كريتر نت – متابعات
يحتفل العالم اليوم بيوم اللاجئ العالمي، والذي يصادف 20 حزيران (يونيو) من كل عام، وهي مناسبة لتسليط الضوء على أزمة اللجوء، والتي تتفاقم يوماً بعد يوم، فمع شهر أيار (مايو) 2022، شُرد نحو 100 مليون شخص من أوطانهم في جميع أنحاء العالم بسبب الصراع والاضطهاد.
وواصل عدد الأشخاص المجبرين على الفرار من ديارهم كل عام، بالارتفاع على مدار العقد الماضي، ليبلغ أعلى مستوى له منذ بدء العمل بالسجلات، وهو منحى لا يمكن عكس اتجاهه إلا من خلال إعطاء دفعة جديدة ومنسقة نحو صنع السلام.
وبهذه المناسبة قال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي: “في كل عام من أعوام العقد الماضي، أخذت الأرقام بالارتفاع. إما أن يتكاتف المجتمع الدولي معاً للعمل بشكل عاجل من أجل معالجة هذه المأساة الإنسانية، وتسوية النزاعات وإيجاد حلول دائمة لها، أو أنّ هذا الاتجاه المريع سوف يستمر”.
أرقام صادمة
ورغم أنّ العام 2021، شهد عودة 5.7 مليون شخص بين لاجئ ونازح إلى مناطقهم أو بلدانهم الأصلية، بلغ عدد المهجرين جراء الحروب والعنف والاضطهاد وانتهاكات حقوق الإنسان 89.3 مليون شخص، بينهم 53.2 مليون نازح داخلياً، بزيادة تصل إلى 8% عن العام الذي سبق وأكثر من ضعف الرقم الذي كان عليه قبل 10 أعوام، وفق ما أوردته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في تقريرها السنوي، الذي أتى هذا العام بعنوان “الاتجاهات العالمية”.
واتسم العام الماضي بعدد من الصراعات التي تأججت، وبصراعات جديدة قد اندلعت. ووفقاً للبنك الدولي، فقد واجهت 23 دولة، يبلغ عدد سكانها مجتمعة 850 مليون نسمة، صراعات متوسطة أو عالية الشدة، وفي الوقت نفسه، فإنّ ندرة الغذاء والتضخم وأزمة المناخ كلها أسباب تفاقم معاناة السكان، مما يفرض ضغوطاً على جهود الاستجابة الإنسانية في وقت تبدو فيه آفاق التمويل قاتمة في العديد من العمليات، وفق المفوضية.
كما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا – والذي تسبب في نشوء أزمة نزوح كبيرة، إضافة إلى حالات طوارئ أخرى من أفريقيا إلى أفغانستان وما أبعد من ذلك، إلى رفع الرقم ليتجاوز حاجز الـ 100 مليون شخص.
تفاقم أزمة النزوح الداخلي
كما شهد العام الماضي الارتفاع السنوي الـ 15 على التوالي من حيث عدد النازحين داخل بلدانهم جراء الصراعات، ليصل إلى 53.2 مليون شخص. والزيادة مدفوعة بتصاعد العنف أو الصراعات في بعض الأماكن مثل ميانمار.
كما أدى الصراع في منطقة تيغراي الإثيوبية ومناطق أخرى إلى فرار الملايين داخل البلاد. وأدت حركات التمرد في منطقة الساحل إلى حدوث موجات نزوح داخلي جديدة، لا سيما في بوركينا فاسو وتشاد.
ووفق الأمم المتحدة، لا تزال سرعة ونطاق النزوح يفوقان توفر الحلول للاجئين والنازحين – مثل العودة الطوعية أو إعادة التوطين أو الاندماج المحلي.
الدول الفقيرة تتحمل العبء الأكبر
ووفق التقرير الأخير، فتحت الدول الفقيرة أو تلك التي هي في طريق النمو، حدودها لأكبر قدر من اللاجئين في السنوات القليلة الأخيرة بالمقارنة مع البلدان الغنية، فقد استضافت البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل 83% منهم، كما منحت أقل البلدان نمواً اللجوء لـ 27% من المجموع العام، وفق المفوضية.
وتبين أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنّ باكستان مثلا استقبلت 1.5 مليون لاجئ وتركيا 3.8 مليون وكولومبيا 1.8 مليون. فيما فتحت أوغندا وهي دولة أفريقية فقيرة أبوابها لما يقارب 1.5 شخص فروا إما من النزاعات المسلحة أو من الجفاف والمجاعة.
