كريتر نت – العرب
تستعد مصر لإطلاق حوار سياسي، لكن جماعة الإخوان المسلمين ستكون مستبعدة من المشاركة فيه.
ويقدم مسؤولون الحوار على أنه خطوة تبشّر بمرحلة جديدة من حكم السيسي باتت ممكنة بفضل تحسن الاستقرار الأمني والسياسي، وأطلق عليها اسم “الجمهورية الجديدة”. وينتمي معظم أعضاء مجلس أمناء الحوار، البالغ عددهم 19 عضوا، إلى هيئات رسمية ومن بينهم أيضا عدد من أعضاء البرلمان.
ورغم أن مصر، أكثر دول العالم العربي تعدادا، تعاني من التداعيات المالية لحرب أوكرانيا، فإن المسؤولين يقولون إن الحوار سيساعد في رسم مسار تنمية اقتصادية واجتماعية في المستقبل.
ويتّبع الحوار خطوات تهدف فيما يبدو إلى معالجة نقاط أثارت انتقادات غربية لسجل حقوق الإنسان، ومن هذه الخطوات نشر استراتيجية لحقوق الإنسان.
وقال المنسق العام للحوار الوطني ضياء رشوان في المؤتمر الصحافي الذي انعقد هذا الشهر إن مقترحات الحوار الذي سيغطي قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية، ستُعرض على السيسي الذي “سيختار ما يراه الأصلح منها”.
وأتيحت لبعض أفراد المجموعة الصغيرة المتبقية من الشخصيات المعارضة في مصر منصة على وسائل الإعلام المحلية الخاضعة لرقابة شديدة، وذلك لأول مرة منذ سنوات.
وقال عمرو حمزاوي، النائب الليبرالي السابق بالبرلمان الذي تشكل عقب انتفاضة 2011، والذي عاد إلى القاهرة مؤقتا للمشاركة في الحوار الوطني، إن الحوار في ظل غياب البدائل يمكن أن يكون “أداة رئيسية لصناعة لحظة انفتاح”.
وأضاف حمزاوي، المدير الحالي لبرنامج الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن، “مسألة أننا نقعد مع بعض في مكان ونعبّر عن آراء مختلفة دون أن تكون النتيجة تخوين أحد أو التشكيك في وطنيته أو التشكيك في دوافعه، أن نرجع مرة ثانية نتعلم كيف نختلف ونختلف داخل الإطار الوطني المصري من غير تشكيك، تبقى مسألة مهمة جدا”.
وخلال الشهرين التاليين للإعلان عن الحوار، في أبريل الماضي، تم إطلاق سراح ما يقل قليلا عن 300 سجين رأي، على الرغم من حصول لجنة العفو الرئاسي على موافقة مبدئية على الإفراج عن أكثر من 1074 اسما، بحسب طارق العوضي عضو لجنة العفو الرئاسي.
وتعكف اللجنة على التعامل مع الآلاف من الطلبات لإطلاق سراح بعض الذين سجنوا في عهد السيسي، رغم أن جماعة الإخوان لا تزال مستبعدة بشكل صارم من الحوار، وقادتها إما في السجون وإما في خارج البلاد.
وقال العوضي إن جماعة الإخوان المسلمين لن تتمكن من المشاركة في الحوار، لكن لجنة العفو لن تستبعد أي أسماء على أسس أيديولوجية.
وتابع “ندرس الملف ونقدمه للجهات المختصة، لرئاسة الجمهورية تحديدا. الرئاسة تستطلع رأي الأجهزة الأمنية الموجودة وبناء عليه يتم إصدار القرار”.
وقال محمد لطفي، المدير التنفيذي للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، إن معدلات الإفراج عن السجناء من أواخر أبريل إلى أواخر يونيو هي تقريبا نفس معدلات العامين الماضيين، وإن عدد القضايا الجديدة المعروضة على نيابة أمن الدولة يقارب أعداد حالات الإفراج.
وأضاف “المكسب الوحيد هو اعتراف الحكومة أخيرا بوجود مشكلة حول قضية السجناء السياسيين ويجب التعامل معها”.
وكان السيسي قد قال من قبل إن مصر لا تحتجز معتقلين سياسيين وإن الأمن مستتب، وإن الحكومة تعمل على تعزيز حقوق الإنسان من خلال السعي لتلبية الاحتياجات الأساسية مثل توفير فرص العمل والسكن.
الحوار سيساعد في رسم مسار تنمية اقتصادية واجتماعية في المستقبل
ولطالما اعتُبرت الجماعة الحركة الإسلامية الأكثر نفوذا في الشرق الأوسط، وتولت الجماعة زمام السلطة في أول انتخابات حرة في مصر عام 2012، بعد عام على الإطاحة بالرئيس حسني مبارك في انتفاضة شعبية.
لكن نجاح جماعة الإخوان، الذي أعقب عقودا من المواجهة مع الدولة خصمها القديم، لم يدم طويلا. ففي عام 2013 أطاح عبدالفتاح السيسي، قائد الجيش آنذاك والرئيس الحالي، بالرئيس محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين من السلطة، بعد احتجاجات حاشدة على حكمه.
وشنت مصر بعد ذلك أشرس حملة قمع على الجماعة، وأصدرت أحكاما بالإعدام أو بفترات سجن طويلة على قادتها، ودفعت أعضاءها إلى الاختباء أو الفرار إلى الخارج.
وقتلت قوات الأمن المئات من أنصار الإخوان في اعتصام بالقاهرة عام 2013. وقتل ما لا يقل عن 817 شخصا وربما أكثر من 1000 عندما هاجمت قوات الأمن الاعتصام باستخدام جرافات وقناصة وقوات الشرطة، بحسب تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش.
ودافعت القاهرة عن أفعالها قائلة إنها منحت المتظاهرين الفرصة للمغادرة بسلام، وإن عناصر مسلحة داخل جماعة الإخوان هي التي بادرت بالعنف.
وقالت إن تقرير المنظمة الحقوقية يتسم بالسلبية والتحيز واعتمد على شهود مجهولين وليس على مصادر محايدة. وقال المسؤولون المصريون، الذين يصفون جماعة الإخوان المسلمين بأنها جماعة إرهابية، مرارا إن بعض المتظاهرين كانوا مسلحين وأطلقوا النار على الشرطة وجنود الجيش.
ورغم القمع على مدى عقود، طورت الجماعة شبكة واسعة وجيدة التنظيم من النشطاء، واكتسبت دعما شعبيا من خلال الأعمال الخيرية لأعضائها. كما كان لها تأثير كبير في منظمات مهنية مثل نقابتي الأطباء والمحامين.
وصنفت جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي قال إنها تشكل خطرا وجوديا على مصر، وهو أمر تنفيه الجماعة التي تقول إنها ملتزمة بالنشاط السلمي.
ويمثل الإخوان المسلمون أيضا مصدر توتر إقليمي، حيث تنظر السعودية والإمارات إلى الجماعة على أنها تهديد لنظام الحكم لديهما. وهي مصنفة من سلطات البلدين منظمة إرهابية.
وتفيد مراجعة للحكومة البريطانية صادرة في عام 2015 بأن الجماعة “ليست مرتبطة بنشاط مرتبط بالإرهاب في المملكة المتحدة وضدها”، لكنها في الشرق الأوسط، رصدت “علاقة معقدة وظرفية، في منطقة كان العنف السياسي فيها شائعا”.
وقالت إن الجماعة تاريخيا “انخرطت سياسيا حيثما أمكن ذلك. لكنها أيضا استخدمت العنف بشكل انتقائي وأحيانا الإرهاب سعيا وراء أهدافها المؤسسية”.