جبريل العبيدي
أشعلت جماعة «الإخوان» حروباً كثيرة وزعزعت الأمن القومي في كثير من البلدان التي تسللت إليها وهيمنت على مراكز القوى فيها، خاصة بعد فوضى ما سمي «الربيع العربي»، وحتى من قبلها من خلال العمليات الإرهابية من اغتيالات وتفجيرات بدءاً من أولى عملياتهم الإرهابية في القرن الماضي في مصر، مما دفع كبيرهم حسن البنا إلى محاولة التبرؤ منهم بالقول إنهم «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين»، فكان هذا اعترافاً من كبيرهم ومؤسسهم وصانعهم حسن الساعاتي الشهير بالبنا بعد سلسلة من التفجيرات وعمليات الاغتيال التي قام بها الجهاز السري للجماعة، وراح ضحيتها العشرات من الأبرياء، مما تسببت في حالة حرج للبنا، الذي يزعم أن جماعته «دعوية» لا علاقة لها بالعنف، بينما هو القائل: «لم يكن السيف في يد المسلم إلا كالمشرط في يد الجراح لحسم الداء الاجتماعي»، مما يجعل قرار التخلص من حسن البنا قد يكون جاء من داخل التنظيم نفسه بعد حالة الانشقاق المبكر.
فـ«الإخوان» تنظيماً وجماعة وحزباً كيفما تلون وتشكل، يعتبر تهديداً للأمن القومي أينما حل، بعد سنوات وعقود عانت منها دول العالم من عنف وإرهاب هذا التنظيم، وبعد تصنيف الجماعة تنظيماً إرهابياً في العديد من البلدان، وخاصة أن أدلة التورط في الإرهاب كانت واضحة وعلنية والتي تتهم باستخدامها، وهذا يتناغم مع ما قاله رئيس لجنة الأمن القومي الأميركي، رون ديسانتس من أن «الإخوان المسلمين» هي «منظمة مسلحة لها جماعات تتبعها في 70 دولة»، وأن بعض هذه الجماعات تصنفها الولايات المتحدة على أنها إرهابية، وقال «إن سياسة واشنطن أخفقت في التصدي لنهج العنف لدى تنظيم (الإخوان) الإرهابي ودعمه لجماعات متشددة»، ولعل الكشف عن محتوى وثيقة «المشروع» التي وجدت عند تفتيش أحد مخابئ قادة التنظيم في سويسرا، وهى وثيقة من 14 صفحة تحوي مُخطّطات «الإخوان» تشمل بلاد الغرب، وليس فقط منطقة الشرق الأوسط، وهي بمثابة مشروع للسيطرة على الغرب.
فتنظيم جماعة «الإخوان» المبتدع دينياً والفاشل سياسياً، هو في الأصل صناعة بريطانية، في زمن غابر كانت السياسة البريطانية في حاجة لاختراق المجتمع العربي والإسلامي بتنظيم يعادي القوميين العرب الذين نصبوا العداء للسياسة الاستعمارية التوسعية لبريطانيا، وكذلك تنامي الصحوة الإسلامية الشبابية خاصة والحاجة لوجود تنظيم تستطيع استخدامه وتطويع الشباب من خلاله ويكون تحت رعايتها.
الهيمنة المجتمعية ساعدت في انتشار التنظيم من خلال الزعم بالعمل «الدعوي» لتنظيم «الإخوان»، فهو ما مكن التنظيم من سهولة الانتشار واستقطاب الأعضاء وحتى الأصدقاء والمحبين والمتعاطفين معه، خاصة أن الجماعة تحسن استخدام بكائية «المظلومية».
التنظيم الشرس لا يخفي تبنيه لأفكار متشددة ومنها أفكار سيد قطب التي تبنى فيها مفهوماً مبتدعاً سماه «الحاكمية» الذي برر من خلاله «تكفير» المجتمع المسلم.
والتنظيم في حقيقته عابر للحدود رغم نفي قيادته المحلية، ولكن اللائحة الداخلية تكذب مزاعمهم، فطبقا للمواد من 49 إلى 54 في النظام الأساسي لـ«الإخوان»، فإن على قيادة الأقطار (الدول) الالتزام بقرارات القيادة العامة متمثلة في المرشد العام ومكتب الإرشاد العام ومجلس الشورى، مما يؤكد أن التنظيم عابر للحدود ولا يحترم سيادة الدول التي يعيش ويعمل فيها، بل هو أشبه بدولة داخل الدول، حيث يرتبط أعضاؤه ببيعة الولاء والطاعة العمياء للمرشد، الأمر الذي يشكل خطراً مباشراً على الأمن القومي للبلدان التي يتم اختراقها من هذا التنظيم.
فشل التنظيم حتى في حروبه العبثية، التي أججها في المنطقة، كالتي أشعلها في ليبيا بالتحالف مع «داعش» وبقايا تنظيم «القاعدة»، ضد الجيش الوطني الليبي، ثم سرعان ما تنكر لهم كعادته، وفشل في تونس، وتلاحقه اليوم ملفات الاغتيالات والجهاز السري وتمويل وتسفير مواطنين تونسيين للقتال في صفوف «داعش» في ليبيا وسوريا.
تنظيم جماعة «الإخوان» لا يحسن سوى التآمر والعمل السري والاغتيالات، بعد فشله الكبير في الحكم عندما تولى السلطة في مصر وليبيا وتونس والمغرب.
نقلاً عن “الشرق الأوسط” اللندنية