كريتر نت – صحف
أصوات كثيرة تتعالى حول العالم بسبب النقص الفادح في إمدادات القمح منذ اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية قبل عدة أشهر.
ووفق صحف عربية صادرة اليوم الثلاثاء، فإن الخطر الحقيقي ليس بسبب نقص القمح العالمي، بل حالة الجزع الناتجة عن الخوف الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وتفاقم ظاهرة “الجوع”، حيث بات من المؤكد أن نقص القمح سيؤدي إلى اضطرابات أمنية في مناطق عديدة من العالم.
ذعر عالمي
وقابت الكاتبة آنيا سيزادلو في صحيفة الاتحاد إنه بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، ردت الحكومات الغربية بعقوبات اقتصادية شديدة. وردت روسيا بالتهديد بمنع صادرات النفط والغاز والأسمدة والقمح. وأعلن الرئيس الروسي السابق ديميتري ميدفيديف في الأول من أبريل الماضي على تليجرام «لن نزود إلا أصدقائنا بالمنتجات الغذائية والزراعية»، واصفاً الطعام بأنه «سلاح هادئ» في الحرب.
وأكدت الكاتبة أن القمح سلعة عالمية استراتيجية. ففي عام 2009، بعد ارتفاع الأسعار، أعلنت لجنة فرعية تابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي أن القمح أكثر محورية للحضارة الحديثة من النفط، وإن والخبز يعد مقياساً للاستقرار. وهذا ما يجعله أداة دعاية قوية. وكتب أحد الاقتصاديين الزراعيين أثناء حالة الهلع التي حدثت عام 2010 قائلاً إن «القمح هو كل شيء يتعلق بالخوف».
وأشارت إلى أن الخطر الحقيقي ليس نقص القمح العالمي، بل حالة الجزع الناتجة عن الخوف الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ويعزل الجياع حقاً. وهناك ميل للاعتقاد بأن الناس يتضورون جوعاً بسبب عدم وجود ما يكفي من الطعام، لكن على مدار الستين عاماً الماضية، لم يكن الأمر كذلك.
وشددت الكاتبة على أن الخطر يكمن في أن الذعر سيؤدي إلى تضخم الأسعار، ما يجعل سعر الخبز أعلى من أن يتحمله البعض.
سرقة الحبوب
فيما تناولت صحيفة الشرق الأوسط تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، حيث أكد أن التقارير التي تفيد بأن روسيا تسرق الحبوب الأوكرانية “موثوقة”، معتبراً أن هدفها من ذلك بيعها للربح منها.
وأضاف بلينكن في مؤتمر افتراضي لوزارته حول التداعيات الغذائية للنزاع في أوكرانيا أن أزمة قطاع الحبوب «متعمدة»، متهماً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بممارسة «الابتزاز» في سبيل رفع العقوبات الدولية المفروضة على بلاده.
وأكد أن موسكو بدأت أيضاً تحتفظ بصادراتها الغذائية بعدما فرضت «حصاراً بحرياً في البحر الأسود يمنع نقل المحاصيل الأوكرانية» حول العالم.
ونقلت الصحيفة عن تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» ذكرت فيه أن واشنطن حذّرت 14 دولة معظمها في أفريقيا في منتصف مايو (أيار) من أن سفن شحن روسية تحمل حبوباً أوكرانية مسروقة. وأشار بلينكن إلى هذا المقال من الصحيفة الأمريكية من دون أن يؤكد بشكل مباشر التنبيه الموجه إلى الدول الأفريقية.
وكان السفير الأوكراني في أنقرة اتهم روسيا الجمعة الماضي بـ«سرقة» الحبوب الأوكرانية وتصديرها ولا سيما إلى تركيا.
مجاعة كبرى
ومن جانبه تحدث الكاتب كمال بالهادي في صحيفة الخليج حول أزمات الدول الإفريقية بسبب النقص الفادح في إمدادات القمح بسبب الحرب الأوكرانية الروسية. وهناك دول أعلنت حالة الطوارئ الغذائية على غرار دولة تشاد الفقيرة.
وأكد بالهادي أن هذا الوضع دفع رئيس الاتحاد الإفريقي إلى زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإخباره أن الدول الإفريقية هي ضحايا أبرياء للحرب، وعلى روسيا وأوكرانيا أن تعملا على التخفيف من معاناة تلك الدول، وذلك أثناء اجتماع بين الزعيمين في مدينة سوتشي الروسية.
وأشار الكاتب إلى أنه قبل اندلاع هذا الصراع، كان حوالي 40 % من القمح الذي تستهلكه دول إفريقيا يأتي من روسيا وأوكرانيا.
وبحسب الكاتب حذر خبراء أوروبيون أن العالم بات يقف على أعتاب مجاعة كبرى لا في الدول الأقل نمواً بل حتى في الدول الغنية. ويقولون إنّ هناك عشرة أسابيع فقط تفصلنا عن أكبر مجاعة عالمية. وهو ما يتماهى مع تحذيرات سابقة من أنّ الخريف القادم سيكون موعد هذه المجاعة، إن لم يتم إيجاد حلول لضمان استئناف تصدير القمح من أوكرانيا.
وأكد بالهادي أن المسألة هنا لا تتعلق بمجاعة فقط بل بما سينتج عنها من أزمات أمنية واجتماعية خطِرة. فهناك تحذيرات جدّية من تدفق الملايين من جنوب القارة الإفريقية إلى شمالها ومن ثمة إلى أوروبا بحثاً عن الأمن الغذائي.
وختم الكاتب حديثه قائلاً إن الوضع على أبواب انفجار عظيم، ستكون له مفاعيل خطِرة في الأسابيع القادمة إن لم يتم الإفراج عن شحنات الغذاء عبر الموانئ الأوكرانية. ستكون هناك حرب أخرى خفية بين الدول القوية التي ستضمن حصتها أوّلاً، والدول الفقيرة التي ستنتظر حتى تمتلئ بطون أهل الشمال.