حسن خليل
صحفي مصري
في أعقاب أزمة الفيضانات الأخيرة التي ضربت بنغلاديش، وخلّفت خراباً هائلاً في بعض المناطق، بالإضافة إلى سقوط ضحايا، أعلنت الجماعة الإسلامية البنغالية، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، عن تفعيل برنامجها الإغاثي، الذي أظهر وجود أموال طائلة لدى الجماعة، التي أنفقت ببذخ، وسط دعاية سياسية هائلة، وضع عليها مراقبون علامات استفهام متعددة.
أمير الجماعة الإسلامية شفيق الرحمن، قال في تصريحات يوم 16 تموز (يوليو) الجاري: إنّ “الله، سبحانه وتعالى، وفق من اختاره من عباده في إدارة البرامج الإغاثية والأنشطة الإنسانية، وإنّنا نؤمن بأنّنا نعيش في نعم الله، سبحانه وتعالى، في كل لحظة، وعليه، نعرب عن امتناننا العميق لله، سبحانه وتعالى”. ويبدو هنا الغطاء الديني واضحاً، كأداة لعدم الإفصاح عن مصدر تلك الأموال، بزعم أنّها من عند الله.
أموال الإخوان ومحاولات التجنيد في بنغلاديش
في 16 حزيران (يونيو) الماضي تعرّض الجزء الشمالي لمدينة سيلهت وسونامغانغ لفيضانات كارثية، أدّت إلى تدمير البنى التحتية، وتعتبر مدينة سونامغانغ إحدى أهم المدن في خريطة الإنتاج الغذائي للبلاد، حيث يتم إنتاج ما مجموعه 26% من إجمالي الإنتاج الغذائي في بنغلاديش، وقد بذلت الحكومة جهوداً هائلة لإغاثة المنكوبين، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
الجماعة الإسلامية تاجرت بالكارثة منذ اللحظة الأولى، وزعمت أنّ الحكومة وضعت المواطنين مع الحيوانات في مراكز الإيواء، وفي المقابل قدّمت الجماعة السلال الغذائية وغيرها من المواد الغذائية، وخصّت أتباعها في بادئ الأمر، وقد سعت لتجنيد وحشد الفقراء، في شبه محافظة الأغنج، التابعة لمحافظة سيلهت، ولليوم الـ7 على التوالي، التقى أمير الجماعة الإسلامية بعائلات الضحايا، وقدّم لهم المساعدات المالية والعينية.
أمير الجماعة الإسلامية اتهم الحكومة بوضع قيود وعراقيل أمام التنظيم لمنعه من تقديم المساعدات، وهو ما نفته الحكومة، ومن مظاهر الإنفاق الواسعة اعتراف أمير الجماعة، بأنّها قدمت المساعدات لنحو (330) ألف شخص من سكان مدينة سونامغانغ.
وتعتمد الجماعة في أثناء توزيع المساعدات على الدعاية السياسية، حيث يقدّم الدعم للمحتاجين في حضور موكب من قيادات الإخوان، وفي الجولة الأخيرة رافق أمير الجماعة الإسلامية في جولته عضو المجلس العملي المركزي للجماعة، وأمير الجماعة الإسلامية لمدينة كوملا قاضي دين محمد، وعضو مجلس الشورى المركزي، وأمير الجماعة الإسلامية لمدينة لوكهي بور الشيخ روح الأمين بويان، ونائب أمير الجماعة الإسلامية لمدينة سيلهت جنوب، ورئيس المجلس البلدي السابق لشبه محافظة سورما الشيخ لقمان أحمد، وغيرهم من القياديين المحليين للجماعة الإسلامية.
مساعد الأمين العام للجماعة الإسلامية الشيخ عبد الحليم كشف عن الغطاء الخيري للجماعة، حين قال: إنّ “الجماعة الإسلامية تكون السباقة دائماً في خدمة وضمان رفاهية العائلات التي تضررت من الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات والحرائق وحوادث الطرق، وفي الوقت نفسه تقدّم المساعدة المالية للفقراء والطلاب الموهوبين، والمرضى العاجزين عن دفع فواتيرهم الطبية”.
