جويس كرم
يصل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى المنطقة الأربعاء المقبل في أول زيارة له عنوانها طمأنة إسرائيل و”مصالحة” السعودية، والحاضر الغائب فيها سيكون الملف الإيراني على المستوى الأمني والإقليمي على وقع تصعيد الحرس الثوري.
إيران اليوم تخوض معركة داخلية في مقاربتها لعدة ملفات هامة مثل المحادثات النووية، الحوار مع الخليج ومستقبل دورها في اليمن. هذه المعركة ينقسم فيها الصف الإيراني بين الحرس الثوري الإيراني الذي اختار التصعيد أخيرا، وبين الخط السياسي التقليدي الذي لا يمانع صفقة مع الغرب مقابل رفع العقوبات.
في الأسابيع الأخيرة، سن الحرس الثوري الإيراني أسنانه وكأنه يريد زعزعة الهدوء النسبي خليجيا، وإفشال المحادثات النووية في الدوحة وهو ما نجح فيه، وإمكانية تعكير زيارة بايدن.
فإعلان إيران يوم الأربعاء أن قوات الحرس الثوري ألقت القبض على عدد من الأجانب للتحقيق بينهم نائب السفير البريطاني، في اتهامات تجسس، يلحق خطوات تصعيدية فيها رسائل للغرب.
وأشارت التقارير الإعلامية إلى أن الموقوفين “المتهمين جمعوا عينات من التربة في منطقة صحراوية محظورة كان القوات تجري فيها تجارب صاروخية”.
بريطانيا عادت ونفت صحة الخبر، مؤكدة أن الدبلوماسي المعني غادر إيران في ديسمبر 2021.
التصعيد الإيراني كان أيضا في مياه الخليج بعد كشف المملكة المتحدة الخميس عن ضبط البحرية الملكية البريطانية لصواريخ إيرانية مهربة يعتقد أنها كانت في طريقها لجماعة الحوثيين “الإرهابية” في اليمن، مؤكدة على مصادرتها لعشرات الطرود التي تحتوي على أسلحة متطورة، بما في ذلك صواريخ أرض-جو ومحركات لصواريخ كروز للهجوم الأرضي.
هذا يأتي أقل من أسبوعين بعد اتهام مسؤول عسكري أمريكي لإيران بإرسال 3 زوارق تابعة للحرس الثوري اقتربت من سفينتين عسكريتين أميركيتين في مياه الخليج “بسرعة خطرة”.
وفي الدوحة كان الانقسام الإيراني على الملء، مع تأكيد الوفد هناك بأن المحادثات تجري بشكل متقدم مع الغرب مقابل إعلان مسؤولين من طهران أن الجولة انتهت من دون نتيجة.
كل ذلك يفيد أن الآمر والناهي في إيران هو المرشد الأعلى معه الحرس الثوري، أما الشخصيات التي تسافر إلى فيينا والدوحة وموسكو فهي استعراضية للتمويه عن الأجندة الأمنية والعسكرية التي تدير معظم جوانب الحياة السياسية في طهران.
هذا يعني أيضا أن الحرس الثوري قد يقدم على خطأ فادح بالقيام بعملية مباشرة أو عبر وكلائه لإفشال زيارة بايدن لإسرائيل، الأراضي الفلسطينية والسعودية.
إذ يرى الحرس أن الجولة شكلا ومضمونا هي بالعمق تحديا لمشروعه الداخلي والإقليمي.
ما لا يدركه الحرس الثوري الإيراني اليوم أن أميركا اقتربت من نفاذ صبرها في الملف الإيراني، وأن بايدن لا مستعجل ولا متلهف للعودة إلى اتفاق نووي ستفقد بنوده صلاحياتها بدءا من العام المقبل.
حتى روبرت، مالي المبعوث الأميركي لدى إيران والمعروف بتبنيه الحوار مع طهران، قال للإذاعة الوطنية هذا الأسبوع أن واشنطن “سترد بالقوة” إذا قررت إيران التسلح نوويا.
أما إسرائيل فهي لا تنتظر هذا القرار وحربها الاستخباراتية مفتوحة داخل إيران، فيما جسورها الإقليمية وصلت المغرب والبحرين وتغازل السعودية.
ألاعيب الحرس الثوري الإيراني هي على حالها منذ 1979 إنما بدأت تفقد فعاليتها أمام واقع إقليمي متبدل وتراجع اقتصادي جيوسياسي لإيران.
زيارة بايدن في هذا المناخ بالذات تعكس الرؤية الأمريكية المستقبلية للمنطقة وتبدلات غير مسبوقة منذ 1967، وهذا واقع على الأرض سواء أطلق الحرس الثوري صواريخ باليستية أو طائرة من دون طيار أو زعم توقيف ديبلوماسي هو أصلا خارج البلاد.
نقلاً عن “الحرة”