكان من السهل عندهم أن تهلك النفوس في سبيل استخلاص الحكم، وهو ما يعكس سبب انتهاج الجماعة للعنف في سبيل الوصول إلى السلطة.
حفظ الأوطان… أهمّ مقاصد الشريعة التي يتناساها الإخوان
وبالحديث عن مقاصد الشريعة الصحيحة، أوضح مستشار الرئيس المصري للشؤون الدينية أنّ “هناك (5) كلمات هي خلاص الفهم للشرع الشريف، وكلّ كلمة منها لها أحاديث نبوية وآيات قرآنية، تفسيرها يؤكد أنّ القرآن الكريم يبني أول لبنة من لبنات فهم الشريعة، وهي احترام الأكوان، وثانياً إكرام الإنسان، وثالثاً ازدياد العمران والحرف، ورابعاً حفظ الأوطان، وخامساً زيادة الإيمان”.
وفي السياق ذاته، ذكر الأزهري في حلقة أخرى من البرنامج الذي يحمل اسم كتابه “الحق المبين” نفسه، الذي صدر قبل أعوام وتناول تفكيك أيديولوجيا الإسلام السياسي وفي القلب منها جماعة الإخوان، أنّ الجماعة قد أسست لفكر كافة التنظيمات الإرهابية في العالم، بتقديم مفاهيم خاطئة عن الشريعة، وأوضح أنّ هناك نحو (40) تياراً إسلامياً متطرّفاً خرجوا من تحت عباءة الإخوان، منهم الجماعة الإسلامية، والتكفير والهجرة، والقاعدة، وتنظيم داعش، وبوكو حرام، والسلفية الجهادية في الشام، وبيت المقدس، وأخيراً حركة حسم، ولواء الثورة،… وغيرهم.
المصدر : حفريات