كريتر نت – العين الإخبارية
يراهن الحوثيون على العمليات الإرهابية النوعية لضرب المحافظات المحررة بعد الإطاحة بالقادة الفاعلين، المناهضين لمشروع إيران في البلاد.
وتسعى مليشيات الحوثي، الموالية لطهران، إلى إنهاك وإفراغ اليمن، لا سيما جنوبا، من العقول وقادة القوات الأكثر فاعلية وذلك عبر ضربات متعددة تشل الأجهزة الأمنية لتظهرها عاجزة عن ضبط الخلايا، وصرفها عن تفكيك الانقلاب المدعوم إيرانيا.
ويرى طيف واسع من المسؤولين والخبراء في اليمن أن مليشيات الحوثي تستهدف بعملياتها النوعية في العمق المحرر إنهاك الجيش وحرف الأنظار والجهود عن مسار تحرير البلاد من المشروع الإيراني.
واستطلعت “العين الإخبارية” آراء خبراء وسياسيين للتعليق على دلالات العملية الإرهابية التي استهدفت مدير شرطة محافظة لحج اللواء صالح السيد، الأربعاء الماضي، في العاصمة المؤقتة عدن.
وأكد الساسة والخبراء أن العملية التي نجا منها اللواء صالح السيد، تشير إلى وجود استهداف “ممنهج ومنظم” لمحافظة لحج ذات المناطق المتداخلة، والتي تعد مسرحا لقوات إخوانية وعناصر مطلوبة أمنيا، كما لا يزال الحوثيون في أطرافها من حدود المسيمير وكرش والقبيطة من اتجاه تعز.
ويأتي الهجوم بعد نحو شهرين من اغتيال قائد قاعدة العند اللواء الركن ثابت جواس الذي ترك خلفه فراغا عسكريا كبيرا في لحج المصنفة كبوابة شمالية لعدن، وتعد هدفا رئيسيا للحوثي الذي يراهن على إسقاطها بعد إفراغها من قياداتها العسكرية والأمنية، وفق مراقبين.
استنفار ضد التحركات المشبوهة
وبعد يومين من الهجوم المروع الذي نفذ بسيارة مفخخة واستهدف مدير شرطة لحج، رفعت قوات الحزام الأمني في المحافظة الجاهزية لمجابهة أي تحركات مشبوهة للعناصر المتطرفة والخلايا الإرهابية الحوثية.
ودعا قائد قوات الحزام الأمني في قطاع المسيمير في لحج، العميد محمد الحوشبي، الذي تنتشر قواته التي في المديرية الحدودية مع مناطق خاضعة للحوثيين، المواطنين إلى التعاون مع القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، بالإبلاغ الفوري عن أي تحركات مشبوهة والإفادة بالمعلومات التي تقود لإحباط وإفشال مخططات الأعداء للحفاظ على أمن واستقرار المسيمير ولحج.
وأشار إلى أن قوات الحزام الأمني تعمل على تكثيف الحملات الأمنية لحفظ الأمن والاستقرار، مؤكدا على عدم التهاون والضرب بيد من حديد ضد كل من تسول له نفسه المساس بالسكينة العامة وسيادة البلد.
والخميس، قالت وزارة الداخلية اليمنية إن المعلومات الأولية تشير إلى بصمات المليشيات الحوثية الإرهابية في محاولة اغتيال مدير شرطة لحج، فيما أكدت شرطة عدن لـ”العين الإخبارية”، أن التحقيق مستمر ويجري جمع الاستدلالات والأدلة عن العملية الإرهابية لكشف العناصر الضالعة.
عمليات استباقية
وتؤكد العمليات الإرهابية المتلاحقة التي تشهدها عدن خاصة، أن ثمة مخططا ممنهجا لنشر الفوضى، والترويج بأن العاصمة المؤقتة والمحافظات المحررة باتت غير مستقرة، وهي محاولات ذات أبعاد وأهداف متعددة.
ووفقا لمدير عام العمليات الأمنية والقيادة والسيطرة في العاصمة المؤقتة عدن، العقيد مصطفى علي فإن “ما يجري في عدن والمناطق المحررة هو استهداف للأمن والاستقرار، ومحاولة خلط الأوراق وتمكين الفوضى”.
وبحسب المسؤول الأمني لـ”العين الإخبارية” تتابع الجهات المعنية ملف قضية استهداف مدير شرطة لحج، ويجب ألا نستبق الأحداث قبل جمع المؤشرات التي ستقود إلى معرفة العناصر والجهات المتورطة في العمليات الإرهابية.
وقال مدير عمليات العاصمة المؤقتة عدن إن “التحقيقات مستمرة. ومختصو الأدلة الجنائية تواجدوا في موقع التفجير فور وقوعه، لجمع الاستدلالات ويقومون بالتحريات بناءً على عمل مهني احترافي وتحقيق وتحر مدروس لتحديد الجهة الضالعة عن الهجوم وفق معلومات مؤكدة”.
ورغم أن نتائج التحقيقات الأمنية في العمليات الإرهابية مؤخرا لا سيما تلك التي ضربت عدن حددت هوية بعض المتهمين وضبطت بعض الخلايا إلا أن خبراء اعتبروا تلاحق وقوع التفجيرات هنا وهناك واستهداف قادة الدولة تصعيدا يفرض على مجلس القيادة الرئاسي وضع الأجهزة الاستخباراتية لا سيما الأمن القومي والأمن السياسي في أعلى درجة التأهب.
