كريتر نت – متابعات
رأى محللون أن أربعة عوامل رئيسة كانت وراء تمديد الهدنة اليمنية؛ تمثلت في خسائر الميليشيا ميدانيا لا سيما في شبوة ومأرب، وتضييق الخناق الاقتصادي على الجماعة، والحصار الخارجي عليها من خلال تصنيفها إرهابية لدى منظمات دولية، وفرض القيود على عملية نقل السلاح الإيراني.
وتوقع خبراء أن يشهد الملف اليمني زخما واسعا خلال الأيام المقبلة، لا سيما بعد اللقاء المرتقب للرئيس الأمريكي بولي العهد السعودي، مستبعدين أن تسلك السعودية سياسة المساومات أو الابتزاز والصفقات بما يتعلق بـ“النفط مقابل إعادة تصنيف الحوثيين“.
واعتبر أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود، علي بن دبكل العنزي، أن دول التحالف بقيادة السعودية تسعى حاليا لإنجاح الهدنة التي أُقرت حتى تصل إلى مرحلة اتفاق سلام بين مختلف مكونات الشعب اليمني.
ولفت العنزي في حديثه لـ“إرم نيوز“ أن تصنيف الحوثي كجماعة إرهابية لدى الأمم المتحدة كان مهما جدا، وتصنيفه أيضا من قبل منظمات دولية أخرى زاد من الضغوط عليه وعلى داعميه، معتبرا أن التصنيف كان له دور كبير في الوصول للهدنة.
وعن زيارة بايدن للسعودية ولقاء الأمير محمد بن سلمان، قال إن الملفات التي ستناقَش سيكون أولها مستوى العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، وإعادتها لطبيعتها، وملف اليمن والطاقة.
وشدد على أن السعودية لا تسلك سياسة المساومات أو الابتزاز والصفقات بما يتعلق بـ ”النفط مقابل تصنيف الحوثي“، قائلا ”إذا لم يكن لدى أمريكا ازدواجية في المعايير أمام المجتمع الدولي يجب حينئذ أن تعيد إدراج الحوثي كجماعة إرهابية“.
تعطيل الهدن:
وبين العنزي أن هناك محاولات من ميليشيا الحوثي لتعطيل هذه الهدن وعدم الالتزام بها في كثير من الأحيان، إلا أن السعودية ،مع شقيقاتها في دول التحالف، تحاول أن تسبق منهجية الحوثي التي تسعى لإلغاء الهدن.
وتوقع أن تنجح الهدنة الجديدة طالما صدقت النوايا لدى الأطراف اليمنية، مضيفا ”عودتنا التجارب ألا تفي الميليشيا الحوثية بما التزمت به، وهذا دليل على ارتباطها بالنظام الإيراني الذي يسعى لبسط نفوذه في جنوب السعودية، الأمر الذي لن يُسمح به“.
وقال ”السعودية نادت بالحل السياسي القائم على المرجعيات الثلاث، وهي: قرار مجلس الأمن الدولي، والحوار الوطني، ومخرجات المبادرة الخليجية“.
ضغوط اقتصادية:
وكشف العنزي تعرض الحوثي لضغوط اقتصادية، في حين أن الملف النووي الإيراني لا ينبغي أن يُفصل عما يجري في اليمن، لذلك بات الحوثي معزولا كما فوجئ بمقررات الحوار الوطني الذي شهدته الرياض بين مكونات الشعب اليمني، والذي خرج منه تشكيل مجلس الرئاسة وإصلاحات طالت الحكومة اليمنية.
شدد العنزي على أن تغير الحكومات في إيران لا يعني بأي حال من الأحوال تغير الإستراتيجيات أو الأطماع التي تؤمن بها، مؤكدا أن تعثر ملفها النووي قد تستخدمه كورقة لصالحها من خلال التصعيد في اليمن أو لبنان والعراق.
الموقف الأردني:
وفي الشأن ذاته، أكد المحلل السياسي الدكتور زيد النوايسة، أن الأردن من ناحية التصنيف السياسي يقف مع التحالف العربي بقيادة السعودية، وهو مع الشرعية اليمنية ويرفض المساس بها، وموقفه معروف كوسيط بناء على طلب من الأمم المتحدة، باعتبار تفضيله هو وعُمان من قبل الطرف الحوثي.
وقال في حديث خاص لـ“إرم نيوز“، ”وفر الأردن مقرا للمباحثات التي كانت تتم برعاية أممية منذ بداية الأزمة، وسعى الأردن لتثبيت الهدنة كونها معنية برفقة باقي الأقطار العربية بإنهاء هذه الأزمة للتخفيف عن الشعب اليمني، وصد الانخراط الإقليمي في أزمته“.
وبين أن الأردن لا يسعى لتحقيق مكاسب معينة في هذا الملف، عدا أنه مهتم بتوحيد الصف العربي وأولوياته.
وأكد أن إعلان المبعوث الأممي لليمن قبل ساعات من انتهاء الهدنة بين الأطراف المتحاربة يشير إلى بارقة أمل لدى اليمنيين بأنه من الممكن إنهاء هذا النزاع.
ولمح النوايسة بوجود نوايا حسنة قد تؤسس لبناء الثقة بين الأطراف قياسا على الهدنة السابقة وعودة نفعها على الشعب اليمني، إذ إن الأطراف وصلت ،نوعا ما، لحقيقة ضرورة العمل على التسوية السياسية.
حل سياسي:
في السياق، حث النوايسة على ضرورة التوصل لحل سياسي خلال هذه الهدنة؛ كي لا تبقى هشة، مبينا أنه لا بد من الحوار السياسي ليفضي إلى تسوية سلمية مع تقديم ضمانات للأطراف العربية والإقليمية والدولية.
