كريتر نت – العين الإخبارية
عمدت مليشيات الحوثي لاستغلال زيارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، للمنطقة كفرصة للخروج بموقفها الرافض لتمديد الهدنة التي فاقمت صراع قادتها وأجنحتها التي وصلت إلى جبهات القتال.
فرغم استغلال مليشيات الحوثي الهدنة المدعومة أمميا في تربح الأموال والتجنيد وتهريب السلاح، إلا أن ذلك ساهم في إثراء قادة وأجنحة على حساب أخرى ما تسبب إلى انقسام حاد بين مؤيد للتهدئة ورافض لاستمرارها.
وكشف إعلان مليشيات الحوثي مؤخرا رفضها تمديد الهدنة مدى تغذية السلام للنقمة البينية داخل الأجنحة المتناحرة التي أثبتت أنها تعيش على دورات الحروب كوقود أساسي لاستمرار تماسكها وبقاء القيادات الميدانية في الجبهات دون تمرد أو خروج عن الطاعة.
كما تعتاش قيادات المليشيات من الحرب كمصدر إثراء كبير حيث تحول قادة الحوثيين في الجبهات إلى أثرياء وملاك عقارات وتجار سلاح من عائدات تمويلات الحرب والجبايات المفروضة تحت غطاء “دعم الجبهات”، وفقا لمصادر يمنية.
وقالت مصادر قبلية وعسكرية إن قيادات حوثية ومشرفي المليشيات على مستوى “الجبهات” و”المناطق الأمنية” و”المحافظات” تعيش حالة تذمر وسخط غير مسبوق إثر تمديد الهدنة وقرار وقف إطلاق النار الذي ساهم في خفض حدة العمليات العسكرية الهجومية.
وكشفت المصادر لـ”العين الإخبارية”، أن مليشيات الحوثي المدعومة من إيران أوقفت تمويل الجبهات بنسبة 50 % وهو ما تسبب في خسارة القيادات الميدانية مخصصات مالية كبيرة كانت هذه القيادات تحصل عليها.
وفقا للمصادر فقد كانت المعارك والعمليات القتالية في الجبهات توفر للقيادات الحوثية الميدانية التي تتبع أجنحة تتسابق على الامتيازات المالية الكبيرة، فرصة للإثراء ما جعلها تنظر للسلام بأنه تهديد خطير لمصدر وجودها ونفوذها.
تقنين النفقات لتمويل المسيرات
ولم يتوقف خفض مليشيات الحوثي على تمويل الجبهات لكنه امتد إلى أسر القتلى في محارق الموت كجزء من تكتيك حوثي لتقنين النفقات لصالح تمويل ما تسميه “أسلحة الردع” وهي الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي يتطلب تهريبها نفقات مالية كبيرة جدا.
وبحسب المصادر فإن مليشيات الحوثي أوقفت بالفعل صرف المخصصات المالية لأسر قتلاها رغم اقتطاعها مبالغ كبيرة من تعريفة خدمات أساسية للمواطنين وفرض مبالغ بغطاء “الزكاة” والجمارك وعلى جبايات صناديق التحسين تحت مسمى رعاية “أسر الشهداء”، حد توصيفها لقتلاها.
الحرب فرصة استثمارية لأجنحة الحوثي
ويرى خبراء عسكريون أن قيادات وأجنحة مليشيات الحوثي تنظر للحرب بأنها فرصة استثمارية وأن الهدنة مهما استثمرتها قيادات الصف الأول إلا أنها لا تعود لقيادتها الميدانية بالنفع والمصلحة والسطوة التي تمارسها عند تأجيج الحرب في الجبهات.
ووفقا للخبير العسكري والاستراتيجي اليمني العميد محمد الكميم فإن عادة عندما يواجه الحوثيون ضغوطا سياسية وعسكرية ومالية خلال السلام أو مبادرات دولية يلجأون لتفعيل صراع الأجنحة للتنصل من الاتفاقات.
وأوضح الضابط والخبير اليمني لـ”العين الإخبارية”، أن صراع الأجنحة يشتد بسبب السباق على المصالح إلى جانب الأدوار التي تؤديها كأجنحة سلام وأجنحة صقور تسعى دوما لتأجيج الحرب وهذا للتنصل والتهرب من أي ضغوط دولية وأممية الساعية للسلام.
وأشار إلى أن مليشيات الحوثي ظلت طويلا تبرر نسفها للسلام بوجود أجنحة سلام (حمائم) وأجنحة صقور (متطرفة ترفض السلام) بحيث إن وقع جناح للمبادرة أو الهدنة يأتي الجناح الآخر لنقضها وعدم الالتزام بها.
وأكد على وجود خلافات عميقة بين هذه الأجنحة الحوثية التي تعتاش من الحرب، فيما زعيمها عبدالملك الحوثي هو مجرد “كوز” في الواجهة معزول في أحد الكهوف ولا يدير من القرار شيئا وإنما إيران هي صاحبة القرار.
لذا لم يستبعد الكميم أن تكون إيران من تقف خلف مفاقمة الصراع بين أجنحة مليشيات الحوثي لنسف السلام أو الهدنة، والتي تسعى لعدم إبقاء المليشيات كتلة واحدة بل كتل متناحرة أكثر انقيادا وانصياعا لتوجيهاتها.
ويعتقد الخبير العسكري أن كل التطورات داخل مليشيات الحوثي هي عبارة عن صراع أجنحة، يظهر ذلك تصدر جناح يحيى الرزامي خلال الهدنة، ويراد منه إسكات الأجنحة الأخرى وكجزء من لعب الأدوار التي تمارسها المليشيات عند كل جهود سلام.
كما أن هناك أجنحة داخل المشروع الحوثي، لا سيما سلاليي صعدة وسلاليي صنعاء والمناطق الوسطى الذين يواجهون حملة كبيرة من جناح صعدة المتطرف ويتم معاملتهم كتابعين وعبيد وهذا أحد العوامل التي تغذي الصراعات الداخلية الخفية إلى جانب الصراع على تقاسم الإيرادات والإثراء والتربح من الحرب وإطالة أمدها.
وكانت مليشيات الحوثي أعلنت، السبت الماضي، عن رفضها ضمنيا لتمديد الهدنة المدعومة من الأمم المتحدة التي تنتهي في 2 أغسطس/آب المقبل.
وزعمت مليشيات الحوثي في بيان صادر عن ما يسمى المجلس السياسي الأعلى أن “الهدنة الأممية مثلت تجربة صادمة ومخيبة للآمال ولا يمكن تكرارها في المستقبل”.
ودخلت الهدنة الإنسانية حيز التنفيذ في 2 أبريل/نيسان الماضي وتم تجديدها في 2 يونيو/حزيران الجاري شهرين إضافيين، حيث استوفت الحكومة اليمنية والتحالف العربي تنفيذ بنودها الإنسانية بما فيه وقف العمليات العسكرية وذلك رغم تصاعد خروقات مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيا.