كريتر نت – متابعات
نحو ثلثيْ فتيات اليمن تزوجن قبل أن يبلغن سن الـ18، وكثيرات من هؤلاء أصبحن زوجات، حتى دون الـ15 من أعمارهن، تقديراتٌ مخيفة كشف عنها النقاب مسؤولون في صندوق الأمم المتحدة للسكان، مشيرين إلى أن تزويج القاصرات في هذا البلد، أصبح ملاذاً للأسر التي أجبرها الإرهاب الحوثي على النزوح من ديارها، وقادت الحرب التي أشعلتها الميليشيات الانقلابية قبل سنوات، إلى إسقاطها في براثن الفقر المدقع.
وبالرغم من أن زواج القاصرات، الذي يُطلق عليه كذلك «الزواج المبكر»، لم يكن غريباً على المشهد الاجتماعي اليمني، قبل إطاحة العصابة الحوثية بالحكومة الشرعية عام 2014، فإن الصراع الدموي الذي سببه هذا الانقلاب، أدى إلى عرقلة الجهود التي كانت تُبذل في السنوات السابقة لذلك، لتجريم هذه الممارسة، التي تلحق أضراراً نفسية بالفتيات اللواتي يتزوجن دون السن القانونية المتعارف عليها دولياً.
وفي تصريحات نشرتها صحيفة الإندبندنت البريطانية، أكد باحث يمني أن عدد حالات «الزواج المبكر»، يرتفع بشكل مطرد منذ عام 2015، أي بعد أشهر قليلة من استيلاء الميليشيات على السلطة في العاصمة.
وأشار الباحث المقيم في صنعاء والذي رفض الكشف عن هويته نظراً لخشيته من تعرضه للقمع والاضطهاد من جانب العصابة الحوثية، إلى أن ذلك النوع من الزواج، بات أكثر شيوعاً في أوساط القُصَّر والقاصرات، على حد سواء.
وبنظر متابعين للشأن اليمني، ترتبط هذه الظاهرة، بعوامل كلها ذات صلة، بالممارسات العدوانية الحوثية وتفاقمها وتبعاتها، التي قادت إلى نزوح نحو 4.3 مليون من سكان اليمن، وهو ما يجعل العائلات النازحة عرضة للعنف والابتزاز، وسوء المعاملة والمعاناة من مستويات أشد من الفقر.
وفي مثل هذه الظروف المأساوية، تسعى بعض الأُسر، إلى التخفيف من الأعباء الملقاة على كواهلها، عبر تزويج فتياتها حتى قبل أن يبلغن سن الـ18، وهو ما أدى، وفقاً لتقرير أعدته منظمة «اليونيسف» عام 2019، إلى أن تصبح أكثر من 4 ملايين من الفتيات اليمنيات، ضحية لظاهرة «الزواج المبكر»، من بينهن 1.4 مليون، أُجبرن على خوض هذه التجربة المريرة، قبل أن يبلغن 15 عاماً.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، ازدادت وطأة الظروف التي تفاقم من ظاهرة «الزواج المبكر» في المجتمع اليمني، مع تبعات الأزمة الأوكرانية، وما خلّفته من آثار على أسعار الحبوب والوقود، خاصة أن اليمن يستورد ما يقرب من 45% من احتياجاته من القمح، من روسيا وأوكرانيا.
بجانب ذلك، تلجأ بعض العائلات اليمنية إلى تزويج أبنائها من الذكور مبكراً، لمنعهم من المشاركة في المعارك والتوجه إلى الخطوط الأمامية في الحرب التي توشك على دخول عامها الثامن، ولا يتورع الحوثيون عن تجنيد الأطفال والصبية قسراً لخوض غمارها.
ورصدت الإندبندنت في تقريرها حالات لفتيات يمنيات أُجبرن على الزواج، وهن أقل من اثني عشر أو ثلاثة عشر عاماً.
إحداهن قالت للصحيفة البريطانية إن شقيقها، وهو الوصي عليها في الوقت نفسه بعد وفاة والديْهما، حصل على ما يعادل 5 آلاف دولار مقابل تزويجها لرجل في الخامسة والأربعين من العمر.
ولكن مصير هذه الفتاة، كان أحسن حالا مما آلت إليه طفلة يمنية أخرى أقدمت على الانتحار، بعد أن أُجْبِرَت على الزواج، وهي في الثالثة عشرة من عمرها، ما اضطُرها – كما يقول أفراد من أسرتها – للعيش مع عائلة زوجها كبيرة العدد، في وقت كان يعاني فيه هو نفسه البطالة، ويسيء معاملتها، ما جعل حياتها جحيماً.