كريتر نت – متابعات
لعبت الجماعات الجهادية (الأفغان العرب) وفي إطارها الفكري والقيادي العام ” جماعة اخوان اليمن” الدور المحوري في حسم انقلاب نظام صنعاء على اتفاق الوحدة بين دولة الجنوب الجمهورية الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية ، وتحولت تلك الجماعات المتطرفة التي مثلت الطرف الفعلي والشريك في اقصاء كوادر الجنوب واغتيالها إلى حزب سياسي يطالب بنصيبه في الحكم والثروة الجنوبية مقابل تلك الشراكة الدموية المتجددة في فتوى تكفيرية لشعب الجنوب .
ومن ضمن الاستحقاقات التي حصلت عليها تلك الجماعات بعد أن كانت سنداً وداعماً وشريكاً أساسياً في اجتياح واحتلال الجنوب والوكيل الحصري في توطين الارهاب فيه , تولي الكثير من قياداتها مناصب هامة في الدولة ونظام صعناء, وصلت إلى حقائب وزارية ومراتب عليا في الجيش والأمن وجهاز الاستخبارات والجهاز القضائي الذي صدرت منه فتوى الجهاد على الجنوب من خلال عبد الوهاب الديلمي رئيس المحكة العليا وكان في نفس الوقت رئيس الهيئة العليا لحزب الاصلاح فرع تنظيم الاخوان في اليمن .
وحسب تقارير دولية ادى تمكن الجناح السياسي للجماعات الجهادية المتطرفة منها تنظيم القاعدة ” حزب الاصلاح الاخواني ” من الحصول على نفوذ عسكري وأمني وقضائي واسع وعميق , الى عجز نظام صنعاء من الايفاء بالمطالبات الدولية في التعامل الجاد والحاسم مع الارهاب وتحجيم مخاطره , وهو ما جعل التنظيم الإرهابي في اليمن قضية معقدة وشائكة ولا يمكن فرزه دون تنظيف هياكل السلطات الرسمية واجهزة الدولة من نفوذ جناحه السياسي حزب الاصلاح .
تقرير اوربي نشر ه مركز الأبحاث الأوروبي “European Eye On Radicalization”، المختص بالدراسات الراديكالية، حول تطرف حزب الإصلاح الاخواني وإرهابه في اليمن والجنوب مؤكداً أن الإخوان المسلمين، والتنظيمات الإرهابية الأخرى يتبادلون الأقنعة ذاتها بحسب ضرورات الزمان والمكان، لكنهم يجتمعون في كونهم وجهاً شريراً واحداً يحول دون مستقبل مشرق لليمن”
إختراق القضاء
لعبت المؤسسة القضائية في نظام صنعاء دورا في جوانب التوجيه والارشاد والتعبئة للجماعات الجهادية المتطرفة ، بل كانت اول انشطة الافتاء الارهابي من ذات المؤسسة ، ففتوى الجهاد على الجنوب في عام 1994 م كانت من قبل الزعيم الروحي لتنظيم الاخوان فرع اليمن ومن رئيس الهيئة العليا للتنظيم القاضي عبدالوهاب الديلمي الذي كان وقتها يشغل منصب رئيس المحكمة العليا .
حيث تساهل وتماهى القضاء اليمني والسلطات الأمنية كثيراً مع العناصر الإرهابية بعد 94, بسبب ما تم ذكره آنفاً, وعلى طول المراحل وحتى اليوم ، وظهر هذا التساهل والتماهي في الإفراج عن العناصر الارهابية وإخضاعهم لبرامج المناصحة التي كان يديرها القاضي حمود الهتار (وزير الأوقاف في حكومة باسندوة) ورئيس المحكمة العليا في الوقت الحالي ، هذه المناصحة وفقا لنتائجها كانت تهدف إلى دعم الإرهاب وتمكينه أكثر من ذي قبل, بدلاً من إخضاع المنتمين إليه للعقوبات الجنائية التي ينص عليها القانون ، لا سيما وان نتائجه كانت كارثية ظلت الجهاز القضائي بمختلف هياكله ومستوياته متأثرا بسيطرة حزب الاصلاح الاخواني – الجناح السياسي للجماعات المتطرفة – وتكرر تماهيه مع العناصر الارهابية بقرارت سياسية تقف خلفها شخضيات اخوانية نافذة في الدولة منها في الجهاز القضائي كالقاضي حمود الهتار الذي استغل تجربة المملكة العربية السعودية في اجراء برامج حوار وتأهيل مع العناصر المتطرفة وفق استراتيجية حققت نجاحات فعلية ، على عكس المناصحة والحوار الذي اداره الهتار مع العناصر الارهابية في سجون صنعاء منذ 2006م إذ كان مختلف تماما في الاهداف المتوخاه بدليل نتائجه التي كان ابرزها اطلاق وفرار العشرات من اخطر العناصر الارهابية حيث ان ذات الحوار الذي تم اتباعه في 2006، وتولى إدارته الهتار، أطلق بموجبه أكثر من 314 عنصراً من المعتقلين على خلفية انتمائهم لتنظيم القاعدة الارهاب باشروا فور خروجهم من السجون، في استقطاب وتجنيد الشباب إلى تنظيم القاعدة، بدليل أن كل الأعمال الإرهابية في تلك الفترة نفذها عناصر ارهابية التحقت بالقاعدة عقب عام 2006.
