كريتر نت – متابعات
بعدما تكللت التحركات المستمرة للمبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، في تحريك الجمود الذي أصاب عملية السلام اليمنية منذ نحو أربع سنوات، وذلك بانتزاعه موافقة من أطراف النزاع كافة على هدنة إنسانية، لا تزال تلك الهدنة مهددة بفشلها في أي لحظة.
فبينما لم تحقق الحكومة اليمنية أي إنجاز من الهدنة، وجد الحوثيون الأرض مفروشة أمامهم بتحقيق بعض ما كانوا يطالبون به منذ سنوات، ووجدوا في الهدنة فرصة للضغط لتحقيق مزيد من تلك المطالب.
ومع استمرار الهدنة بعد تمديدها مؤخراً، يهدد الحوثيون بعدم الالتزام بها في حال لم تتحقق بعض مطالبهم، في وقتٍ تقول إيران، التي تمول مليشيا الحوثي، إنها ستدعم استمرار الهدنة، فهل يعتبر رفض الحوثيين استمرار الهدنة موقفاً حاسماً أم مناورة تكتيكية لحصد مكاسب إضافية؟
تهديد حوثي متكرر
في تصريحات حوثية جديدة أعلنت الجماعة المتمردة في اليمن (26 يونيو 2022)، أنها لا تتوقع أي تمديد قادم للهدنة المعلنة من الأمم المتحدة بين الجماعة والتحالف العربي.
وقال نائب وزير الخارجية في حكومة صنعاء التابعة للحوثيين، حسين العزي، في تغريدة عبر “تويتر”: “30 ألف مواطن يطلبون حجز مقاعد، وما زال التحالف يعيق رحلات محدودة جداً، ويرفض فتح طرق تقلل المسافة من 5 ساعات إلى 30 دقيقة”.
وأضاف: “الحقيقة أن كل حامل سلاح في اليمن بات اليوم على يقين بأن دول الخليج، ومعها الغرب، يتعمدون إذلال وإهانة اليمن، وهذا لا شك مستفز ومكلف للغاية، لذلك من غير المتوقع أي تمديد قادم” للهدنة.
ليست المرة الأولى التي يقول فيها الحوثيون إنهم قد يتراجعون عن الهدنة؛ ففي 22 مايو الماضي، قال القيادي في جماعة الحوثي اليمنية مهدي المشاط، “إن الجماعة ليست ضد الهدنة، ولكن ما ليس ممكناً هو القبول بأي هدنة تستمر فيها معاناة شعبنا”.ودعا إلى ما وصفه بتعاون حقيقي ومشجع يفضي إلى تحسين المزايا الإنسانية والاقتصادية في أي تهدئة.
دعم إيراني.. ومباحثات سعودية أممية
تصريحات الحوثيين جاءت بالتزامن مع تصريحات لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، (26 يونيو 2022) حينما قال إنه اتفق مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي “على دعم الهدنة في اليمن والمنطقة”.
وفي 4 يونيو 2022، عقب إعلان تمديد الهدنة، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة: إن بلاده “تأمل أن يتحقق الرفع الكامل للحصار، ووقف دائم لإطلاق النار، والوصول إلى الحل السياسي باليمن في ظل هذه الجهود التي تبذل”.
كما جاءت تصريحات القيادي الحوثي العزي بالتزامن مع مباحثات عقدها السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ، لبحث جهود استمرار الهدنة، ومناقشة الجهود المشتركة للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة”.
ووفقاً لبيان سفارة السعودية باليمن (26 يونيو): “تم تأكيد أهمية التزام الحوثيين ببنود الهدنة الحالية وسرعة فتح المعابر بمحافظة تعز (جنوب غرب) لتخفيف المعاناة الإنسانية فيها، وإيداع الإيرادات في البنك المركزي اليمني لصرف رواتب المدنيين”.
كما أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، في (28 يونيو 2022)، دعم المجلس للجهود الأممية الهادفة لتعزيز الأمن والسلام والاستقرار في اليمن، وذلك خلال لقائه المبعوث الأممي لليمن في الرياض.
