كريتر نت – متابعات
ممارسات ترقى إلى جرائم حرب يرتكبها الاحتلال التركي وميليشياته شمالي سوريا على مرأى ومسمع من العالم، فقد دعا تقرير حقوقي لـ”المركز السوري للعدالة والمساءلة”، أول من أمس، إلى توسيع العقوبات ضد الميليشيات والمرتزقة المدعومين من تركيا، ولا سيّما ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات” وقائدها المدعو محمد حسين الجاسم، المشهور بـ”أبو عمشة”، لمسؤوليتهم عن التهجير القسري للسكان الأكراد في عفرين إلى جانب مصادرة ممتلكاتهم.
وكشف التقرير، الذي نُشر على الموقع الرسمي للمركز السوري، أنّ ممارسات أبو عمشة وجماعته الإجرامية سمحت له بمتابعة أعمال اقتصادية غير مشروعة، تدر إيرادات تزيد عن (30) مليون دولار أمريكي سنوياً، داعياً مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الولايات المتحدة الأمريكية إلى معاقبة “أبوعمشة” بسبب تورطه في الأمر والإشراف على انتهاكات حقوق الإنسان.
تمويل العمليات العسكرية
من الركائز الأساسية لثروة “أبو عمشة” تجارة زيت الزيتون “المنهوب”، حيث يأخذ زعيم الميليشيا الإجرامية التركية (8) دولارات عن كل شجرة زيتون من مالكي الأراضي غير المنتمين لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، إلى جانب 15% من محصولهم، في جباية المقصود منها تمويل العمليات العسكرية للاحتلال التركي، وفقاً للمركز السوري.
وأوضح المركز أنّ مرتزقة الميليشيا التركية يطلبون من الأفراد، الذين يزعمون انتماءهم لـ”قسد”، تسليم “كلّ محصولهم”، فقد جمعت ميليشيا “سليمان شاه” إتاوة بقيمة (250) دولاراً أمريكياً لكلّ معصرة زيت زيتون من أصحاب المعاصر، واغتصبت في مناطق أخرى ما يزيد عن نصف الأرباح من أصحاب المعاصر.
ووفقاً للمركز، تموّل هذه الرسوم عمليات الميليشيا وتُثري “أبو عمشة” وأتباعه شخصياً، وقد نبّه المركز إلى أنّ الميليشيا جمعت إتاوات قدرها (15) مليون دولار خلال الأعوام الـ3 الأولى من سيطرته على المنطقة.
خزائن تركيا وزيتون عفرين
ازدهار تجارة الزيتون المهرّب تُثري كذلك خزائن تركيا، فقد كشف التقرير أنّ تلك التجارة تربط “أبو عمشة” وعصابته، التي ترتع في شمال سوريا، بالمؤسسات التركية من خلال بيع الزيتون وزيت الزيتون المهرّب إلى تعاونية الائتمان الزراعي التركية عبر وسطاء سوريين، مثل شركة جوبري للأغذية، قبل أن تكرره لجنة التنسيق الإدارية ويصدّره الأتراك تحت ملصقات مزيفة تدّعي أنّ المنتج صُنع في تركيا.
ونقل المركز السوري عن أحد المصدرين ويُدعى علي غوريلي اعترافه بالتورط في مثل هذه العمليات، مؤكداً: “لن نتمكن من التصدير بهذا المستوى بدون زيتون عفرين”، وزعم أنّ “زيت زيتون عفرين أصبح منتجاً تركياً”.
اختطاف وابتزاز
يُعتبر الابتزاز أساساً لحصول “أبو عمشة” وميليشياته على ثروة كبيرة، على حدّ قول المركز، الذي كشف أنّ ميليشيا “أبو عمشة” تقوم بعمليات اختطاف منظّمة، وتطالب بدفع فدية تتراوح بين (1000) و(25) ألف دولار من أفراد الأسرة الذين يتعرضون للتهديد إذا لم يمتثلوا لأوامره.
وأشار المركز كذلك إلى أنّ “أبو عمشة”، وعصابته المدعومة من تركيا، يطالب الأهالي بالمال مقابل استعادة بيوتهم بعد الاستيلاء عليها بالقوة، لافتاً إلى أنّ الميليشيا تجبر المالكين على دفع رسوم تتراوح بين (3 ـ 10) آلاف دولار لاستعادة ممتلكاتهم.
تقاعس دولي
انتهاكات “أبو عمشة” معروفة منذ أعوام، ومع ذلك فالجهود المبذولة لمحاسبته كانت غير مجدية حتى الآن، على حدّ قول المركز السوري الذي قال: إنّ سكان “شيخ الحديد” كانوا قد رفعوا نحو (60) دعوى قضائية ضده لجرائم متنوعة، تشمل الاغتصاب، والخطف، والاختفاء القسري، والتهديد بالمال، والابتزاز، ومصادرة الممتلكات.
وقد احتلت تركيا مدينة عفرين السورية في عملية أطلقت عليها “غصن الزيتون” في الأشهر الـ3 الأولى من عام 2018، وأسفرت عن مقتل مئات المدنيين، ونزوح ما يقرب من (300) ألف، تقريباً كل السكان الأكراد في عفرين. وتخطط لاحتلال المزيد من الأراضي العربية السورية لإقامة ما تُطلق عليه “المنطقة الآمنة”.
ولا يمكن اختزال ما يجري في عفرين في كلمة “احتلال”، فقد أفضى العدوان التركي إلى تهجير أكثر من 75% من أهالي المنطقة الكرد وإحالتهم إلى منافي التهجير في منطقة الشهباء، في حلقة جديدة من مسلسل التغيير الديموغرافي للمدينة الشمالية السورية.