في 2006 م وهو العام نفسه الذي تولى فيه الهتار حوار المناصحة مع العناصر الارهابية وقعت عملية الهروب الكبير والمرعب ل 23 من أخطر عناصر تنظيم القاعدة ، كان من بين هؤلاء السكرتير السابق لأسامة بن لادن، ناصر الوحيشي، الذي اصبح لاحقاً الزعيم المؤسس لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي نشأ رسمياً في يناير/ كانون الثاني 2009، ولا يبدو ان هذا الفرار كان حدثا مجردا من استراتيجية جماعة الاخوان في اليمن اثناء صراعها مع نظام عفاش في الانتخابات وموقفها من المملكة العربية السعودية ، استراتيجية تحريك اجنحتها الارهابية في المنطقة وتأطيرها في قيادة واحدة وللحيلولة دون اختراقها من قبل الاجهزة الاستخباراتية ، وتطلب ذلك ومن خلال مناصحة حمود الهتار وبتسهيل من رئيس جهاز الامن السياسي الاخواني غالب القمش تمكين فرار ناصر الوحيشي ليقوم بمهمة توحيد فرعي التنظيم في اليمن والسعودية.
عقب عملية الفرار لاخطر العناصر الارهابية من سجن الامن السياسي بصنعاء استؤنفت الهجمات على أهداف اجنبية، بما في ذلك التفجير الانتحاري الذي وقع في مأرب عام 2007 وأسفر عن مقتل ثمانية سياح إسبان، والهجوم الذي وقع على السفارة الأمريكية بصنعاء عام 2008، ولكن الاستهداف الفاشل لرحلة خطوط نورث ويست الجوية رقم (253) عشية عيد ميلاد لعام 2009، هو الذي عزز الاهتمام بالقاعدة باليمن في أوساط المخابرات وأجهزة الأمن الغربية بوصفها أخطر فرع من فروع القاعدة.
حُكم على النيجيري عمر فاروق عبد المطلب، بالسجن مدى الحياة بتهمة الشروع في تلك العملية، وقد اعترف للمحققين أن القاعدة دربته في اليمن وأمرته بمهاجمة أهداف أمريكية انتقاماً لقتل عناصرها في البلاد، ولم تقوم السلطات اليمنية بمحاكمة الهتار ولا رئيس جهاز الامن السياسي الذين ينتميان لجماعة الاخوان وضلوعهما في عملية فرار العناصر الارهابية في أغسطس (آب) 2014 م وعقب انفراد جماعة الاخوان في الحكم وصعود القاضي حمود الهتار وزيرا للاوقاف توعد ناصر الوحيشي زعيم تنظيم القاعدة ، بتحرير أنصاره من العناصر الارهابية المعتقلين في سجون صنعا.
وقد فر هو نفسه من سجن في صنعاء في فبراير (شباط) 2006 مع 22 عضوا آخر في التنظيم الإرهابي كنتيجة لحوار القاضي الهتار مع تلك العناصر في تلك الفترة .
ولم يمضي من الوقت الكثير حتى أعلنت وزارة الداخلية اليمنية في بيان نشرته وكالة الأنباء سبأ ، أن 29 سجينا، من المدانين في قضايا إرهابية وجنائية مختلفة ومن اخطر العناصر الارهابية، تمكنوا من الفرار عبر فتحة أحدثها انفجار سيارة مفخخة في سور السجن” وتلى ذلك ذلك تسليم حضرموت الساحل لتنظيم القاعدة.
إصرار الهتار على إكمال المهمة
تربى الهتار في المدرسة الاخوانية حد وصفه ومع مرشدها عبده محمد المخلافي وهو المقرب من التنظيمات المتطرفة المتفرعة من جماعة الاخوان والتي قبلت ان يكون وسيط بينهما وبين حكومات صنعاء عدة مرات بكونه رئيس للجنة “المناصحة” التي وجدت لإرجاع الشباب المنتمين الى تنظيم القاعدة عن افكارهم الا انها حد قول خبراء بالشأن لم ترجع احد منهم وان من كان لها دور في اخراجه من السجون عاد للعمل الارهابي .
لم يتوقف الهتار عن تلك التجربة التي اعطته مكانة كبيرة في تنظيم الاخوان اكثر من ذي قبل ، بل واصل في المطالبة بحوار ومناصحة عناصر تنظيم القاعدة على طريقته السابقة لتحقيق النتائج ذاتها ، ففي برنامج حواري على قناة “ازال ” اليمنية قال ان لجوء الحكومة إلى استخدام القوة في مواجهة عناصر القاعدة ادى إلى استخدام عناصر هذه الجماعة للقوة في المقابل .
وتطرق “الهتار” إلى خطاب اخير للرئيس هادي” والذي قال فيه ان 70% من عناصر التنظيم في اليمن من خارجها داعيا “هادي” إلى محاورة الـ 30 % من أعضاء التنظيم الذين هم “يمنيون”.
وفي حوار سابق تحدث الهتار فيه حول تجربة ما اسماه بالحوار ومناصحة مع أعضاء من تنظيم القاعدة خلال السنوات الماضية قائلا : إنه يتوجب على الرئيس “عبدربه منصور هادي” ان يبدأ بالحوار مع أعضاء تنظيم القاعدة مؤكدا ان محاولات اجتثاث هذا التنظيم عبر القوة المسلحة لايمكن لها ان تنجح.
مؤخرا استغل الهتار تعيينه رئيسا للجنة القانونية لوضع تشريعا يشرعن ما داب عليه في تعزيز اواصر علاقته وعلاقة الاخوان بالعناصر المتطرفة وقطع الطريق امام خيار مكافحة الارهاب بالخيار العسكري الذي اثبتت القوات المسلحة الجنوبية نجاعته .
في مسودة القواعد المنظمة لاعمال مجلس القيادة الرئاسي تعمد الهتار وضع فقرة تنص على اعتماد الحوار والمناصحة مع العناصر الارهابية ولعل تلك الفقرة واحدة من اخطر حشوات التفخيح لذات المسودة الهتارية الاخوانية .
المصدر : درع الجنوب