فهد سليمان الشقيران
كاتب سعودي
لا يمكن الحديث عن «الإخوان المسلمين» وتاريخهم من دون التطرق للأجنحة والتيارات والانشقاقات داخل التنظيم.
هذه الانشقاقات لها سببان، الأول أيديولوجي تنظيمي كما في التمايز بين سيد قطب وحسن البنا، والثاني دافعه المصالح المادية أو النفوذ والسلطة.
من هنا تأتي أهمية البحث في عمق هذه الانشقاقات والتصدعات.
قبل أيام صدر كتاب «الإخوان من السلطة للانقسام… أزمة تنظيم أم تنظيم أزمة» للأكاديمي الإماراتي محمد البشاري، والباحث المصري ماهر فرغلي، ونشرت صحيفة «الشرق الأوسط» عرضاً للكتاب جاء فيه أنه: «أول كتاب يتناول الصراع الدائر بين أجنحة الجماعة الأم المصرية: جبهة إسطنبول وجبهة لندن، ويجيب عن سؤال مهم يتعلق بمدى إمكانية صناعة الجماعة لهذه الأزمة، أو غرق الجماعة بالفعل في أزمة حقيقية وليست مصطنعة، وذلك تبعاً لما أسفرت عنه الأحداث الداخلية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وفي بعض الأقطار العربية والإسلامية (الأردن، السودان، الجزائر، المغرب، ليبيا، تونس، تركيا…) أخيراً عن تعميق للانشقاق بصورة غير مسبوقة».
يقول المؤلفان في الكتاب: «إن الإجابة في صراع الإخوان حالياً تعتمد بشكل كبير جداً على ثقل الفريقين: فريق محمود حسين وفريق إبراهيم منير، فالصراع لا يحسمه حساب على (فيسبوك)، أو صفحة على الإنترنت، وإلا لكان الآن من يقود الجماعة جبهة المكتب العام، فقد كانت كل المواقع والحسابات معها، وكانت الأكثر حضوراً في الإعلام، وكان لديها عدد كبير جداً من المؤيدين على مستوى الصف، وعلى مستوى القطرين المصري والتركي، ومع ذلك، لم تحسم الأمر، وبالنظر إلى الانشقاق الحالي في الجماعة، فإنه يشير إلى انقسام بين فريقين حول مصالح ونفوذ وأموال وليس انشقاقاً أيديولوجياً بالمعنى المفهوم».
من التحليلات المهمة في الكتاب أن «الإخوان قد يتخلون عن الوضع التنظيمي وينتقلون إلى حالة السيولة الفكرية والتحول إلى تيار فكري يؤصل لفقه المرحلة ويبتعد عن إدارة الشأن العام السياسي على الأقل في الأدبيات المعلنة، مع العمل على الحفاظ على شكل ما توجد به الهرمية التنظيمية».
ثمة مفهومان يجب التنويه لهما، الأول: موضوع الانشقاقات باعتباره ذا جانب تنظيمي وهيكلي وسلطوي، فوجودها لا يعني ضعف التنظيم أو تراجعه، بل قد تكون هذه الانشقاقات عامل قوة كما حدث في السودان مع تجربة حسن الترابي، والمفهوم الثاني: التراجعات، هذه غالباً تكون ذات بعد حركي محض، بل إن «حل التنظيم» قد يكون هو الحل، لكن حل التنظيم لا يعني أنه انتهى وإنما قد يؤشر على حيويته القصوى.
إن هذه الانشقاقات والتراجعات أو حتى حل التنظيمات كلها إجراءات تحركها إدارة النفوذ والمصالح والنزوات.
* نقلاً عن الاتحاد الاماراتيه