وبحث الحجرف، بحسب بيان الأمانة العامة للمجلس، مع المبعوث الأممي، جهود إنهاء الصراع المستمر منذ 8 سنوات من خلال الهدنة، كما بحث اللقاء مخرجات المشاورات اليمنية – اليمنية التي رعتها الأمانة العامة لمجلس التعاون.
وتقول الولايات المتحدة إن إرساء أساس لحل سياسي للصراع اليمني سيكون محوراً رئيسياً في رحلة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى دول المنطقة، حيث من المتوقع أن يعقد قمة في جدة السعودية منتصف الشهر القادم.
منافع للحوثي
يؤكد الباحث نجيب السماوي أن مليشيا الحوثي هي المستفيد الوحيد من الهدنة؛ “نظراً إلى التزام الشرعية والتحالف العربي بجميع الالتزامات التي عليهم وفقاً لاتفاق الهدنة الأممية”.
ويقول السماوي لـ”الخليج أونلاين”، إن التصريحات التي أطلقها القيادي العزي “مناورة للحصول على مزيد من المكاسب التي لم تحققها خلال الحرب، وفي مقدمتها فتح المطار وصولاً إلى مزيد من الرحلات لتكون يومية، والسماح بدخول مزيد من السفن”.
ويضيف: “إذا تحقق للحوثيين هذا الهدف من الضغط المستمر الذي يمارسونه ويشترطونه، فإن ذلك سيدر عليهم أموالاً طائلة تساعدهم في تمويل الحرب التي يتوقع أن تستمر مستقبلاً”، مشيراً إلى أنهم لن يلتزموا بشيء.
وفيما يتعلق بالتصريحات الإيرانية، يقول: “تحقق طهران أهدافها عبر الحوثي سواء بالتصعيد أو التهدئة؛ لذلك فالمكاسب ينالها الطرفان بذات الوقت، والمتضرر الأكبر حالياً هي الشرعية والسعودية اللتان لم تحققا أي تقدم في استعادة الدولة وإسقاط الانقلاب الحوثي الذي من أجله اندلعت الحرب باليمن”.
وخلص في ختام حديثه إلى أن “الحوثي سيستمر في مراوغاته، وأكبر دليل على ذلك بقاء مدينة تعز محاصرة، إضافة إلى استمرار حشوده العسكرية إلى مأرب وتعز، والقيام بخروقات أسفرت عن سقوط العشرات من القتلى والجرحى في صفوف الجيش”.
هدنة.. وتعنت حوثي
تتطابق الهدنة الجديدة بالفعل مع المبادرة السعودية التي قُدمت في الأيام الأخيرة لولاية المبعوث الأممي السابق، البريطاني مارتن غريفيث، ورفضها الحوثيون حينذاك، وخصوصاً في مسألة وقف إطلاق النار أولاً ثم الرفع الجزئي للحصار المفروض على مطار صنعاء وميناء الحديدة.
لكن الحوثيين رغم تحقيق الكثير من مطالبهم لا يزالون يفرضون حصاراً على محافظة تعز في جنوب غرب اليمن، ويرفضون حتى الآن الاستجابة لفك هذا الحصار على الرغم من أن هذه المسألة تمثل أحد بنودها.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت، في 1 أبريل 2022، اتفاق طرفي النزاع في اليمن على هدنة لمدة شهرين قابلة للتمديد، تبدأ في 2 أبريل أول أيام رمضان، واتفاقهما بشأن شحنات الوقود ومطار صنعاء، وسط آمال باستمرارها.
وفي 2 يونيو 2022، قال المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ، في بيان، إن أطراف النزاع استجابت “بشكل إيجابي” لاقتراح الأمم المتحدة لتجديد الهدنة السارية، مشيراً إلى أن التمديد دخل حيز التنفيذ لمدة شهرين إضافيين.
وشمل الاتفاق السماح برحلات تجارية من مطار صنعاء الدولي، المفتوح فقط لرحلات المساعدات منذ 2016، ما عُد بمنزلة بارقة أمل نادرة في الصراع بعد حرب مدمرة.
المصدر : الخليج اونلاين