كريتر نت – متابعات
قالت أوساط سياسية لبنانية إن التصعيد في خطاب حزب الله وحليفه الرئيس ميشال عون، في موضوع التنقيب الإسرائيلي عن الغاز في منطقة مثار خلاف في المتوسط، يهدف إلى صرف الأنظار عن نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة، والتي أكّدت أن تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر فقد ثقة اللبنانيين، وهو ما سيؤثر على المشاورات بشأن تشكيل الحكومة ويحدّ من قدرة حزب الله على المناورة والتصرف كحاكم فعلي في لبنان.
ودأب حزب الله على اللجوء إلى افتعال أزمات خارجية للتغطية على أزماته سواء داخل الحزب أو في المشهد اللبناني ككل، لكن مراقبين يقولون إن استعمال الحزب لورقة المقاومة والتصعيد مع إسرائيل لم يعد ذا جدوى بعد أن وقف اللبنانيون على حقيقة الحزب وأجندته ووقوفه بشكل مباشر وراء الأزمة الحادة التي يعيشها لبنان كونه الحزب صاحب النفوذ القوي، وهو من يدعم تشكيل الحكومة أو يعيقه، وهو من يقف ضد الإصلاحات الاقتصادية العاجلة التي يطالب بها المانحون.
وفيما فهم كمحاولة أولية للنأي بالنفس وترك المواجهة للرئيس عون، عاد حزب الله سريعا للتلويح باستخدام القوة، حيث قال الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، الاثنين لوكالة رويترز، إن الحزب مستعد لاتخاذ إجراءات “بما في ذلك القوة” ضد عمليات التنقيب الإسرائيلية.
وجاءت تصريحات قاسم بعد يوم من وصول سفينة تديرها شركة إنرجيان، ومقرها لندن، قبالة الساحل لاستخراج الغاز لإسرائيل من حقل “كاريش”.
وكان الأمين العام للحزب حسن نصرالله أكد في كلمة في التاسع من مايو الماضي أن حزبه قادر على منع إسرائيل من التنقيب واستخراج النفط من المنطقة المتنازع عليها.
وقال “لن تجرؤ شركة في العالم أن تأتي إلى ‘كاريش’ أو إلى أيّ مكان في المنطقة المتنازع عليها إذا أصدر حزب الله تهديداً واضحاً جدياً في هذه المسألة”.
ودعت السلطات اللبنانية الاثنين الوسيط الأميركي آموس هوكستين للمجيء إلى بيروت للبحث في استكمال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
واعتبر مسؤولون لبنانيون الأحد أن أيّ نشاط إسرائيلي في المناطق البحرية المتنازع عليها يشكل “استفزازا وعملا عدوانيا” بالنسبة إلى لبنان. بينما قالت إسرائيل إن حقل “كاريش” غير متنازع عليه، وإن “أعمال التنقيب فيه انتهت منذ أشهر”، ووصول السفينة هو تمهيد لبدء عمليات استخراج الغاز.
وأعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في بيان أنه بعد التشاور مع رئيس الجمهورية تقرّرت دعوة هوكستين “للحضور إلى بيروت للبحث في مسألة استكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية والعمل على إنهائها في أسرع وقت ممكن، وذلك لمنع حصول أيّ تصعيد”.
كما تقرر، وفق البيان، إجراء “سلسلة اتصالات دبلوماسية مع الدول الكبرى والأمم المتحدة لشرح موقف لبنان… واعتبار أن أيّ أعمال استكشاف أو تنقيب أو استخراج تقوم بها إسرائيل في المناطق المتنازع عليها، تشكل استفزازاً وعملاً عدوانياً”.
وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها، على مساحة بحرية تقدر بنحو 860 كيلومتراً مربعا، بناء على خارطة أرسلها لبنان في 2011 إلى الأمم المتحدة. لكن لبنان اعتبر لاحقاً أن الخارطة استندت إلى تقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومتراً مربعا إضافية تشمل أجزاء من حقل “كاريش”.
في المقابل، تعتبر إسرائيل أن حقل “كاريش” يقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها وليس في المنطقة المتنازع عليها.
وتقول الخبيرة في شؤون النفط والغاز في لبنان والمنطقة لوري هايتيان “إذا كان المسؤولون اللبنانيون يعتقدون أن دعوة هوكستين إلى بيروت ستوقف العمل في ‘كاريش’ فهذه ليست إلا مضيعة للوقت”.
وتشدّد على أن ما يوقف العمل في “كاريش” ويحرّك طاولة المفاوضات هو صدور موقف رسمي لبناني عبر توقيع رئيس الجمهورية مرسوما يقضي بتعديل الحدود البحرية بما يضمن المساحة الإضافية التي يطالب بها لبنان.
وفي إسرائيل أكدت وزارة الطاقة الإسرائيلية أنه تمّ الانتهاء من الحفر الفعلي قبل أشهر عدة وأن عملية الاستخراج ستكون التالية، معتبرة أن وصول السفينة هو خطوة في هذا الاتجاه.
وقالت متحدثة باسم وزارة الطاقة الإسرائيلية الاثنين “ما يعملون عليه اليوم هو ربط الحقل عبر أنابيب بالمنصة التي وصلت أمس (الأحد)” على أن “تنقل أنابيب أخرى الغاز من المنصة إلى السواحل الإسرائيلية”، متوقعة بدء “تدفق الغاز من ‘كاريش’ في سبتمبر المقبل”.
وشدّد مسؤول إسرائيلي رافضاً الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية، على أن “‘كاريش’ هو خزان للغاز الطبيعي داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة لإسرائيل المعترف بها من الأمم المتحدة”. وانتقد “الأكاذيب الصادرة من لبنان والزاعمة بشكل مفاجئ أن هذه منطقة متنازع عليها”، مؤكداً أنه “يمكن دحضها من الأمم المتحدة وهي تتعارض مع موقف لبنان في الماضي، عندما اعترف بنفسه بهذه المنطقة على أنها مياه إسرائيلية”.