هند سليمان
صحفية مصرية
حقائق مثيرة للقلق كشف عنها تقرير حماية الدستور في ألمانيا لعام 2021، ففي حين انخفض بشكل “طفيف” عدد الأشخاص المنتمين لجماعات إسلاموية، شهدت تيارات اليمين واليسار المتطرف في البلد الأوروبي ارتفاعاً في الأفراد والأنشطة، فقد رصد التقرير، الذي قدمته هيئة حماية الدستور الألمانية (الاستخبارات الداخلية) ووزيرة الداخلية نانسي فيزر، استمرار ارتفاع عدد أصحاب التوجهات اليمينية المتطرفة، والمستوى العالي من التطرف اليساري العنيف.
وأوضح التقرير أنّ عدد الأشخاص أصحاب التوجهات اليمينية المتطرفة استمر في الارتفاع حتى وصل إلى (33.900) في عام 2021 من (33.300) في 2020، أمّا المتطرفون اليمينيون ذوو التوجهات العنيفة، فقد زاد عددهم إلى (13.500) في 2021 من (13.300) في 2020، وارتفع عدد المتطرفين اليساريين إلى ما مجموعه (34.700) في 2021 من (34.300) في 2020، يُصنف أغلبهم بـ”العنيف”.
إلى ذلك، سجل عدد الأشخاص الذين ينتمون إلى جماعات إسلاموية انخفاضاً طفيفاً في 2021 مقارنة بـ2020، حيث انخفض عددهم بمقدار (425) إلى (28.290) من (28.715) في 2020، غير أنّ التقرير حذّر من أنّ “خطر الإرهاب المرتبط بجماعات إسلامية في ألمانيا مستمر بلا هوادة”، مشيراً إلى أنّ التهديد في ألمانيا وأوروبا “ما يزال يأتي من أفراد جهاديين، أو من هؤلاء الذين يتلقون تعليمات من متطرفيين إسلاميين بشكل فردي أو في مجموعات صغيرة بوسائل عمل بسيطة”.
أعداء الديمقراطية
على الرغم من انتشار التطرف اليساري بوتيرة أعلى، شددت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر على أنّ “التطرف اليميني يظل أكبر تهديد متطرف لديمقراطيتنا”.
وأكدت فيزر: “نتخذ إجراءات حاسمة ضد أعداء ديمقراطيتنا. خطتي للعمل تنص على تدابير واضحة: يجب علينا وقف التطرف، وسحق شبكات اليمين المتطرف ونزع سلاح المتطرفين باستمرار. لقد حققنا هنا نجاحات استقصائية مهمة في الأسابيع القليلة الماضية.”
وأضافت فيزر: هناك “أيضاً مستوى عالٍ من التطرف في التطرف اليساري العنيف”، مؤكدة: “ما زلنا بحاجة إلى تدخل متسق ومبكر للغاية ضد العنف اليساري المتطرف.”
وبالنسبة إلى الإسلاموية، قالت فيزر: “إنّ سلطاتنا الأمنية تظل يقظة للغاية” في هذا الصدد، لافتة إلى أنّ “احتمالية المخاطر ما تزال عالية”.
إلى ذلك، قال توماس هالدينفانج، رئيس هيئة حماية الدستور الألمانية: “يُظهر تقرير حماية الدستور أنّ هناك تهديدات عديدة من مناطق مختلفة جداً لديمقراطيتنا وأمن السكان. ارتفع عدد الأشخاص مرة أخرى في جميع الظواهر المتطرفة تقريباً. أعداء الدستور غير متجانسين للغاية: من ناحية، نرى أولئك الذين يوحدهم رفضهم للدولة، ومن ناحية أخرى، نلاحظ أنّ الجناة المتطرفين يتصرفون بشكل فردي وينشطون بالتطرف الرقمي على الإنترنت. اللافت للنظر هو انتشار المعلومات المضللة التي يمكن العثور عليها في كل مجال من الظواهر تقريباً. إنّها مهمة المجتمع ككل لتحييد هذا من خلال التصحيحات والتنوير”.
وبحسب هالدينفانج، فإنّ “هدف المتطرفين اليمينيين في عام 2021 ظل يتمثل في القدرة على التواصل مع الدوائر البرجوازية الديمقراطية. على سبيل المثال، استغلوا الاحتجاجات ضد تدابير الدولة للحماية من كورونا أو كارثة الفيضانات في شمال الراين وستفاليا أو راينلاند بالاتينات” للتواصل مع تلك الدوائر المذكورة.
زادت إمكانات جماعات “مواطن الرايخ” و”الحكم الذاتي” مرة أخرى مقارنة بالعام السابق بنسبة (1000) شخص إلى إجمالي (21.000)، وفقاً لهالدينفانج، الذي عزا هذه الزيادة بشكل أساسي إلى الاحتجاجات على إجراءات الدولة للحماية من كورونا، التي أدت إلى زيادة الديناميكية والنشاط في أجزاء من هذا المشهد.
و”مواطن الرايخ” هي حركة ألمانية ترفض وجود شيء اسمه الدولة الألمانية الحديثة، ويصرّ أعضاؤها على أنّ الإمبراطورية الألمانية ما تزال قائمة بحدود 1937 أو حتى بحدود 1871. وتقول الحركة إنّ ألمانيا حالياً ما تزال محتلة من قبل القوى الأجنبية، وإنّ البرلمان والحكومة وكذلك السلطات الأمنية، ليست سوى دمى تتحكم فيها تلك القوى، وفقاً لموقع “دويتشه فيله” الألماني.
فئة متطرفة جديدة
لم تنتهِ قائمة الحركات والجماعات المتطرفة بعد، فقد كشف التقرير عن وجود حركة جديدة أطلقت عليها “ظاهرة” منذ نيسان (أبريل) الماضي، تُدعى “نزع شرعية الدولة ذات الصلة بحماية الدستور”، وتسعى لإيطال المبادئ الدستورية الأساسية أو عرقلة عمل الدولة أو مؤسساتها بشكل كبير.
بُعد جديد
اتخذت التهديدات المتطرفة في ألمانيا بُعداً جديداً مع الحرب “العدوانية” الروسية الأوكرانية، على حدّ قول فيزر، التي أكدت: “ندافع عن الأمن الداخلي والسلام الداخلي في ألمانيا ضد التجسس الروسي ومحاولات التأثير والأكاذيب والدعاية الحربية، أكاذيب بوتين لا تنتشر في ألمانيا”.
واتهم تقرير الاستخبارات الداخلية الألمانية روسيا والصين وإيران وتركيا بالقيام بأنشطة تجسس وهجمات سيبرانية في ألمانيا، وفي مقدمتها روسيا من حيث الانتشار والتأثير، قائلاً: إنّ “روسيا تمارس نفوذها، لا سيّما من خلال المعلومات المضللة. وقد زاد حجم التجسس السياسي وأنشطة التأثير من قبل الصين بشكل كبير.”
المصدر : حفريات