المساعدات مقابل التجنيد
الدكتور أحمد فؤاد أنور، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أكّد في تصريحات خصّ بها “حفريات” أنّ أموال التنظيم بشكل عام تتدفق عبر عدة محاور، عن طريق عملية معقدة لنقل وغسل الأموال، بوساطة الغطاء الخيري، مع فتح جبهات دائمة لجمع التبرعات وأموال الزكاة، وما يحدث في بنغلاديش هو نهج إخواني واضح ومستمر، يعتمد على استغلال الكوارث الطبيعية، واللعب بورقة المساعدات، لكشف عجز الحكومات، بحسب زعمهم، والمزايدة على الفقراء والمحتاجين، لافتاً إلى أنّ الجماعة لا تقدّم أبداً كشفاً بمصادر دخلها، والكيفية التي تنفق فيها بكل هذا البذخ.
وكشف أنور أنّ أمير الجماعة الإسلامية شفيق الرحمن دشن في 18 تموز (يوليو) الجاري برنامجاً خاصاً بإعادة تأهيل وترميم منازل المتضررين من الفيضانات، وهو البرنامج الذي بدأه من محافظة نلفماري، قبل أن يجري تعميمه في بقية المحافظات التي تعرضت للفيضانات في عدة أجزاء متفرقة من البلاد.
وعلى صعيد الإنفاق الهائل، قام أمير الجماعة الإسلامية بتوزيع مواد البناء اللازمة لإعادة تأهيل المتضررين من الفيضانات، وذلك في (4) نقاط رئيسية في محافظة نلفمازي، ورافق ذلك دعاية سياسية ضخمة، حيث تمّ حشد الفقراء في مشهد هزلي مهين، قبل منحهم السلال الغذائية، والطعام المطبوخ، ومواد البناء اللازمة، وعلى الرغم من أنّ ذلك يتطلب دعماً لوجستياً كاملاً، لا تقدر عليه من الناحية الاقتصادية أجهزة الدولة نفسها، إلا أنّ الجماعة فتحت خزائنها لجلب المزيد من الدعم، وتجنيد وتجييش الفقراء لصالح برنامجها السياسي، ولم تفعل ذلك سراً، أو في أضيق الحدود الدعائية، كما يأمر الدين الإسلامي الذي تزعم الجماعة أنّها تتحدث باسمه.
وكالعادة، رافق أمير الجماعة في موكبه الدعائي عدد من القادة المحليين للجماعة الإسلامية.
عملية توزيع المواد الغذائية، ومواد البناء، شهدت تحريضاً واسعاً على الحكومة، فقد قال أمير الجماعة الإسلامية: إنّ “الحكومة الحالية فشلت في أن تكون حكومة الشعب كافة، وما أصابنا اليوم من كوارث ومصائب هي من نمط حياتنا، وما كسبته أيدينا، ونسيان خالقنا، عزّ وجلّ، وإنّنا كحزب إسلامي لا بدّ أن نقف إلى جانب الشعب في محنته ومصابه”. مضيفاً: “الحكومة باتت معزولة عن الشعب، وللسلطة حقوق، وحقها الوقوف مع الشعب في هذا الوقت العصيب”.
وزعم شفيق الرحمن أنّ الاستعدادات قد بدأت لإزاحة الحكومة الحالية، لافتاً إلى أنّ الشعب إذا اتحد، فلن تستطيع الحكومة البقاء في السلطة، مهما اتخذت من الأجهزة الأمنية دروعاً لها، في نهج تحريضي واضح أثناء تدشين البرنامج الغذائي، لتوجيه الفقراء من أجل الحصول على الغذاء.
من جانبه، وبّخ عضو المجلس العملي المركزي للجماعة محبوب الرحمن بلال قادة الحزب الحاكم، زاعماً عدم تعاونهم واستجابتهم لنداء المتضررين من الفيضانات، محرضاً هو الآخر على الثورة، التي طالب المحتاجين بالانخراط فيها، والتوحد خلف الجماعة الإسلامية، التي تقدّم لهم الغذاء وسائر المساعدات.
المصدر حفريات