وأشاروا إلى إتقان الحوثيين بفعل تراكم خبراتهم الإرهابية وقدراتهم الموجهة والمدربة إيرانيا ومن حزب الله الإرهابي إلى عدم ترك أثر كاف يقود إلى خلاياهم المترابطة ما يتطلب عمليات استباقية ووقائية لتحجيم نشاطهم.
تحرك “الانتقالي” ضرورة
كذلك يستدعي تزايد العمليات الإرهابية في عدن وما جاورها ضرورة توحيد المجلس الانتقالي لقواته الأمنية تحت غرفة عمليات واحدة خصوصا بعد تصدر قياداته وقواته الأمنية والعسكرية لأكبر وأكثر الهجمات وحشية.
ووفقا للخبير العسكري اليمني العميد جميل المعمري فإن “تحريك القاعدة في عدن لتطويق المجلس الانتقالي أصبح شيئا واضحا، تريد من خلاله الجماعات الإرهابية إرباك المشهد وتصوير الأجهزة الأمنية للمجلس الرئاسي ككل وكأنها عاجزة عن مكافحة أي أعمال إرهابية”.
كما تسعى “لإيصال الفتنة بين الإخوة الذين اتفقوا على محاربة المليشيات الحوثية كالانتقالي والمقاومة الوطنية والجيش الوطني والعمالقة عبر البحث عن اختراق أمني ومحاولة الوصول إلى إحدى القيادات هنا، أو هناك ورمي التهمة على الطرف الآخر”، وفقا للخبير اليمني.
واعتبر العميد جميل -في حديثه لـ”العين الإخبارية”- أن تركز العمليات ضد قادة القوات الجنوبية يتطلب من الانتقالي التحرك لتوحيد قواته الأمنية والعسكرية تحت غرفة عمليات واحدة أو أنه سيكون أمام عبء ثقيل ولن يستطيع فرض الأمن” في العاصمة عدن.
وحث الخبير العسكري المجلس الانتقالي لفتح “تعاون أمني بين اللجان الشعبية وإدارة الأمن وأقسام الشرطة ويجب على الأجهزة الأمنية أن تقوم بربط مباشر مع المواطنين للإبلاغ عن أي عناصر غريبة عن المنطقة أو عناصر لها تحركات مريبة بين الأحياء، أو لها إمدادات تصلها بين الحين والآخر”.
وأضاف أن “النتائج الإيجابية في اكتشاف الجريمة بحاجة إلى معلومات وتعاون فعال من قبل المواطن وأقسام الشرطة وإدارة الأمن والأمن القومي ومع جميع الأجهزة الأمنية بحيث يكون هناك إيصال مباشر للمعلومات”.
لكن “خوض المعركة لكسب ود المواطنين معقود بتوفر الخدمات وضمان صرف مستمر للمرتبات لا سيما في مدينة عدن ليشعر بها المواطن، ويشعر أن الدولة قريبة منه، ما سينعكس على تعاون أمني كبير”، طبقا للمعمري.
واعتبر الخبير اليمني أن اغتيال قائد قاعدة العند اللواء ثابت جواس الذي يقود أكبر قاعدة عسكرية يمنية تشكل مفتاح الجنوب عبر لحج بأنها “شجعت العمليات الإرهابية على التمادي”، لغياب التحركات الفعالة أمنيا وعسكريا.
وأكد أن الأجهزة الأمنية أمام تحد كبير إذ لم تستطع ضبط الأمن والاستقرار في مدينة عدن، هذا يجعل أيضا قيادة المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية والبرلمان وكبار القادة في مكان يصنف بأنه “غير آمن”.
وهذا ما تبحث عنه مليشيات الحوثي وفق المعمري، وهو إرباك المناطق المحررة وإجبار قيادات الدولة على مغادرة البلاد وإظهار فشل المجلس الرئاسي في خوض مهمته في محاربة الإرهاب والانقلاب المدعوم إيرانيا.
إرهاب عابر للحدود
ولا يزال الحزن يخيم على العاصمة المؤقتة بعد إزهاق الإرهاب 7 أرواح من المرافقين والمارة أحدهم ضابط في مطار عدن الدولي وامرأة أخرى كانت مع آخرين في حافلة ركاب اخترقتها الشظايا وسقط غالبيتهم ضحايا عند وقوع الهجوم الإرهابي الذي استهدف اللواء صالح السيد.
واعتبر المسؤول في وزارة الصحة اليمنية الدكتور سالم الشبحي لـ”العين الإخبارية”، أن الهجوم الإرهابي الذي استهدف اغتيال صالح السيد “نتيجة قادمة مرسلة من العدو خارج الحدود من المناطق التي ما زالت تحت احتلال مليشيات الحوثي”.
لكن الشبحي وهو وكيل وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن ورئيس الصحة في المجلس الانتقالي، يعود لتحميل المسؤولية أيضا على ما وصفهم بـ”ذيول الفساد في العاصمة المؤقتة عدن” إلى جانب تراكمات ثقيلة خلفتها حرب مليشيات الحوثي على مختلف القطاعات.
وأشار إلى أن الإرهاب الجبان دأب على خسته في استهداف القادة والمدنيين العزّل في الأسواق والطرقات، مشيرا إلى زيارته لضحايا تفجير عدن والتأكيد للمصابين بالوقوف دوما بجانبهم كجزء من مهمة دعم إنسانية.
وأمس الخميس قال مدير شرطة لحج صالح السيد الذي نجا من تفجير وقع يوم الأربعاء، إن “العمليات الإرهابية لن تثني الأجهزة الأمنية عن مواصلة التصدي للمليشيات الحوثية الانقلابية الإرهابية وخلاياها الإرهابية والقضاء عليها”، وفق بيان نشره موقع وزارة الداخلية اليمنية.