كريتر نت – العرب
فشل المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ في تحقيق أي من الأهداف التي قادته إلى زيارة العاصمة صنعاء، لاسيما في علاقة بإنهاء حصار تعز، وسط حالة من التشاؤم حيال إمكانية استمرار الهدنة التي جرى تمديدها في وقت سابق من الشهر الجاري.
وكشفت مصادر يمنية مطلعة لـ”العرب” أن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ غادر العاصمة صنعاء دون تحقيق أي نتائج تذكر في سياق محاولته إقناع القيادات الحوثية بالموافقة على مقترحه المعدل لفتح الطرقات في مدينة تعز.
وأشارت المصادر إلى تشبّث الحوثيين بمقترحاتهم المتعلقة باستحداث طرقات فرعية بديلة عن الرئيسية التي اقترح المبعوث الأممي فتحها بشكل تدريجي تنفيذا لبنود الهدنة التي وافقت الحكومة اليمنية والحوثيون على تمديدها لشهرين إضافيين.
ولفتت المصادر إلى أن لقاءات غروندبرغ بالقيادات الحوثية خلال زيارته القصيرة إلى صنعاء، شهدت طرح حزمة جديدة من الاشتراطات الحوثية من بينها زيادة عدد الوجهات والرحلات من مطار صنعاء وإعادة مقر البنك المركزي اليمني إلى صنعاء لإبداء مرونة في ملف الهدنة الاقتصادية.
وأغلق الحوثيون عمليا باب التفاوض حول فتح الطرقات الرئيسية في تعز من خلال تصريح وصف بالصادم أطلقه رئيس وفد الحوثيين المفاوض يحيى الرزامي الذي هدد في مؤتمر صحافي بفتح المقابر بدل الطرقات في تعز، حسب تعبيره.
أسامة الشرمي: الوضع سينفجر في أي لحظة ما لم ينفذ الحوثيون ما عليهم
وفي مؤشر على اتجاه الحوثيين إلى المزيد من التصعيد تواترت المعلومات عن إرسال الميليشيات المدعومة من إيران للمزيد من الحشود العسكرية إلى محافظتي مأرب وتعز بالتوازي مع رفع وتيرة الانتهاك للهدنة الأممية على الأرض.
واتهمت الحكومة اليمنية الأربعاء الحوثيين بارتكاب 91 خرقاً للهدنة الأممية في مختلف جبهات القتال وخاصة في تعز والحديدة وحجة والجوف والضالع ومأرب.
وتعليقا على نتائج زيارة المبعوث الأممي إلى صنعاء، قال أسامة الشرمي وكيل وزارة الإعلام في الحكومة المعترف بها دوليا في تصريح لـ”العرب” إن هدف زيارة غروندبرغ إلى صنعاء لم يكن إحياء المباحثات، مشيرا إلى أن “ما يجعل التوقعات في أدنى حالاتها بخصوص استمرار الهدنة أن أياً من التزامات الحوثي لم ينفذ”.
وأضاف “إذ لم ترفع الميليشيات الحصار عن تعز ولم تطلق سراح المعتقلين ولم توقف خروقاتها المتكررة لوقف إطلاق النار ولم تدفع رواتب الموظفين من عائدات المشتقات النفطية في مناطق سيطرتها بحسب اتفاق الهدنة، فإن الهدنة في خطر حقيقي”.
وحذر من أن “الميليشيات تستمر في التصعيد وهي بصدد تنفيذ حكم الإعدام بحق مجموعة من الصحافيين القابعين في سجونها منذ سبع سنوات وهذه الجريمة والشروع فيها يشي بنوايا الحوثيين تجاه السلام”، لافتا إلى أن الهدنة “هي من طرف الشرعية التي نفذت كل التزاماتها في الاتفاق، والهدنة ليست مجانية بالتأكيد، وما لم تنفذ الميليشيات ما عليها فإن الوضع سينفجر في أي لحظة”.
ومن جهته أشار المحلل العسكري اليمني وضاح العوبلي إلى أنه بالنظر إلى نتائج زيارة المبعوث الأممي إلى صنعاء، يتعزز الانطباع بأن جماعة الحوثي لن تقدم أي تنازلات حتى وهي في الفترة التي ينبغي فيها إثبات حسن نواياها برد الجميل للطرف الآخر الذي منحها تنازلات مسبقة دون أي مقابل.
وأكد العوبلي في تصريح لـ”العرب” أن نتائج زيارة المبعوث الأممي كانت متوقعة “طالما خلت جهوده وجولاته من أي وسائل للضغط، وطالما انكفأت الأطراف الأخرى حتى عن مجرد التلويح بالقوة أو حتى تدارست التحضيرات الممكنة لهذا الخيار الذي نعتبره بنظرنا الخيار الأمثل لانتزاع عوامل التعنت من الحوثي”.
