سراج الدين الصعيدي
كاتب مصري
لطالما كان استهداف البهائيين نهج النظام في الجمهورية الإيرانية منذ فترة طويلة، لكنّ ذلك تصاعد بشكل لافت في الفترة الأخيرة.
فقد لجأ النظام إلى القمع المنهجي والتمييز والترهيب العنيف ضد البهائيين، على أمل إرغامهم على الفرار من البلاد بشكل جماعي.
وقد قتل النظام المئات من زعماء هذه الديانة وشخصياتها البارزة، وسجنهم وسلب ممتلكاتهم على مرّ السنين، وتمّ منع آخرين من الدراسة في الجامعات.
وآخر تلك الانتهاكات وقعت على يد قوات الأمن أول من أمس، فقد هاجمت منازل البهائيين في عدة قرى، شمالي إيران، ودمرت بعضها.
ووفقاً لمصادر مطلعة وتقارير نقلتها قناة “إيران إنترناشيونال”، فإنّ مدخل القرية مغلق، وحركة المرور تحت رقابة مشددة، وقد استولى عناصر الأمن على الهواتف المحمولة لبعض السكان
وبحسب المعلومات، فقد دخلت عدة آليات ثقيلة إلى القرية لهدم المنازل، وأنّ قوات الأمن المتواجدة في المكان تضم وحدات مختلفة.
وفي الأيام الأخيرة ازداد الضغط على البهائيين في إيران بشكل ملحوظ، وتم اعتقال عدد منهم.
وبعد هذه الحملة، أعلنت وزارة المخابرات الإيرانية، في بيان أوردته وكالة “إرنا”، أنّها ألقت القبض على “عناصر من النواة المركزية لحزب البهائيين التجسسي”، زاعمة أنّ للمعتقلين “صلة مباشرة” ببيت العدل في إسرائيل.
و”بيت العدل الأعظم” هو المجلس العالمي للعقيدة البهائية، وأعلى هيئة لصنع القرار في المذهب البهائي، ومقره حيفا.
وزعمت وزارة المخابرات في إيران أنّ بيت العدل أخطر الأشخاص المحتجزين بـ”استراتيجية إحياء المنظمة البهائية” في إيران تحت عنوان “خط الدعاية الهجومية” و”المهمة الخاصة لجمع المعلومات المستهدفة” العام الماضي.
وقد عزا جهاز المخابرات الإيراني “التسلل في البيئات التعليمية على مختلف المستويات للمعتقلين، وخاصة رياض الأطفال في جميع أنحاء البلاد” و”الترويج المنظم لخلع الحجاب في إيران”.
وكان من بين الذين اعتقلوا يوم الأحد 31 يوليو (تموز) في طهران وكرج كل من فريبا كمال أبادي وموش ثابت (شهرياري) وعفيف نعيمي، وهم شخصيات وازنة في الديانة، ومديرون سابقون للجامعة البهائية الإيرانية المعروفة باسم “ياران”.
وأعلنت وكالة أنباء “هرانا” الأحد الماضي اعتقال مواطنين بهائيين يقيمان في قزوين، وهما؛ أوميد كشاورز، وبريا أقدسي، وتم تفتيش منزليهما من قبل قوات الأمن، وأعلنت عن عدم وجود معلومات عن مكان تواجد هذين المواطنين، وفق ما نقلت إذاعة “فردا”.
وذكر هذا الموقع قبل أسبوع أنّ (5) مواطنين بهائيين تم اعتقالهم مؤخراً، ونقلهم إلى معتقل دائرة استخبارات شيراز، وما زالوا قيد الاستجواب.
يُذكر أنّ النظام الإيراني الذي قمع بشكل منهجي البهائيين في إيران منذ بداية تأسيسه، دأب على اتهام هؤلاء المواطنين بـ”التجسس” والارتباط بـ”إسرائيل”.
ويقول قادة البهائيين المنفيين: إنّ المئات من أتباع هذا الدين قد سُجنوا وأُعدموا منذ قيام نظام الجمهورية الإسلامية عام 1979.
وتطرقت وكالة “رويترز” للأنباء إلى اعتقال البهائيين في شهر حزيران (يونيو)، لافتة إلى أنّ محكمة الثورة الإسلامية في شيراز حكمت على (26) بهائياً بالسجن لمدد تتراوح بين عامين و(5) أعوام، بعد اتهامهم “بالتواطؤ ضد الأمن القومي”.
ووفقاً لـ “التقرير حول ممارسات حقوق الإنسان في إيران” الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، يمنع النظام الإيراني البهائيين من شغل وظائف في جهات مرتبطة بالحكومة، وأصبحت الحملة الدعائية المناهضة لديانتهم راسخة في النظام التعليمي، والإنتاج الثقافي، والمحتوى الإعلامي في البلاد، ويُمنع على أتباع هذه الديانة حتى الحداد سلمياً على موتاهم في العلن، أو بناء مقابرهم الخاصة.
من جهته، قال مهدي خلجي زميل ليبيتسكي فاميلي في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، في مقالة له نشرها الموقع الإلكتروني الخاص بالمعهد: ظهرت الديانة البهائية لأول مرة بين طبقات النخبة في المجتع الإيراني، لذا ما تزال جذابة للغاية للنخب اليوم، حتى لبعض رجال الدين الشيعة، ويخشى النظام بشكل خاص من جاذبية هذه الديانة في أعين الشباب الشيعة الذين قد يعتبرون البهائية أكثر انسجاماً مع الحياة العصرية من التعاليم الشيعية التقليدية، وهذا على الأرجح السبب الرئيسي وراء الارتفاع الأخير في ضغط الحكومة.
وفي سياق متصل بالانتهاكات، قالت ممثلة المجمع البهائي العالمي لدى الأمم المتحدة ديان علائي، في تصريح صحفي نهاية آذار (مارس) الماضي: إنّ أكثر من (1000) بهائي ينتظرون صدور حكم قضائي، مشيرة إلى تزايد إيذاء البهائيين ومصادرة ممتلكاتهم في إيران.
وغرّدت ديان علائي بأنّها أشارت إلى المضايقات التي يتعرض لها البهائيون خلال الدورة الـ 49 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وأكدت أنّ “اضطهاد البهائيين في إيران مستمر، وأنّ عدد السجناء في تزايد، وهناك أكثر من (1000) بهائي ينتظرون المحاكمة”.
وبالإضافة إلى الضغط المتزايد على المواطنين البهائيين في إيران، في العام الماضي، زادت حالات مصادرة ممتلكاتهم لصالح مؤسسة “المقر التنفيذي للإمام”، التابعة للمرشد الأعلى.
هذا، ويبلغ عدد البهائيين في إيران نحو (300) ألف شخص، يعانون من المضايقات والتمييز بشكل ممنهج من قبل النظام، كما أنّ الدستور الإيراني لا يعترف بالديانة البهائية، وقد صدرت فتوى عام 2018 تحظر أيّ علاقة، بما في ذلك العلاقات التجارية، مع أتباع البهائية، حسب ما نقلت وكالة “فرانس برس”.
المصدر حفريات