أحمد فتحي
تناحر بين جبهات الإخوان ينتهي بعزل أحد رؤوسها في صراع على النفوذ يدرك ذروته ويشي بمعاناة الجماعة الإرهابية داخل مدار الأفول الذي دخله منذ فترة بعيدة.
معسكر إسطنبول بقيادة محمود حسين قرر فصل إبراهيم منير (جبهة لندن)، نهائياً من الجماعة و13 قياديا في جبهته، في تطور يرى خبيران أنه يشكل “ذروة أزمة التنظيم وانهيارا حقيقيا وواقعيا له”.
وقال معسكر إسطنبول في بيان رسمي صدر الثلاثاء، إن “مجلس الشورى بحث الممارسات الفردية والإجراءات غير المؤسسية التي يقوم بها بعض الإخوة في محاولة لفرض واقع جديد وإنشاء كيانات موازية للكيانات الشرعية بالجماعة”.
وجاء في القرارات الجديدة الصادر عن مجلس الشورى العام المطعون في شرعيته، أنه “نظرا لقيام إبراهيم منير، عضو المجلس بعدم الالتزام بقرارات مؤسسات الجماعة الشرعية، وتشكيل كيانات موازية بعيداً عن هذه المؤسسات، يكون قد أعفى نفسه من جماعة الإخوان المسلمين، وعليه لم يعد يمثل الجماعة أو يعبر عنها”.
كما قررت جبهة حسين أيضا فصل كل من: “أحمد شوشة وأسامة سليمان وحلمي الجزار، وعبد الله النحاس ومحمد البحيري ومحمد الدسوقي ومحمد جمال حشمت ومحمد طاهر نمير ومحمد عبد المعطي الجزار ومحمود الإبياري ومحيي الزايط ومسعد الزيني ونجيب الظريف، وعليه لم يعد أي من هؤلاء ممثلا للجماعة أو معبرا عنها”.
وشملت قرارات الجبهة الأخرى “تمديد تكليف اللجنة القائمة بعمل المرشد العام، وعدم الاعتراف أو اعتماد أي كيان أو تشكيل لا يلتزم بقرارات مجلس الشورى العام بصفته المؤسسة الأعلى بالجماعة. وتكليف مكتب الرابطة باتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط العمل المؤسسي بفروع الخارج، وفقاً لقرار اللجنة القائمة بعمل المرشد”.
تعميق الانقسام
في تعقيبه على القرارات الجديدة، قال منير أديب، الخبير المصري في شؤون الجماعات الإسلامية والإرهاب الدولي، إن “تحرك جبهة حسين جاء سريعا قبل عقد جبهة منير أول اجتماع لمجلس شورى جديد تم اختياره أيام 14 و 15 و16 من الشهر الجاري”.
وأضاف أديب، في حديث لـ”العين الإخبارية”، أن “منير نجح في أن يعقد انتخابات اختار على أساسها 33 عضوا في مجلس شورى الإخوان، وهؤلاء بديل لبعض أعضاء مجلس شورى الإخوان الموالين للجبهة المناوئة لجبهة محمود حسين وعددهم 6 أعضاء على رأسهم محمود حسين ومدحت الحداد ورجب البنا و علي يوسف وممدوح مبروك وآخرين”.
ولفت إلى أن ما تقدم “دفع محمود حسين لإصدار هذا البيان الذي أعفى فيه منير من منصبه بل أعفاه من علاقته بالإخوان، وأعفى كل المعاونين له من كل مناصبهم بشكل كامل وتام”.
وأكد أن ذلك “سيعمق الانقسام بصورة كبيرة داخل التنظيم، ويؤكد ما ذكرناه سابقا في أنه وصل إلى مرحلة الشيخوخة، وبالتالي ما يحدث داخل التنظيم ليس خلافا أو اختلافا وإنما انهيار للتنظيم بشكل حقيقي وواقعي”.
