كريتر نت – العرب
يفتح اللقاء الذي يعقده السبت الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بالقاهرة الباب للحديث عن عودة العلاقات السياسية بين البلدين إلى سابق عهدها، وبدء مرحلة جديدة من تدفق الاستثمار الخليجي إلى مصر.
يأتي هذا في وقت يتساءل فيه مراقبون مصريون عمّا يمكن أن تقدمه قطر من دعم لمصر لتكون قادرة على منافسة علاقة طويلة وبناءة مع السعودية والإمارات.
ويقول المراقبون إن ما تعرضه الدوحة إلى حد الآن من وعود استثمارية ووعود بمشاريع كبرى لا يمكن أن يقارن بما قدمته الرياض وأبوظبي اللتان دعمتا مصر سياسيا واقتصاديا في وقت كانت تمر فيه الدولة بأزمة محتدمة داخلية وخارجية، وهو الدعم الذي وفر للقاهرة الفرصة لتخطي واحدة من الأزمات المصيرية التي واجهتها عقب سقوط نظام الإخوان المسلمين الذي كان مدعوما من قطر.
وتأتي الزيارة بعد أيام قليلة من زيارة قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة والتي وُقعت فيها اتفاقيات اقتصادية بقيمة 7.7 مليار دولار، ناهيك عن حزم مساعدات واستثمارات إماراتية متعددة، ما يجعل دخول قطر إلى الساحة المصرية أمرا ثانويا.
ويشير المراقبون إلى أن ما يهم قطر الآن هو الاشتغال على تجاوز الخلافات التي شهدتها العلاقات مع مصر بعد ثورة يونيو 2013، وسيكون حجم الاستثمار القطري تدريجيا ومشروطا بحسم هذه الخلافات، فيما يأتي الاستثمار السعودي – الإماراتي بهدف مساعدة مصر دون شروط مسبقة.
وتطوي زيارة الأمير تميم صفحة من الحذر والتريث الزائدين في العلاقات بين القاهرة والدوحة فما حدث بعد قمة العلا السعودية لم يتكفل بتوفير البيئة المناسبة لعودة الدفء الشامل، وظلت الروابط حبيسة لمكونات اقتصادية لا تخلو من مآرب سياسية.
وتقول مصادر مصرية لـ”العرب” إن الاستثمار الخليجي العام في مصر هذه المرة لا يتم من باب الحصول على عوائد اقتصادية مباشرة، بل يصبّ في سياق تقديم الدعم لها في وقت تواجه تحديات اقتصادية مضاعفة يمكن أن تصطحب معها مردودات سياسية صعبة تنعكس تأثيراتها السلبية على مصر والمنطقة.
وتمت آخر زيارة لأمير قطر إلى مصر عام 2015 وحضر خلالها القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ، وتم أول لقاء بين الشيخ تميم والرئيس السيسي منذ نشوب الخلاف بينهما على هامش قمة عربية – دولية عقدت ببغداد في أغسطس العام الماضي.
وتستهدف الزيارة الحالية العودة إلى التطبيع الكامل للعلاقات، وتوقيع اتفاقيات اقتصادية وضخ استثمارات قطرية جديدة في مصر، وسيتم إطلاق مجلس أعمال مشترك بين البلدين يتكون من رجال أعمال يعملون على تعزيز مجالات الاستثمار والتجارة.
وغادر الشيخ تميم الدوحة الخميس وتوجه إلى رواندا للمشاركة في الاجتماع السادس والعشرين لرؤساء حكومات الكومنولث الذي أقيم بمركز المؤتمرات في مدينة كيجالي خلال يومي الخميس والجمعة.
وتأتي زيارة أمير قطر إلى القاهرة قبل ثلاثة أسابيع من قمة ينتظر أن يعقدها الرئيس الأميركي جو بايدن مع قادة دول الخليج ومصر والأردن والعراق، وتناقش قضايا تستوجب نوعا من التنسيق الدقيق بين القاهرة والدوحة، وعدم العودة إلى المناوشات على مستوى القضية الفلسطينية التي تتداخل فيها قطر كثيرا.
وأنهت قمة العُلا بالسعودية في الخامس من يناير العام الماضي خلافا اندلع عام 2017 بين مصر والسعودية والإمارات والبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى بعد اتهام الدوحة بدعم جماعات متطرفة.
وقررت مصر تعيين عمرو الشربيني سفيرا فوق العادة لدى الدوحة في يونيو من العام الماضي، وتلاه بفترة وجيزة قيام قطر بتعيين سالم بن مبارك بن شافي سفيرا فوق العادة مفوضا أيضا لدى القاهرة.
وركز الجانبان المصري والقطري على الجوانب الاقتصادية طوال الفترة الماضية، وكانت غالبية الزيارات المتبادلة منصبّة على مناقشة الفرص الاستثمارية الواعدة، والآليات التي يمكن أن تتّبعها الدوحة لمساعدة القيادة المصرية.
وتهيّئ زيارة الشيخ تميم المجال لمناقشة ملفات سياسية عديدة جرى تجنبها وغض الطرف عن الكثير من تفاصيلها الفترة الماضية، في مقدمتها استمرار احتفاظ الدوحة بعلاقة جيدة مع جماعة الإخوان التي تضعها مصر على لائحة الجماعات الإرهابية وتراها رأس الحربة في التوترات التي حدثت مع قطر.
وقال جهاد عودة أستاذ العلاقات الدولية بجامعة حلوان، جنوب القاهرة، إن زيارة أمير قطر ستكون محورية في دعم العلاقات السياسية بين البلدين عبر الاستثمارات التي ستصبح سلاح الدوحة لتأكيد حسن نواياها وقطع الكثير من المسافات نحو القاهرة.
وأوضح لـ”العرب” أن التقارب مهم بعد أن استثمرت بعض القوى الإقليمية والتيارات الإسلامية التوتر في تصفية الحسابات السياسية مع مصر، متوقعا أن تؤدي نتائج الزيارة إلى ضربة قوية لتركيا وإيران والإخوان عقب رهانهم على الدعم القطري.
واعتبرت دوائر سياسية الممانعة الأمنية لإعادة فتح مكتب قناة الجزيرة في القاهرة خلال الفترة الماضية دليلا على استمرار الملف الإعلامي معلقا، لاسيما أن شبكة الجزيرة لم تتوقف عن استضافة قيادات إخوانية بعد المصالحة، ولا تزال صحف ومواقع إلكترونية تدور في فلك الدوحة وتوجه انتقادات للنظام المصري الذي وجه تعليمات لوسائل إعلامه بتجاهل تناول الشأن القطري بالسلب أو الإيجاب.