ثمن الرأس يصل إلى 1000 دولار ويتميز بحسن هيئته ورشاقة قوامه وغزارة لحومه وجودتها
حسن الأشرف صحافي وكاتب
سلطان الأكباش”، “نجم الأضاحي”، “سيد الكباش” كلها تسميات وألقاب كثيرة تتعلق بنوع واحد من الأغنام في المغرب، وهو سلالة “الصردي” التي تعتبر أشهر من نار على علم عند المغاربة.
وفي كل سنة قبيل عيد الأضحى تشرئب أعناق عدد من المغاربة نحو صنف “الصردي” من دون أن يستطيع الفقراء بخاصة شراءه لغلاء ثمنه في هذا الوقت تحديداً.
ويبلغ عدد رؤوس أغنام عيد الأضحى زهاء 8 ملايين في مقابل طلب لا يتجاوز 5.6 مليون رأس، تتوزع بين خمس سلالات هي الصردي وتمحضيت وبن كيل والدمان وأبي الجعد، فهناك الكبش ذو الوجه الأبيض وذو الوجه الأسود والكبش الأصفر.
يأكل وينظر ويمشي في سواد
ويعود أصل أكباش “الصردي” إلى منطقة بني مسكين في الشاوية وعددها يصل إلى أكثر من 2.5 مليون رأس، ويتميز الكبش الواحد منها بحسن هيئته وجمال وجهه ورشاقة قوامه.
و”الصردي” يتميز بسواد يحوط عينيه وفمه وقوائمه الأربع، ما يعطيه شعبية خاصة بربط ذلك لدى المجتمع بما ورد في الأثر عن النبي محمد أنه “ضحى بكبش أقرن فحيل يأكل في سواد وينظر في سواد ويمشي في سواد”.
ويقول بامعطي الشاوي لـ “اندبندنت عربية”، وهو فلاح ومربي أغنام بمنطقة البروج، إن أصل “الصردي” يعود لقرية القراقرة التابعة لمدينة البروج، مشدداً على أنها سلالة مغربية محضة و”لا يوجد مثلها في أية منطقة أخرى بالعالم”، على حد زعمه.
وينفي مربي الماشية أن يكون أصل “الصردي” هو “سردينيا” الإيطالية كما يروج بعضهم بهدف التشويش على “مغربية الصردي”، مبرزاً أنه لا علاقة بينهما إلا من تشابه بسيط في الأسماء.
ويفسر أسباب شهرة “الصردي” بأن الأمر يتعلق بهيئة الكبش، فهو يكون أقرن فخماً وأنيقاً، كما أن السواد الذي يحيط بفمه وعينيه وقوائمه يعطيه نوعاً من الرونق والجاذبية للرائي.
ويتابع أن الصردي عادة ما يكون كبشاً أملح وجميل الوقفة، أي بقامة مرتفعة وعالية وقوة بدنية تعزى إلى العلف الجيد الذي يقتات منه، علاوة على عناية المربين به لأنه يباع بأسعار مرتفعة مقارنة مع غيره من السلالات.
خصائص “الصردي”
يورد موقع “فلاح تيفي” المتخصص في الفلاحة والماشية، أن “الصردي” أو “السردي” في بعض التسميات يتميز بحسن هيئته وجمال وجهه المستطيل وقامته المرتفعة (80 إلى 90 سنتمتراً عند الذكور)، وبطنه خالية من الصوف.
ووفق المصدر ذاته، تغيب القرون لدى الإناث في حين نجدها قوية وبارزة في شكل حلزوني لدى الذكور من أكباش “الصردي”، متابعاً بأن “صوفها كثيف ومتجانس وخال من البقع أو الشوائب ومن دون ألياف ملونة”.
وتستطيع سلالة “الصردي” التكيف مع المراعي الفقيرة من حيث الموارد في الهضاب الموجودة غرب المغرب، كما أن علفها يكون أساساً من الشعير والذرة، مما ينعكس على جودة لحومها.
وينظم المغرب معارض وطنية لتثمين “الصردي” باعتباره ثروة حيوانية أصيلة ومفخرة وطنية، كان آخرها معرض أقيم بمدينة سطات سنة 2019، قبل أن يتوقف تنظيمه خلال السنوات الماضية بسبب جائحة كورونا.
وخلال جولة بأسواق الأضاحي هذا العام ظهر أن ثمن “الصردي” يتجاوز 3500 درهم (350 دولاراً)، ويصل إلى حدود 10 آلاف درهم (1000 دولار)، وهو ما كشف عنه بائع الأغنام عز الدين أثناء حديثه إلى “اندبندنت عربية”، بقوله إن أسعار “الصردي” تكون الأغلى وسط باقي سلالات الأكباش.
وأوضح أن السعر الأدنى لنوع “الصردي” يضاهي أحياناً السعر الأعلى لسلالة أخرى من الأغنام، مفسراً ذلك بأن صنف “الصردي” هو الأشهر من حيث شكله وجودة لحومه ووفرتها بالنظر إلى وزنه الذي يكون أكثر من غيره في العادة.
ووفق المتحدث فإن ثمن “الصردي” المرتفع يجعله صعب الاقتناء من طرف الأسر الفقيرة وحتى متوسطة الحال أحياناً، مبرزاً أن الفقراء يحضرون إلى السوق ويكتفون بالنظر إلى جمال “الصردي” وأحياناً التقاط صور معه للذكرى، أما اقتناؤه فيكون عسيراً على “الضعفاء”، بحسب تعبيره.
وخلص البائع إلى أنه على الرغم من العرض المتوافر له في الأسواق، فإن الطلب لا يكون بالحجم نفسه بسبب مشكلة السعر، قبل أن يستدرك بأن “الصردي مع ذلك له عشاقه وزبائنه الخاصون الذين لا يقضون العيد من دونه”.
سلالات منافسة
وإذا كان “الصردي” يتسيّد أسواق الأغنام والأكباش في المغرب فإنه لا يمكن تجاهل السلالات الأخرى التي توجد بقوة ويقبل عليها المغاربة، إما لسعرها المناسب أو لجودة لحومها، ومنها سلالة “البركي” التي تنتسب إلى منطقة تمحضيت في الأطلس المتوسط.
ويتميز هذا النوع من الخرفان بلونه البني وقامته المتوسطة وصوفه الكثيف، وهو من أشهر سلالات الأغنام التي تقاوم صعوبة الطقس، كما يقتات من الأراضي الغابوية وأشجار البلوط الأخضر.
وتوجد أيضاً سلالة “بني كيل” التي يسميها المغاربة “الدغمة”، وهي منتشرة في منطقة الشرق، وبالتالي فهي أغنام تتكيف مع المناخ الوعر بفي هذه المنطقة، وتتسم بخلو الصوف من بطنها وقوائمها ومذاق لحومها اللذيذ.
كما توجد سلالة “أبي الجعد” التي تسمى أيضاً “الأكباش الصفراء”، بالنظر إلى لونها المائل إلى الصفرة، في مناطق مثل أبي الجعد وخريبكة ووادي زم، وتتميز وفق المتخصصين بمعدل خصوبتها المرتفع.
أما سلالة “الدمان” فهي تعيش في الحظائر داخل مجموعات صغيرة وتجد صعوبة في التكيف خارج منطقتها الأصلية، خصوصاً في مناطق الرعي التقليدية.
وتتميز سلالة “الدمان” المنتسبة إلى منطقة الراشيدية وورزات بقامة قصيرة ورأس ضيق مع أذنيين طويلتين متدليتين خلف الرأس، ولونها البني والأبيض والأسود أو المختلط.
المصدر : أندبندنت عربية