وأوضح: “نتحدث الآن عن أكثر من مرشد داخل التنظيم، وكذلك عن كيانات وكيانات موازية داخل التنظيم، بالإضافة إلى اتهامات متبادلة لها علاقة بكل طرف بأن الآخر لا يعبر عن التنظيم، ولا يعبر عن الإسلام الذي يمثل التنظيم، كما يرى كل طرف، وبالتالي هذه المعركة سوف تقضي من خلال هذا البيان على ما تبقى من التنظيم نهائيا”.
ويعتقد أديب أن هذا سيصرف أتباع التنظيم عنه، بل سيؤدي إلى تقلصه وانتهائه وأفول المؤسسات التي كانت في السابق قوية، ولكنها الآن أصبحت ضعيفة ومنقسمة على نفسها بالصورة التي أظهرها البيان، لافتا إلى أنها مرحلة اندثار الإخوان.
فشل
من جهته، قال هشام النجار، الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، إن “هذا التطور بمثابة تكريس للانقسام الحاد داخل الجماعة، واستمرار لحالة الافتقار للشرعية والتنازع على القيادة”.
وأوضح، لـ”العين الإخبارية”، أن “ما حدث يشير إلى فشل محاولات وجهود توحيد الجماعة خلف قيادة موحدة بهدف إظهارها بشكل مناسب يتسق مع ما تطالب به من دعوات للحوار والمصالحة والعودة للمشهد السياسي”.
ولفت إلى أن “البعض رأى أن تلك الدعوات تتناقض مع واقع الجماعة المنقسم والمتشرذم، إذ كيف تطالب بالمصالحة والعودة وهي غير قادرة على المصالحة الداخلية بين أجنحتها المتصارعة، ومن هي الجهة الشرعية التي تمثل الجماعة وتتحدث باسمها؟”.
وأكد النجار أن “استمرار الوضع على ما هو عليه ومواصلة الطرد ونفي الصفة المتبادل بين الجبهتين يجعل الجماعة في موقف ضعف ويفقدها القدرة على التأقلم مع الأوضاع المتغيرة في الإقليم ومواكبة التحولات التي تشهدها العلاقات بين رعاتها وداعميها السابقين من جهة والدول العربية من جهة أخرى”.
وفي 17 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، أعلنت جبهة محمود حسين، الأمين العام السابق للإخوان، وعضو مكتب الإرشاد، حلا مؤقتا لقيادة الجماعة، تمثّل وقتها في اختيار مصطفى طلبة ممثلاً للجنة المؤقتة، القائمة بأعمال المرشد العام محمد بديع، بديلاً لإبراهيم منير.
وحينها، قال بيان الجبهة إن اللجنة الإدارية المؤقتة التي تقوم بمهام أعمال المرشد العام سيستمر عملها 6 أشهر فقط، ما يعني انتهاء عملها منتصف يونيو/ حزيران (المنقضي)، والوقوف على حافة شغور المنصب.
وجاء اختيار مصطفى طلبة مرشداً عاماً للجماعة بقرار منفرد من مكتب إسطنبول، في خطوة جديدة مهدت لإقصاء “منير” بعد قرار الأخير بتجميد عضوية كل من محمود حسين ومدحت الحداد ومحمد عبدالوهاب وهمام علي يوسف ورجب البنا وممدوح مبروك، ما دفع المجمدين إلى إعلان عزله من منصبه بعد ذلك.
ويعيش الإخوان حالة انشطار غير مسبوقة بين قيادات تاريخية حسمت موقفها لصالح منير، مقابل تصعيد المواجهة من جبهة الأمين العام السابق، بإعلان عزل نائب المرشد عبر مجلس شورى مطعون في شرعية قراره، فيما يطالب قسم ثالث في الإخوان من الشباب بأن يتقدم الصفوف، ويطيح بقيادات الجبهتين.
نقلاً عن “العين” الإخبارية