نايف الأحمري
بلا شك عنوان هذا المقال هو أسوأ سيناريو قد يحدث في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، اليوم هو احتمال مُرجح وغداً سيصبح حقيقة وهذا أقرب للواقعية، إيران تطور البرنامج النووي منذ سنوات، وواجهت سلسلة من العقوبات الاقتصادية الضخمة وقطيعة من جيرانها، واليوم تصل لمرحلة التراجعُ فيها عن امتلاك قنبلة نووية مُحرم. مساعي الاتفاق النووي الجديد توفيت دماغياً في فيينا منذ مارس الماضي، والقوى العالمية فشلت بتطويع النظام الإيراني، وضغطها وُصف بأنه غير كافٍ ولم يُفلح، وحتى الوكالة الدولية للطاقة الذرية فُصلت أعين مراقبتها الـ27 على المنشآت النووية في إيران وبات الحل النووي مع طهران محدوداً، كما يقول رافائيل غروسي مدير الوكالة الذرية.
المؤشرات توحي بصحة توقع الدوائر الأميركية منذ بداية هذا العام بأن القنبلة النووية ستكون بحوزة إيران قريباً.. عندئذ سيبدأ سباق التسلح النووي في المنطقة والخليج تحديداً، وصناعة تحالفات جديدة مع قوة نووية بما تقتضيه مصالح أمنها والحفاظ على استدامة مشاريعها التنموية والاقتصادية والإصلاحية المزدهرة في بلدانها المُستقرة سياسياً، تحالفاتٌ تردع أي تفوق عسكري لنظام يرعى الإرهاب ويغذي مصادره ويمول ميليشيات السلاح والظلام في الدول العربية المجاورة والبعيدة، مشروع إيران التوسعي بعد النووي ستزيد شراسته وأطماعه شرقا وغربا دون رادع، ومن يدري ما الذي سيفاوض عليه الإيرانيون بعد تملك القنبلة المُدمرة!
هل كان الغرب حازماً في ردع حُلم إيران؟
الإجابة تعكس واقع برنامج إيران النووي اليوم بتقدمه في مستوى تخصيب اليورانيوم لـ60% أو تزيد، وتعجيله تركيب أجهزة طرد مركزي جديدة، ورفض الإجابة على أسئلة الوكالة الذرية عن آثار اليورانيوم في ثلاثة مواقع سرية نووية داخل إيران، إسرائيل وحدها من استطاعت اصطياد أهداف نووية بشرية داخل إيران، واستهداف بعض المنشآت النووية، وليس سراً أن إصرار طهران على إتمام برنامجها النووي يزيد بعد كل سمكة ذرية إيرانية تَعلقُ في السنارة الإسرائيلية.
الغرب يعاني اليوم من أزمة تضخم لا هوادة فيها، ويئن من ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً بسبب تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا والعقوبات الأميركية – الأوروبية على الدب الروسي تتصاعد بشكل سريع ومكثف، هذه الأزمة الخانقة حتماً ستتضاعف إذا كانت إيران نووية وطالت بلطجتها البحر قبل البر لإجبار الغرب على العودة مُرغماً لشراء نفط حليفها الروسي بسبب توترات محتملة قد تخلقها ووكلاؤها في بحر الخليج العربي أو البحر الأحمر كما اعتادت.
هل الحل العسكري خيار وشيك وفعّال وربما أخير لردع امتلاك طهران سلاح الدمار الشامل قريباً؟
كلفة الضربة العسكرية باهظة الثمن أكثر مما نتوقع، وحساباتها معقدة في المواجهة المباشرة مع نظام يؤمن بالموت أكثر من الحياة، وخفافيشه موزعة في المنطقة وليس لديه ما يخسره بعد حزمة العقوبات التي أفقرته وأعطشته منذ 2018، وأثر أي ضربة عسكرية سيكون علامةً وتحولاً في كتابة تأريخ جديد للمنطقة بكل احتمالات نجاحها أو فشلها، لكنها بالتأكيد كلفةٌ لا تضاهي ثمن امتلاك إيران قنبلة قد تغير وجه العالم.
نقلاً عن “العربية”