وعن الدور الإيراني في المشهد اليمني والذي تعرقل ملفه النووي في هذه الأثناء، شدد المحلل السياسي النوايسة على ضرورة وضع حد لهذه الذراع المؤثرة في الساحة اليمنية؛ لضمان نجاح الهدنة، وأي حلول للتسويات السياسية في المستقبل.
وعن الخروقات الحوثية خلال الهدنة السابقة، لفت إلى أن تكرارها أمر وارد، إلا أنه وفي الوقت ذاته تعرضت الميليشيا لخسائر كبيرة أخيرا، ووصلت لقناعة مفادها هو أن حسم الأمر عسكريا أمر ليس بمقدورها خصوصا بعد 7 سنوات من الاقتتال.
الخروقات الحوثية:
من جهته، أشار اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق أستاذ العلوم الإستراتيجية، إلى ضرورة التزام الأطراف المتقاتلة بشروط الهدنة، ومن أهمها ألا يعيد الحوثي خروقاته التي تكررت في الشهرين الماضيين.
وقال سالم إن تعثر إيران في مفاوضاتها النووية سينتج عنه استمرار تدخلها في اليمن، مبينا أنها لن تتنازل، إذ إنها لا تزال تؤمن بأهدافها الأيديولوجية.
الدور المصري:
وعن الدور المصري في مفاوضات التهدئة والهدنة، بين أن الحوثيين يستريحون للجانب المصري والأردني كون أن“ لا مصالح لهما في هذه الحرب“، ومن مصلحة مصر أن يعود اليمن موحدا مع إبعاد الأطماع الإيرانية من المنطقة.
إلى ذلك، أوضح محمود قاسم، الخبير بالمركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، أن دخول الأزمة اليمنية مرحلة جديدة من التهدئة في ظل تمديد هدنة وقف إطلاق النار لمدة شهرين، وجَد ترحيبًا من كل القوى الدولية والإقليمية المؤثرة في الأزمة اليمنية.
وبين قاسم، أنه على الرغم من دخول الهدنة حيز النفاذ إلا أن عملية وقف إطلاق النار لا تزال محفوفه بالمخاطر.
أطول ثبات للهدن:
وفي معرض حديثه قال الخبير المصري ”يُنظر للاتفاق على تمديد هدنة وقف إطلاق النار باعتباره ملمحا إيجابيا في عمر الأزمة وذلك لعدد من الاعتبارات، أولها أن في حال ثبات الهدنة سيكون اليمن أمام واحدة من أطول عمليات وقف إطلاق النار ثباتًا خلال السنوات الماضية“.
وزاد بالقول ”ثانيا، يمكن أن يؤدي تمديد الهدنة ووقف إطلاق النار لبحث سبل التسوية وحلحلة الأزمة اليمنية، وبالرغم مما تحمله عملية القبول بوقف إطلاق النار من دلالات إيجابية، إلا أن هناك شكوكا مثارة حول استمرارها، خاصة في ظل المراوغات الدائمة من قبل الحوثيين وانقلابهم على كل الترتيبات التي تستهدف تهدئة الأوضاع وإنهاء الصراع“.
وأضاف ”لا يتضمن قاموس ميليشيا الحوثي أي مفردات أو قيم تستهدف إحلال السلام، إذ إنها جماعة لا تؤمن سوى بلغة البندقية والسلاح، ولا تعرف مسارا سوى زعزعة الاستقرار ونشر الفوضى وعسكرة الأزمة؛ ما يضع قيودا على تلك الهدنة“.
تراجع الحوثي ميدانيا:
وقد كانت معركة شبوة ضمن التحولات الفاصلة في عمر الصراع، خاصة أنها تمكنت من تطويق الحوثيين ووضع حد لتمددهم، ومنعهم من استكمال توسيع سيطرتهم الميدانية، كما أن إخفاق الميليشيا في حسم معركة مأرب، أكد المأزق الذي تمر به الميليشيا، وأظهر تراجع وضعف الأداة العسكرية لديهم وغياب القدرة على تحقيق أي تمدد في الداخل اليمني.
وقال الخبير المصري ”يرتبط الوضع الميداني بموقف الحوثي وقبوله بهدنة وقف إطلاق النار، رغم ذلك لا يمكن الثقة في موقف الحوثي من التهدئة، إذ إن الجماعة اعتادت على التهدئة كلما تعرضت لخسائر وتراجع ميداني، وقد تكون الميليشيا في مرحلة استجماع القوة بهدف العودة مرة أخرى لعسكرة التفاعل والتخلي عن المسار الدبلوماسي“.
الحصار الخارجي:
واعتبر قاسم أن الحصار الخارجي المفروض على الجماعة وخشية الميليشيا من العزلة، كان سببًا آخر في قبول الميليشيا بالتهدئة، إذ يُنظر لتصنيف الحوثي كمنظمة إرهابية من قبل مجلس الأمن كأحد النجاحات الدبلوماسية التي قادتها دول الخليج والتي أسهمت في تحجيم تحركات الحوثي.
ورجح استمرار تراجع النفوذ العسكري للحوثي على خلفية الخسائر المتلاحقة للكوادر العسكرية، كما أن فرض القيود على عملية نقل السلاح الإيراني وقطع الطريق أمام التمويل العسكري والحربي سيعززان من هذه الفرضية، خاصة بعد تشكيل قوة المهام المشتركة 153، والتي من شأنها أن تضع حدّا لعملية نقل السلاح لليمن عبر خليج عدن والبحر الأحمر.