كريتر نت – العرب
هناك شبه إجماع على أن لا أحد من أطراف الصراع في اليمن يرغب في كسر الحالة الراهنة في اليمن والعودة إلى ساحة المواجهة العسكرية، حيث أن لكل طرف حسابات تجعله يفضل بقاء الوضع معلقا بين اللاحرب واللاسلم، على الأقل على المدى المنظور.
وتقول أوساط سياسية إن الفرقاء في اليمن يجدون مصلحة في تثبيت حالة اللاسلم واللاحرب، القائمة منذ أبريل الماضي بفضل الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة، والمرجح أن تستمر رغم تبادل الاتهامات بشأن النكوص عن التعهدات.
وتوضح الأوساط أن السلطة الشرعية ممثلة في مجلس القيادة الرئاسي ترى في هذه الهدنة الهشة فرصة لإعادة ترتيب أوراقها والتركيز على معالجة التحديات الأمنية والاقتصادية المتزايدة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
وتلفت إلى أنه رغم الاعتراضات التي يبديها مجلس القيادة على مسايرة المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ للحوثيين، ومن ذلك دعمه لمقترح يقضي بفتح طرق فرعية في محافظة تعز، فإن المجلس الرئاسي ليس في وارد التخلي عن الهدنة، على الرغم من تحفظات بعض مكوناته على هذا المسلك.
وتشير الأوساط نفسها إلى أنه على الجانب المقابل فإن الحوثيين الموالين لإيران هم أيضا يجدون في المسار الحالي متنفسا، ويسعون لاستثماره وتحقيق مكاسب عجزوا عن الحصول عليها في الحرب، وهم لا يتوانون عن استغلال حاجة مجلس القيادة إلى التهدئة للحصول على المزيد.
وتعتبر أن التحالف العربي الداعم للسلطة الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية حريص هو الآخر على تثبيت حالة اللاسلم واللاحرب، بعد استنزاف طويل اقتصاديا وعسكريا، ويسعى التحالف للدفع قدما باتجاه إنجاح مهمة المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ.
عبدالكريم شيبان: المقترح الأممي الجديد لا يخفف معاناة سكان تعز
ورحبت السعودية الخميس بتثبيت الهدنة الحالية في اليمن من خلال الالتزام بوقف جميع العمليات العسكرية بمناسبة عيد الأضحى . وأكدت وزارة الخارجية في بيان صحافي على موقف المملكة الراسخ والداعم لكل ما يضمن أمن واستقرار اليمن، ويحقق تطلعات الشعب اليمني، مشددة على أهمية فتح المعابر الإنسانية في المحافظات.
وثمنت الخارجية السعودية “جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، في تعزيز الالتزام بالهدنة الحالية التي ترعاها الأمم المتحدة، وذلك تماشيًا مع مبادرة المملكة العربية السعودية المعلنة في مارس 2021 لإنهاء الأزمة في اليمن والوصول إلى حل سياسي شامل”.
وأكدت أن الهدنة تهدف في المقام الأول إلى التوصل لوقف إطلاق نار دائم وشامل في اليمن وبدء العملية السياسية بين الحكومة اليمنية والحوثيين، كما تؤكد على أهمية التزام الحوثيين ببنود الهدنة الحالية وسرعة فتح المعابر في تعز لتخفيف المعاناة الإنسانية في تعز، وإيداع الإيرادات في البنك المركزي اليمني لصرف رواتب المدنيين.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت الأربعاء عن موافقة الأطراف اليمنية في العاصمة الأردنية عمّان على تثبيت الهدنة الحالية من خلال الالتزام بوقف جميع العمليات العسكرية برا وبحرا وجوا بمناسبة عيد الأضحى.
وفي خطوة لا تخلو من المناورة أعلن الحوثيون الخميس عن مبادرة من جانب واحد لفتح طريق فرعي في محافظة تعز بمناسبة الاحتفال بالعيد، في مسعى يراد منه الإيحاء للمجتمع الدولي برغبة الجماعة في الجنوح إلى السلام.
واشترطت الجماعة خروج القوات الحكومية من تعز لفتح طريق آخر رئيسي بالمحافظة، وهو شرط غير قابل للتنفيذ لكن الحوثيين يريدون من خلال طرحه حشر السلطة في الزاوية.
وذكرت وكالة الأنباء التي يديرها الحوثيون بصنعاء أن مجلس الحكم التابع للجماعة أكد في اجتماع برئاسة مهدي المشاط أن طريق الحوبان “هو طريق رئيسي تطالب به الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي ويستوجب (فتحه) إخلاء مدينة تعز” من قوات الحكومة.
ولوّح المجلس بعدم تجديد الهدنة الإنسانية، إذ اتهم التحالف العربي بعدم تنفيذ جميع بنودها، وقال إن ذلك “مؤشر سلبي لا يشجع على استمرار النقاش لبحث أي تجديد للهدنة”.
وشدد المجلس على تمسكه بالفتح الكلي والفوري لمطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة وصرف رواتب الموظفين من إيرادات النفط والغاز، واصفا ذلك بأنه “الأساس الصحيح لأي عملية سلام مستقبلا”.
وكانت جماعة الحوثي قد أعلنت رسميا في أواخر الشهر الماضي رفضها مقترح المبعوث الأممي ، الذي يشمل فتح طريق رئيسي وثلاثة طرق فرعية إلى مدينة تعز المكتظة بالسكان والخاضعة للحكومة المعترف بها دوليا والتي تسبب حصارها في عرقلة مقومات الحياة.
وأخفقت جولتان من المباحثات نظمتهما الأمم المتحدة في العاصمة الأردنية عمّان بين الحكومة والحوثيين منذ مطلع الشهر الماضي في التوصل إلى توافق حول ملف المعابر الشائك، إذ يتمسك الحوثيون بمقترح أحادي يتضمن فتح طرق ثانوية إلى تعز، بينما تصر الحكومة على فتح الطرق الرئيسية التي كان المواطنون يسلكونها قبل نشوب الصراع في 2015.
وفي غضون ذلك قال فريق التفاوض الحكومي بشأن فتح الطرق في تعز الأربعاء إن غروندبرغ لم يدع الفريق إلى حضور الاجتماع الأخير في عمَّان لمناقشة رفض الحوثيين مبادرة فتح الطرق الرئيسية.
وأوضح رئيس وفد التفاوض الحكومي عبدالكريم شيبان أن مقترحا جديدا للمبعوث بتاريخ الثالث من يوليو لم يأت على ذكر فتح الطريق الرئيسي الذي ورد بمقترحه السابق فيما بدا تبنيا لمقترح الحوثيين. وأضاف أن المقترح الأخير للمبعوث لا يخفف معاناة السكان.