كريتر نت / تقرير
تحدثت العديد من الصحف والمجلات الدولية خلال اليومين المنصرمين حول ما وصفته “الانتهاكات الحوثية” لبنود وقف إطلاق النار المبرم في ستوكهولم، وأجمعت على أن “الهجوم الأخير في العند يعني التهرب من الاتفاق والرغبة في مواصلة الحرب”.
قالت مجلة “تيبليت ماغازين“، في 11 يناير/كانون الثاني، إن “الدلائل على نوايا الحوثيين الحقيقية باتت تتكشف شيئًا فشيئًا في أعقاب التوقيع على اتفاق ستوكهولم بخصوص وقف إطلاق النار، لا سيما أن انتهاكات الحوثيين جاءت من جانب واحد، ما يحتم تسليط المزيد من الضوء على الحاجة إلى استخدام القوة ضد المتمردين”.
لجأ الحوثيون إلى استخدام طائرات بدون طيار من طراز إيراني لتنفيذ هجمات على الأماكن المستهدفة في اليمن، الأمر الذي يجسد نموذجًا لطبيعة الحروب المقبلة في الشرق الأوسط، لا سيما من طرف جماعات غير حكومية تعمل لصالح أنظمة خارج الحدود المحلية.
وعند الحديث عن اليمن بالتحديد، فإن الهجوم الحوثي بطائرة محملة بالقنابل على قاعدة العند الجوية، يوم الخميس المنصرم، يثير القلق بشكل خاص باعتباره خرقًا صارخًا لبنود اتفاقية ستوكهولم بشأن وقف إطلاق النار في البلاد. حينها، أعلنت القيادة الحوثية أن الهجوم استخدم “نوعًا جديدًا” من الطائرات بدون طيار، يدعى “قاصف تو كي”.
ولكن المتمردين لا يمتلكون قدرات محلية لإنتاج طائرات بدون طيار، بل يجلبون طائرات إيرانية أو يستخدمون معدات مصنعة في طهران من أجل تجميعها، وهو ما أكده تقرير فريق خبراء الأمم المتحدة، الذي أشار في وقت سابق إلى أن “قاصف 1″ مماثلة تقريبًا لـ”أبابيل – تي” الإيرانية. وبرغم الانتهاكات الحوثية السابقة، يمكن القول إن الهجوم على “العند” وقح بشكل خاص؛ لأنه يمثل استخفافًا حوثيًا مروعًا بجهود الأمم المتحدة التي استغرقت شهورًا في إقناع طرفي الصراع بالدخول في محادثات سلام.
وهذا بالطبع يعني أن الحكومة الشرعية اليمنية لن تثق أبدًا في الحوثيين، وأن الحوثيين لا يتفاوضون فعليًا بحسن نية، بل بتعليمات من طهران بكل تأكيد. لا يمكن تفسير الهجوم في هذا التوقيت، إلا أن المجموعة المتمردة سعت إلى وضع حد للعملية التفاوضية الخاصة بحرب اليمن، وإثارة المزيد من الصراع عبر محاولة قتل العديد من كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين اليمنيين.
من ناحية ثانية، رأى معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي أن الحوثيين أخفقوا في تنفيذ بنود وقف إطلاق النار حتى قبل تنفيذ الهجوم على “العند”، الأمر الذي قد يدفع التحالف العربي إلى اللجوء إلى القوة لطرد المتمردين من المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
ورأى المحلل الأمريكي آرون ستين أن “وقف إطلاق النار قد ينهار سريعًا بسبب هجوم “العند”، ما يشير بشكل متزايد إلى أن السبب الرئيس وراء استمرار الكارثة الإنسانية اليمنية هو الحوثيون وليس غيرهم”.
وتطرق “ستين” إلى تقنية الطائرات دون طيار في ساحات المعارك التي تنخرط فيها مجموعات تابعة لإيران، وقال إن الحرس الثوري الإيراني ضمِن وصول طائرات إيرانية موجهة عن بعد إلى اليمن ولبنان وسوريا والعراق، لقدرتها على الاستهداف الدقيق نسبيًا، وتكلفتها المالية المتدنية، وقدرتها على قتل أعداد من الأشخاص المستهدفين.
ورأى “ستين” أن ما يثير الانتباه لا يكمن في امتلاك الحوثيين للطائرات الموجهة عن بعد فحسب، بل بإمكانية وصولهم أيضًا إلى المزيد من صور الأقمار الاصطناعية غير مفتوحة المصدر، ما يعني أن طهران تزودهم بمعلومات استخبارية لازمة لتنفيذ هكذا هجمات.
وبحسب المعهد الأمريكي، يحصل الحوثيون على إلكترونيات داخلية من موردين إيرانيين محليين وموردين إلكترونيين ينتشر معظمهم في آسيا. تشتمل تلك الإلكترونيات على نظام تحديد المواقع المثبت في “قاصف 1” بغرض التوجيه الدقيق من خلال برمجة مسبقة. يبلغ مدى هذه الطائرات 150 كيلومترًا عند حمل رأس متفجر بوزن 30 إلى 45 كيلوغرامًا.
وبعد الوصول إلى إحداثيات نظام تحديد المواقع المبرمج مسبقًا، يجري إيقاف تشغيل الطاقة في “قاصف 1″، فتنزلق الطائرة إلى الهدف.
وخلص المعهد الأمريكي إلى أن “الحوثيين استفادوا من التكنولوجيا الإيرانية ليخترقوا وقف إطلاق النار، ما قد يؤدي إلى عودة المعارك، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى ازدياد حدة المجاعة ومعاناة المزيد من الأبرياء”.
لدى الوكلاء الإيرانيين سجل من استخدام الطائرات الموجهة عن بعد، واليمن ليس إلا أحدث دراسة حالة، والتاريخ يقول إن مواجهة هذه التهديدات أمر لا مفر منه.
وعلى المنوال ذاته، قالت صحيفة “إنديا تايمز” الهندية إن الحديث عن الاعتداءات الحوثية يجب أن يرتبط دومًا بإيران الداعمة للمتمردين. وأضافت أن “وسائل الإعلام الحوثية كذبت عندما قالت إن الحوثيين قاموا بتصنيع الطائرات، والحقيقة هي أن المتمردين جلبوا مكونات مصدرها طهران جرى شحنها إلى اليمن”.
وأخيرًا، نقلت إذاعة “كيوكاك” في واشنطن تصريحات خبراء حول الاختراقات الحوثية لاتفاق ستوكهولم، وقال “آدم بارون” إن “ما قام به الحوثيون يمثل خطوة جريئة ومدمرة ستؤدي في نهاية المطاف إلى ازدياد أوجاع اليمنيين”.
ورأت الإذاعة الأمريكية أن “الهجوم الحوثي على قاعدة العند بمثابة ضربة لجهود السلام في اليمن بعد توقيع وقف إطلاق النار بشأن مدينة الحديدة، وذلك بعد يوم واحد من تصريح مارتن غريفيث بأن الاتفاق قد أدى إلى خفض كبير للتصعيد”. في الحقيقة، ينتهك التصرف الحوثي روح محادثات وقف إطلاق النار، ولا بد من تدخل فوري لإيقاف أي انتهاكات مستقبلية
المصدر / اليوم الثامن