منافذ تعز تبقى تحت الحصار
وأضاف المحلل اليمني “يبدو من خلال التقارير اليومية أن الأنشطة والتحركات العسكرية الحوثية والاختراقات التي تصل حد شن معارك في تزايد مستمر يفوق بأضعاف ما كانت عليه الاختراقات في الأسابيع الماضية، ما يؤكد بأن الهدنة مجرد هدنة مجازية، ومصيرها الانهيار في أي لحظة، ولولا التزامات قيادة وأطراف الشرعية بها وتأكيداتهم المتواصلة للتمسك بها، لانهارت منذ أيامها الأولى”.
ويذهب نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح إلى أن الأمر الإيجابي في زيارة غرودنبرغ هو أنها “تكشف عن اقتناع المجتمع الدولي بأن الميليشيات الحوثية هي من تعرقل التوصل إلى تفاهمات حول قضايا عدة ومنها فتح طرقات تعز”.
ولفت صالح في تصريح لـ”العرب” إلى أن الجماعة الحوثية تستغل حالة “الرخاوة” في الشرعية التي باتت تستجدي الحوثي بشكل يبعث على الشفقة وهو أمر مستغرب خاصة بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، حسب تعبيره.
وأضاف “الحوثيون يدركون اليوم أنهم أكثر قوة وتنظيما، كما يدركون أن هناك قوى في الشرعية تتخاذل عن قتالهم، ولذلك هم يتجاهلون المناشدات والمقترحات الدولية بل ويصعدون من مطالبهم واشتراطاتهم بعد أن حققوا مكاسب فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة واعتماد الجوازات الصادرة عنهم، ليطالبوا اليوم بعودة البنك المركزي إلى صنعاء”.
منصور صالح: الشرعية منشغلة بالمناكفات وخلق الصراعات البينية
وتابع صالح “الهدنة هي مطلب لكنها في وضعها الحالي تمثل منجزاً حوثيا يستغل في إعادة ترتيب أوضاع الجماعة وقواتها في حين تنشغل منظومة الشرعية بالمناكفات وخلق الصراعات البينية في حالة تشبه إلى حد كبير حالة المنظومة السابقة التي يبدو أن دولتها العميقة ما زالت حاضرة ومؤثرة في المشهد السياسي والعسكري، ولذلك يشعر الحوثي بالطمأنينة ويعمل على فرض شروطه ومنها ضمان استمرار هذه الهدنة كما يريدها هو”.
واعتبر يعقوب السفياني مدير مكتب مركز سوث 24 للدراسات في عدن أن لا نتائج مرجوة من زيارة المبعوث الأممي إلى صنعاء واللقاءات التي أجراها مع مسؤولي جماعة الحوثي، مشيرا إلى أنه منذ بداية الهدنة وحتى مناقشات عمّان لم تظهر الجماعة المدعومة من إيران أي بوادر أو ترسل أي إشارات على نيتها ورغبتها في إنجاح الهدنة والبناء عليها وتنفيذ ما يقع على عاتقها من بنود والتزامات مقابل ما قام به الطرف الآخر من التزام وصل إلى حد التنازلات غير المبررة لصالح الحوثيين كما يظهر الآن بالنسبة إلى الكثيرين.
وأكد السفياني في تصريحات لـ”العرب” أن زيارة صنعاء التي كانت تهدف إلى إقناع الحوثيين بالمقترح الأممي للفتح التدريجي لطرقات تعز لم يتمخض عنها سوى إصرار الحوثيين على رؤيتهم الخاصة بشأن فتح طرقات فرعية ورفض المقترح الأممي بصورة ضمنية وغير مباشرة. وإلى جانب كل هذا، تطالب الجماعة بتقويض البنك المركزي اليمني في عدن والسلطة المالية والاقتصادية الشرعية للمجلس الرئاسي وتوحيد موارد البلاد لتقاسمها مع الجماعة تحت يافطة رواتب الموظفين.
وأضاف أن “استمرار نهج غروندبرغ في التعامل مع الحوثيين وتنصلهم من الالتزامات واستغلالهم للهدنة لن يجلب سوى الفشل له ولهذه الهدنة التي مددت شهرين إضافيين بعد مرور أكثر من شهرين لم يتحقق فيها سوى ما تريده الجماعة من فتح مطار صنعاء ودخول السفن إلى ميناء الحديدة بل وشرعنة جوازات السفر الصادرة عنها من صنعاء. وإلى جانب ذلك كله، لا تزال خروقات الجماعة مستمرة بشكل تصاعدي في كل الجبهات، وتهاجم طائراتها المسيرة جبهات الضالع والساحل الغربي باستمرار وهو ما نتج عنه قتلى من القوات الجنوبية والقوات المشتركة”.