في أوروبا، ألمانيا هي البلد الوحيد الذي استقبل عدداً كبيراً من اللاجئين، وغالبيتهم سوريون، يقارب الأعداد التي استقبلها الدول الفقيرة، ويقدر بحوالي 1.3 مليون شخص. وذلك بفضل السياسة الإنسانية التي اتبعتها المستشارة السابقة أنغيلا ميركل.
واستضاف لبنان أكبر عدد من اللاجئين نسبة لكل فرد (1 من 8)، يليه الأردن (1 من 14) وتركيا (1 من 23). ونسبة لعدد مواطنيها، استضافت جزيرة أروبا أكبر عدد من الفنزويليين المهجرين (1 من كل 6) تليها جزيرة كوراساو (1 من كل 10)، مقارنة بعدد سكانها.
ولا تقوم البلدان الأكثر ثراء بما يكفي لتقاسم تكاليف حماية الذين تركوا كل شيء وراءهم. فالمناشدات من أجل تقديم المساعدة الإنسانية للاجئين مستمرة – وفي كثير من الأحيان تكون الحاجة إليها شديدة – وتعاني من نقص في التمويل، وفق ما أوردته منظمة العفو الدولية “أمنستي”.
وتقول “أمنستي” إنّ “هناك أكثر من مليون لاجئ معرضين بشكل خاص لخطر العنف، ولديهم احتياجات طبية خاصة، أو لأسباب أخرى مستضعفون بشكل خاص، ويجب إعادة توطينهم بصورة عاجلة، وبشكل دائم، في بلد يمكنهم فيه إعادة بناء حياتهم”.
وأشارت المنظمة إلى أنّ الدول الغنية، قد خفضت بشكل كبير، أماكن إعادة التوطين من 2016 إلى 2017، حيث ساعدت 31 دولة فقط اللاجئين بهذه الطريقة حتى منتصف عام 2017، مقارنة بـ 37 دولة في العام السابق.
الحق في الأمان
وفي رسالته بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الجميع على التفكير في “شجاعة ومرونة أولئك الفارين من الحرب والعنف والاضطهاد” والاعتراف بقيمة “التعاطف الذي تبديه المجتمعات التي ترحب بهم”.
وأكد أنّ هذا اليوم “يؤكد مبدأ أساسياً من مبادئ إنسانيتنا المشتركة: إنه مبدأ حق كل شخص في البحث عن الأمان – أيّا كانت هويته، أو المكان الذي يأتي منه، أو الوجهة التي أُجبر على الفرار اليها”.
ووفقاً للقانون الدولي، فإنّ الحق في طلب اللجوء هو حق أساسي من حقوق الإنسان. ويجب أن يكون بمقدور الأشخاص الهاربين من العنف أو الاضطهاد عبور الحدود بأمان.
وقال: “يجب ألا يواجهوا التمييز عند الحدود أو يتعرضوا للحرمان ظلماً من صفة اللاجئ أو اللجوء بسبب عرقهم أو دينهم أو جنسهم أو بلدهم الأصلي. ولا يمكن إجبارهم على العودة إذا كانت حياتهم أو حريتهم معرضة للخطر”، مضيفاً: “شأنهم شأن كل إنسان، ينبغي معاملتهم باحترام”.
غير أنّ ضمان سلامتهم ليست إلا الخطوة الأولى، كما أوضح غوتيريش، مشيراً إلى أنه عند إعادة توطينهم، يجب منح اللاجئين فرصاً للتعافي والتعلم والعمل والازدهار؛ وفرصاً تمكنهم من العودة إلى ديارهم إذا اختاروا ذلك، أو إعادة بناء حياتهم في مكان آخر، بأمان وكرامة.
وشجع الجميع على التعهد ببذل المزيد من أجل اللاجئين والدول التي تستضيفهم.
واختتم الأمين العام حديثه قائلاً: “دعونا نتعهد ببذل المزيد من الجهد لما فيه مصلحة اللاجئين في كل مكان – ولما فيه مصلحة البلدان التي تستضيفهم وهي تواجه بنفسها سلسلة من التحديات.. دعونا نقف صفاً واحداً في تضامن..دعونا ندافع عن سلامة نظام الحماية الدولية.. ولنضع إنسانيتنا المشتركة نصب أعيننا دائماً”.