كتب : فخري كريم
كنا نحتمي بما نواجه من مصاعب وتحديات ومحن وعذابات ما ترمينا به الأنظمة المستبدة، بالأمل والرجاء في ان تضحياتنا سترسي اسس عالم آخر؛ حياة تتوشح بابهى القيم والعلاقات، وتفتح للمعدمين والمتوكلين على قوة وعطاء سواعدهم وادمغتهم باب التغيير والإنفتاح حيث الإنسان هو القيمة الاسمى ومصدر الثروات والخيرات والمستقبل.
ولم يكن يخطر في بال كريم احمد المعلم الكادح والآف مجايليه من المناضلين الوطنيين والشيوعيين، ان عهداً سيحل علينا، حيث يصبح اشباه الرجال، المنحدرون من حثالة قيعانه، اسياد بلد، بعد ان حولوه الى خرابة تليق بهم وتعكس سويتهم.
لم يكن يخطر في بالنا نحن جيل الوجع والخيبة ، ان هؤلاء القادمون من اعتاب الجاهلية المتعفنة بشعارات الإيمان والتقوى الزائفة، المنقلبون على كل ما يدعون تمثيله بهتانا، على الأنبياء والمتقين، لا يحملون منه على سحناتهم سوى وشماً صار دلالة على كل ما يعنيه العار والنجاسة واللصوصية والتبعية والتعديات على الناس وكسر ما تبقى من هيبة الوطن. كريم أحمد فارق حياتنا هذه، دون أن يتخلى عنه الأمل في انبثاق عالم الحلم بوطن حر وشعب سعيد. ربما خفف عنه طول العمر وتقلبات الزمن الأغبر رؤية الأشباح التي تسد باب الامل أمام العراقيين اينما أتجهوا بأنظارهم.
لم يضعف إيمان ابو سليم المشهد السياسي الذي بلغت عفونته وترديه حد عودة رموز الخراب والفساد والتبعية دون حياء او تهيب الى التصدي من جديد لمحاولة الاجهاز على ما تبقى من حلم العراقيين في الصبر على المكاره والمظالم والفسوق الذي ارتكبوه طوال عقدين من استيلائهم على ارادة الناس خداعاً وتدنيساً.
وبلغ الإنحدار حداً وصاحبهم الذي ردد نشيد عاره “ ما ننطيه”أنه يريد أن يشعل نيران الفتنة من جديد، ويمتطي فرس يزيد متوهماً أنه يوالي حسيناً ، والحسين منه وإطاره المتصدع المتصدئ براء، يشكو جده المهانة التي تعرض لها الدين وقيم التسامح على أيدي اللصوص الذين باتوا يتحكمون بارادة من آمنوا بتضحية الحسين ويعيثون فساداً اينما حلوا وارتحلوا.
يرحل كريم احمد اليوم دون أن ينسى تذكيرنا بأن اعتماد السلاح وكثرة الجموع ليست دأئماً مصدراً للقوة، ومناراً للهداية واداة لبلوغ الهدف.
يذكرنا كريم أحمد أن المبادئ والقيم السامية والاستعداد للعطاء والإثرة واشاعة ما يعبد دروب الناس الذين يحملون راية العدالة والمساواة والتآخي بين البشر ، تلك الراية التي تلفع بها كفناً في صحراء الربذة ابا ذر الغفاري ، وسلام عادل ورفاقه في قصر النهاية وقوافل الشهداء على مر التاريخ ، حيث تشهد لهم ساحة التحرير تحت جدارية جواد سليم وجسر الاحرار بطولات راهنة ستظل تقض مضاجع صاحب ما ننطيها وأقرانه ممن يتظاهرون بالنسيان. ويتناسون أن دم الشهداء التي اراقوها في انتفاضة تشرين “ فمٌ “ فمٌ لا كالمدعي قولة …!
كريم أحمد تأكد أن رفاقك من الاجيال الجديدة ، جيل الانتفاضة وأشياعهم الذين تحصنوا بالقيم والمآثر التي خلفتموها عبر سنوات عطاءاتكم لن يتخلوا عن الدروب التي تعبدت بالبطولات والمآثر ، وسيأخذون بالأعتبار الاسباب التي أتت بفضلات قيعان مجتمعنا الذي أفسدتها تعاقب الدكتاتوريات والاستبداد .. نم كريم احمد موشحاً بعباءة القيم الكبرى التي امدتك بشجاعة المواصلة على حمل راية عالم الحرية والعدالة.
نقلاً عن جريدة المدى