حسن خليل
صحفي مصري
بمرور الوقت، أصبح الكيان السياسي الحوثي في اليمن قاعدة ارتكاز إيرانية في شبه الجزيرة العربية، تضم مقاتلين وصواريخ وطائرات بدون طيار، على حدّ وصف الكاتب السياسي اللبناني خير الله خير الله، بمقاله المهم المنشور في صحيفة The Arab weekly.
ويرى الكاتب أنّ النكسة الكبرى التي عانى منها الحوثي كانت في كانون الأول (يناير) الماضي، ففي ذلك الوقت تمكنت قوات لواء العمالقة الجنوبي من وقف تقدم الحوثيين في محافظة شبوة الجنوبية، ورفع الحصار الذي فرضته الميليشيات الموالية لإيران على مدينة مأرب.
الردّ على زيارة بايدن للشرق الأوسط
يمكن القول إنّ ما فعله الحوثيون في تعز هو جزء من ردود فعل إيران على جولة الرئيس الأمريكي جو بايدن في الشرق الأوسط؛ حيث لم تكن القمة الإيرانية التركية الروسية اللاحقة في طهران الردّ الوحيد على زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة، وحضور قمّة جدة.
ما يزال اليمن ورقة إيرانية مهمّة، لكنّ اليمن يشكّل أيضاً تحدياً لإدارة جو بايدن، التي سيتعين عليها التخلي عن وهم الحل السياسي، الذي لا يأخذ في الاعتبار ميزان القوى الحالي، والعمل على تحريك الوضع الميداني، للضغط على الحوثي.
وبعبارات أوضح، فإنّ الحل السياسي ممكن وضرورة لليمن، الذي يعاني سكانه من جميع أنواع الويلات، بما في ذلك الفقر والجوع والمرض. ومع ذلك يحتاج الحوثيون إلى الاقتناع، كما يقول خير الله، بأنّ الحل السياسي يصبّ في مصلحتهم، وأنّهم لا يستطيعون الوقوف في طريقه.
ويتساءل خير الله كيف يمكن تحقيق ذلك؟ ويرى أنّ الجواب يكمن في التغيير على الأرض.
ولكن هل يمكن لمجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي إحداث هذا التغيير الذي يتطلب بدوره تغييراً عاماً في السياسة الأمريكية، وعدم مواكبة الحوثيين بمواصلة شطبهم من القائمة الأمريكية للجماعات الإرهابية؟ بالطبع كلها تساؤلات تبحث عن إجابة، ربما ترتبط بمتغيرات السياسة العالمية، ومحاولات الفرقاء في موسكو وواشنطن ممارسة الضغط على بعضهما البعض.
المجلس الرئاسي يحبط محاولات الإخوان
بحسب مجلة أتالايار الإسبانية، المختصة بالشؤون السياسية للشرق الأوسط، فإنّ الصراع في اليمن ما يزال مفتوحاً أمام كافة السيناريوهات، لكنّ تكوين المجلس الرئاسي كان هو المتغير الأهم في الحالة اليمنية، حيث تجمعت جميع القوات اليمنية في العاصمة السعودية الرياض، وبالإضافة إلى القوى التقليدية، كانت القوى الجديدة ذات الطابع الحداثي، التي يبدو أنّ وجودها أصبح أكثر نفوذاً داخل البلاد وخارجها، وعليه لم تتمكن القوى والأحزاب التقليدية من السيطرة على الوضع تماماً كما فعلت من قبل، على الرغم من محاولاتها اليائسة للسيطرة. إنّ ما يمكن تسميته بالقوى الناشئة سوف تساهم في تغيير قواعد اللعبة، وهي: المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي، والمقاومة الوطنية ومكتبها السياسي، وممثلها العميد طارق صالح.
واليوم، وبحسب المجلة الإسبانية، يبدو أنّ المجلس الانتقالي الجنوبي، والمكتب السياسي للمقاومة الوطنية هما الأبرز، ويبدو واضحاً أنّ دول المنطقة والدول المؤثرة في الصراع اليمني تعتمد عليهما في تحديد مستقبل اليمن، وما يجعل هذه القوى الجديدة ضرورية للغاية، هو أنّ القوى التقليدية غير قادرة على التصرف خارج مخططاتها الإيديولوجية، وليس لديها نية لتنحية الصدامات الطائفية جانباً، تلك الصدامات التي خلفت الكثير من الدمار في اليمن، ودول أخرى في المنطقة.
ويُعدّ الإخوان أحد أبرز تلك القوى التقليدية، التي أغرقت اليمن في الفساد السياسي والاقتصادي، ممّا سمح لجماعة أنصار الله الحوثي الصغيرة المرتبطة بإيران، بالسيطرة بسهولة على البلاد في العام 2014. وقد أغرق الإخوان اليمن في حرب طائفية مدمرة لا نهاية لها، لكنّ القوى اليمنية الوطنية تمكنت بذكاء من الخروج من هذه الدائرة، وإن كان ذلك جزئياً.
وكانت القرارات الأخيرة للمجلس الرئاسي، التي شملت إجراء تعديلات مهمّة جاء أبرزها في وزارات الدفاع والنفط والكهرباء، ضربة جديدة للإخوان المسلمين، بعد أن عمل حزب الإصلاح طوال الأعوام الماضية على الهيمنة شبه الكاملة على وزارتي الدفاع والنفط، وتمّ تحويل أموال النفط والدعم العسكري إلى أرصدة الجماعة في الخارج.
من جهته، كشف الناشط اليمني محمد علي أنّ جماعة الإخوان تهاجم قوات التحالف العربي في المهرة؛ بسبب إحباط التحالف مخطط الإخوان “الذي يهدف الى تفجير الوضع في المحافظة لمساعدة الحوثيين”. وأضاف: “الخلاصة، كانوا مخططين لتفجير الوضع في المهرة لمساعدة الحوثي، وتشتيت الجيش اليمني والتحالف العربي عن معركتهم ضد الحوثي”.
الحوثي ووهم الحل السلمي
تدعم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي المفاوضات السياسية، ويعتبرانها الحل الوحيد للصراع الذي طال أمده في اليمن، البلد الذي يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم. ويشهد اليمن هدنة منذ أكثر من (4) أشهر متتالية، هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الصراع، في وقت يعوّل فيه الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بشكل عام على هذه الهدنة لطي صفحة حرب اليمن، رغم هشاشتها، ورفض المتمردين الحوثيين الوفاء بالتزاماتهم، ومحاولات الإخوان اللعب على كافة المحاور، في ظل الجفوة بين الجماعة ممثلة في حزب الإصلاح، والمجلس الرئاسي.
إنّ صواريخ الحوثي الأخيرة، التي استهدفت المدنيين في تعز بوسط اليمن، تؤكد أنّ الميليشيا، المدعومة من إيران، تعرف بالضبط ما تريد. لن يقبل الحوثيون أيّ حل سياسي في اليمن لا يخدم المشروع الإيراني التوسعي، فهم يريدون كيانهم السياسي في العاصمة صنعاء التي سيطروا عليها في 21 أيلول (سبتمبر) العام 2014، ويرفضون أيّ حل سياسي لا يعترف بسيطرتهم على مساحة يمنية من الأراضي، لا تشمل صنعاء فحسب؛ بل تشمل أيضاً ميناء الحديدة، فضلاً عن جيب في تعز.