كريتر نت / وكالات
ترأس وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس، الأربعاء 16 يناير/ كانون الثاني 2019، لقاءً موسعاً انعقد تحت عنوان “مؤتمر اليمن”، أو مؤتمر “استراتيجية حوار رفيعة المستوى حول عملية السلام وآفاق الاستقرار في اليمن”.
المؤتمر الذي أقيم في مقر وزارة الخارجية في العاصمة برلين، شهد مشاركة شخصيات دولية من بينها، مارتن غريفيث، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن، وليز غراند، منسقة عمليات الإغاثة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في اليمن. وبينما غابت الحكومة والسلطات الشرعية أو ممثل عنها، بخلاف الحال مع الانقلابيين، شهد الملتقى مشاركة فاعلة لممثلين وناشطين حوثيين.
ومثل المؤتمر المنعقد، بصفة رسمية، وفي عاصمة أوروبية مهمة، وبمشاركة قوية من قبل الأمم المتحدة، علاوة على مشاركة متحدثين باسم الانقلابيين الحوثيين، محطة فارقة ومساحة واسعة للاستفهامات؛ بالنسبة إلى غياب الشرعية أو تغييبها تماماً عن هكذا حوار ونقاش في صلب الأزمة والحرب وتصورات الصراع والسلام لليمن، ومن دون أي تنسيق معها، وأن يحضر مسئولان دوليان بالنيابة عنها كما لو أنهما باتا “وصيين” بحكم الأمر الواقع.
وهو ما استتبع رداً يمنياً رسمياً، عبّر عن الاستياء، في بيان باسم وزارة الخارجية اليمنية، لكنه أيضاً كان “دون المستوى وأقل بكثير مما هو متوقع في حالة مشابهة”، كما يرى مراقبون استطلعهم “نيوزيمن”. واكتفى البيان، بعد ديباجة طويلة، بأن سجل “تحفظاً” على مخرجات المؤتمر، “ولم يرقَ إلى مستوى الدفاع عن الحق السيادي، والذي يقتضي رفض المؤتمر ومخرجاته”.
هناك من الناشطين والمراقبين اليمنيين، من اعتبر المؤتمر بمثابة، “مؤشر قوي على، تآكل الشرعية، وانزياح هياكلها وأطرها الرسمية والرمزية إلى الهامش، على المستوى الدولي وفي أجندة راسمي السياسات الدوليين”.
ويذهب دبلوماسي يمني سابق في سفارة اليمن لدى ألمانيا، أبعد من ذلك، ويرى أن “الشرعية نجحت في إضعاف نفسها وتهميش دورها، ليس على المستوى المحلي فحسب، وإنما على مستوى عالمي، وهي تدفع الآن جزءاً من أثمان التبعية والخضوع لرغبات وإملاءات البريطانيين ومارتن غريفيث الذي حضر نيابة عنها بصفته وصياً غير منصّب رسمياً”.
في تقديمها للمؤتمر، قالت وزارة الخارجية الألمانية، إن “هناك بوادر بدأت تتجلى تحت قيادة الأمم المتحدة للتقارب بين أطراف النزاع في اليمن، ويناقش وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس مع الشركاء الدوليين في برلين كيفية دعم هذه العملية.”
ويصف بيان وزارة الخارجية الألمانية مؤتمر “استراتيجية حوار رفيعة المستوى حول عملية السلام وآفاق الاستقرار في اليمن”. متابعاً، تدعم ألمانيا جهود المبعوث الأممي الخاص لليمن مارتن جريفيث. وبالإضافة إلى جريفيث يشارك المنسق الإنساني ومنسقة الأمم المتحدة في اليمن ليز جراندي فضلاً عن المانحين الدوليين والمسؤولين الإقليميين رفيعي المستوى في البورصة.
وقال هايكو ماس قبل المؤتمر مؤكداً: “من المهم الآن اغتنام هذه الفرصة الصغيرة، ولكنها حقيقية، للعمل من أجل جعل الدعم الدولي لباقي مسار العملية بنّاءً وقوياً قدر الإمكان.”
واللافت هو أن وفداً حكومياً يمنياً يحضر، في الأثناء، كمشارك في فعالية مؤتمر دولي حول الزراعة في العاصمة برلين.
بيان الهامش.. استياء “أسوأ”
أما الخارجية اليمنية والتي نشرت بياناً في وكالة الأنباء الرسمية، قالت أشياء كثيرة حول المؤتمر وأدبياته وآليات الانعقاد، وعبرت عن دهشتها من عدم التنسيق معها وإشعارها أو دعوتها، لكن البيان فوت النقطة المركزية، وهي لماذا؟ وكأن الوزارة تحاشت، عن عمد، طرح السؤال الأهم، كما لم تستعرض إجابات مفترضة تقدمها على سبيل الإبطال والرفض.
وبدأ نص البيان “تابعت حكومة الجمهورية اليمنية بتحفظ نتائج الاجتماع الذي نظمته وزارة خارجية جمهورية ألمانيا الاتحادية الصديقة..”، والتحفظ أقل بكثير من أن يسجل موقفاً أو يعبر عن رفض جوهري لأصل فكرة التجاهل والإلغاء.
ويصل البيان إلى القول “وتشدد على ضرورة احترام الملكية والقيادة الوطنية للدول”، وصفة الملكية أو الاستعاضة عن السيادة والاستقلال بوصف مبتذل يهبط بها إلى مستوى نزاع على “ملكية” فكرية مثلا! ولا يدور الحديث عن دولة ذات سيادة.
ويكرر البيان توضيح أن المؤتمر عقد “باعتباره نشاطا رسميا للحكومة الألمانية الصديقة تم التحضير له بالتنسيق مع منسقة الشئون الإنسانية السيدة ليز غراندي ودعوة عدد من الدول الشقيقة والصديقة دون التنسيق أو التشاور المسبق مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا كممثل شرعي للجمهورية اليمنية وفقا لميثاق الأمم المتحدة.”
وأضاف “تؤكد الحكومة اليمنية أن مساعي إطلاق وإشهار برامج وخطط للأمم المتحدة، خارج مؤسسات ومقرات الأمم المتحدة، تتصل بوضع آليات لما يسمى بالاستقرار وجمع الموارد من الدول المانحة لصالح إنشاء آليات غير متفق عليها مع الحكومة اليمنية، تشكل تجاوزًا مؤسفا لا يمكن تجاهله، خاصة في الوقت الذي ينبغي على المجتمع الدولي وعلى وجه الخصوص الأمم المتحدة رفد ودعم جهود الحكومة اليمنية والتعاون معها لتعزيز قدرتها على أداء وظائفها في خدمة كافة أبناء الشعب اليمني.”
وتابع “وتؤكد الحكومة اليمنية على أن أي تجاوز لآليات عمل منظمة الأمم المتحدة، لاسيما من دولة صديقة عضو في الأمم المتحدة، ينبغي أن يتم تداركه. وتشدد على ضرورة احترام الملكية والقيادة الوطنية للدول بما ينسجم مع مبادئ الأمم المتحدة وكافة الاتفاقيات والأطر الناظمة التي تم التوقيع عليها مع الحكومة اليمنية الخاصة بتنظيم عمل وتواجد المنظمات الدولية المختلفة في اليمن .