كريتر نت – متابعات
بعد عقود من العقوبات الغربية والأمريكية على الاقتصاد الإيراني، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” عدداً من الوثائق التي تظهر لجوء طهران إلى العديد من الحيل للإفلات من تأثير الحصار الاقتصادي المفروض عليها، ومقاومة ما أطلقت عليه الصحيفة “الضغوط الأمريكية”.
وأظهرت وثائق الشركات أنّ البنوك الصينية والشرق أوسطية والغربية قدّمت خدمات مصرفية لقطاعي الطاقة والصناعة الخاضعين للعقوبات في إيران، كجزء من جهود طهران لتوجيه رأس المال نحو اقتصادها المحاصر، وتحدي الضغط الأمريكي لتقييد برنامجها النووي.
ومن خلال شبكة من الشركات الوكيلة وشركات الصرافة والوسطاء، تمتلك إيران حسابات بنكية تتعامل بشكل جماعي مع عشرات المليارات من الدولارات سنوياً في التجارة المحظورة بموجب العقوبات الأمريكية، وفقاً لدبلوماسيين غربيين ومسؤولي استخبارات ووثائق الشركات والبيانات المصرفية.
كشفت”وول ستريت جورنال” عدداً من الوثائق التي تظهر لجوء طهران إلى العديد من الحيل للإفلات من تأثير الحصار الاقتصادي
وأوضح التقرير أنّ مؤسسات مالية عالمية أجرت معاملات لشركات إيرانية خاضعة للعقوبات، وهو ما مكّن طهران من مقاومة “الضغوط الأمريكية”. ونقل التقرير عن دبلوماسيين ومسؤولين قولهم إنّ شبكة التعاملات المالية الإيرانية أوجدها القادة في طهران في وقت مبكر منذ عام 2011، إذ وجدوا أنّهم بحاجة لإنشاء “نظام تمويل” قادر على التهرب من أيّ عقوبات دولية تتعلق ببرنامجها النووي.
واطلعت الصحيفة على بيانات مصرفية لبنوك “إتش إس بي سي هولدنغ” و”ستاندرد تشارترد” تظهر أنّهم من بين عدد من المؤسسات المالية التي قدّمت خدمات للشركات التي أجرت تعاملات محظورة نيابة عن مصدرين إيرانيين.
وأظهرت وثائق أنّ طهران تسيطر على مكاتب صرافة خارج البلاد، التي أنشأت شركات وكيلة وحسابات مصرفية لها، والتي تقوم ببيع النفط وبضائع أخرى لمشترين أجانب، وتتلقى الأموال بالدولار واليورو، إذ يستخدم المستوردون الإيرانيون هذه الأموال لدفع أثمان المستوردات التي تحتاجها البلاد، ثم تجري “بوابة مقاصة” إلكترونية يديرها البنك المركزي الإيراني تسوية هذه المعاملات بين المصدرين والمستوردين الإيرانيين.
وتحظر العقوبات الأمريكية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على البنوك الدولية أو المؤسسات المالية إدارة حسابات للشركات الإيرانية، في خطوة تهدف إلى عزل إيران عن الوصول للعملات الأجنبية.
أظهرت وثائق الشركات أنّ البنوك الصينية والشرق أوسطية والغربية قدّمت خدمات مصرفية لقطاعي الطاقة والصناعة الخاضعين للعقوبات في إيران
ورغم هذه العقوبات، فإنّ المعاملات المالية التي أجريت من خلال بنوك دولية أتاحت لطهران التخلص من الضغط المالي الذي فرضته الولايات المتحدة عليها، والتي منحت إيران الوقت لتعزيز برنامجها النووي.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد أقرت الخميس الماضي خطوة لتشديد الضغوط على إيران، من خلال فرض عقوبات على عدة شركات إماراتية وصينية، التي تبين أنّها واجهات لشركات طاقة مملوكة لطهران.
وسبق أن أعلنت إدارة بايدن أنّها تريد العودة إلى الاتفاق المبرم في العام 2015، شرط عودة إيران للالتزام بكلّ بنوده، في حين تشترط طهران رفع العقوبات وإزالة التصنيف الإرهابي عن الحرس الثوري الإيراني.
وكان المتحدث باسم المسؤول عن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قد أكد، أول من أمس، أنّ التوصل لاتفاق في الملف النووي الإيراني “ممكن”، إنّما يتطلب بذل “جهد”.
وترمي المفاوضات إلى إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق المبرم في العام 2015 بين الدول الكبرى وإيران حول ملفها النووي وإعادة إيران للتقيد بكلّ بنوده، لكنّ محادثات فيينا تراوح مكانها منذ آذار (مارس)، بعد مرور أكثر من عام على انطلاقها.