كريتر نت – العرب
كشف رفض رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب إرسال حزب الله لطائرات مسيّرة استطلاعية إلى المنطقة المتنازع عليها مع إسرائيل عند حقل “كاريش” للغاز، تناقض الحكومة اللبنانية التي لا تعارض سلاح الحزب الذي يطالب الكثير من اللبنانيين بسحبه، لكنها ترفض استخدامه.
وعكس بيانان صادران عن بوحبيب وميقاتي تغيرا في مزاج التركيبة الحاكمة في لبنان نحو توجيه انتقادات لحزب الله وهو ما يشير إلى حرص حكومي على إنجاح مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.
ويقول مراقبون إن لبنان في أمسّ الحاجة إلى استغلال ثرواته من الطاقة لتجاوز أزمته الاقتصادية الحادة التي وضعت البلاد على طريق الانهيار الشامل.
ومنذ أكثر من عامين يعاني لبنان من أزمة اقتصادية غير مسبوقة أدت إلى انهيار قيمة الليرة (العملة المحلية للبلد) وشح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى، إضافة إلى هبوط حاد في القدرة الشرائية للمواطنين.
وأعاد التصعيد المفاجئ لحزب الله في ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل الجدل بشأن استخدام الحزب لسلاحه خدمة لأجندته الخاصة والأجندة الإيرانية دون أخذ مصلحة لبنان بعين الاعتبار.
ورفعت بعض الأحزاب والشخصيات المستقلة خلال الحملة الانتخابية تحضيرا للانتخابات التشريعية الأخيرة شعار تجريد حزب الله من سلاحه، ونجحت تلك الأحزاب والشخصيات في الفوز بمقاعد داخل البرلمان الجديد وهو ما يؤكد أن نزع سلاح الحزب لم يعد مطلبا سياسيا وإنما هو مطلب شعبي.
ويقول مراقبون إن على تلك الأطراف أن تضغط هذه المرة وتستغل استخدام الحزب للسلاح لإفشال اتفاق يعدّ لبنان في أمسّ الحاجة إليه، لبدء حملة جدية تستهدف نزع سلاح الحزب خاصة بعد أن فقد الأغلبية داخل البرلمان.
وتستفز تحركات حزب الله العسكرية اللبنانيين الذين يحمّلونه الجزء الأكبر من المسؤولية عن انهيار الدولة حيث قادت هيمنته على القرار الخارجي إلى استياء دول كانت تساعد لبنان في مقدمتها السعودية. ولا يجد اللبنانيون أيّ مبرر للتصعيد الجديد مع إسرائيل خاصة وأن الحزب كان قد تعهد قبل الانتخابات بإتمام الاتفاق مع تل أبيب.
ويؤكد هذا التصعيد مرة أخرى أن الدولة اللبنانية مازالت بعيدة عن القرار الاستراتيجي في السّلم والحرب وفي السياسة الخارجية للبلد.
وأطلق حزب الله السبت ثلاث طائرات مسيّرة تجاه المنطقة المتنازع عليها مع إسرائيل عند حقل “كاريش” جنوب البلاد، للقيام بـ”مهام استطلاعية”. وقال في بيان إن “الرسالة وصلت”. وأكد الجيش الإسرائيلي بدوره اعتراضها.
وانتقد رئيس الوزراء اللبناني الاثنين أيّ خطوات غير رسمية فيما يتعلق بالخلاف الحدودي مع إسرائيل، ووصفها بأنها خطيرة وغير مقبولة.
وجاء في بيان صادر عن مكتب ميقاتي أن لبنان يعتبر أن أيّ عمل خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الدبلوماسي الذي تُجرى فيه المفاوضات غير مقبول ويعرّض لبنان إلى مخاطر لا داعي لها.
بدوره اعتبر بوحبيب أيّ عمل خارج إطار المفاوضات الجارية بوساطة أميركية لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل “غير مقبول”.
وقال وزير الخارجية في بيان بعد لقائه ميقاتي إن “أيّ عمل خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الدبلوماسي الذي تجري المفاوضات في إطاره، غير مقبول ويعرّضه إلى مخاطر هو في غنى عنها”.
وشدد على أن المفاوضات الجارية بمساعي الوسيط الأميركي آموس هوكستين “قد بلغت مراحل متقدمة”، داعياً الأطراف كافة إلى “التحلي بروح المسؤولية الوطنية العالية والالتزام بما سبق وأعلن بأن الجميع من دون استثناء هم وراء الدولة في عملية التفاوض”.
وتسارعت مؤخراً التطورات المرتبطة بملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل بعد توقف، إثر وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل “كاريش” الذي كانت بيروت تعتبر أنه يقع في منطقة متنازع عليها، تمهيداً لبدء استخراج الغاز منه.
واعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد الأحد أن حزب الله “يقوّض قدرة لبنان على التوصّل إلى اتفاق حول الحدود البحرية”.
وتوقّفت المفاوضات التي انطلقت بين الطرفين عام 2020 بوساطة أميركية في مايو من العام الماضي جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.
وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بنحو 860 كيلومتراً مربعا تُعرف حدودها بالخط 23، بناء على خارطة أرسلها لبنان عام 2011 إلى الأمم المتحدة. لكن لبنان اعتبر لاحقاً أن الخارطة استندت إلى تقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومتراً مربعا إضافية تشمل أجزاء من حقل “كاريش” وتُعرف بالخط 29.
وبعد وصول منصة استخراج الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية دعا لبنان آموس هوكستين إلى استئناف المفاوضات، وقدم عرضاً جديداً لترسيم الحدود لا يتطرق إلى حقل “كاريش”. وحمل هوكستين العرض اللبناني إلى إسرائيل.