كريتر نت – العربي الجديد
يتجه اليمن خلال الفترة القادمة إلى تشغيل قطاعات نفطية توقفت منذ سنوات بسبب الحرب منذ عام 2015، وهي تعتمد عليها الموازنة العامة للدولة كمورد رئيسي بنسبة تزيد على 80%.
ويبرز قطاع 5 النفطي في طليعة أولويات الحكومة التي تركز على إعادة تشغيل القطاعات النفطية التي تديرها الشركات اليمنية الوطنية العامة.
وأعلنت وزارة النفط والمعادن اليمنية خطة زمنية معدة لتشغيل قطاع 5 النفطي المعروف باسم “جنة هنت” في شبوة جنوب شرقيّ اليمن، باعتباره أحد الروافد الاستثمارية التي ستشكل نقلة نوعية في قطاع البترول في اليمن.
وهذه الخطوة أول إجراء يقوم به وزير النفط والمعادن المعين حديثاً سعيد الشامسي، ضمن التغيير الحكومي الذي جرى في اليمن وشمل عدة وزارات اقتصادية وسيادية، الذي وجه كذلك الدوائر العامة التابعة لوزارة النفط العمل على إعادة النظر في الآلية المتبعة لاستيراد المشتقات النفطية، نظراً للقصور الذي يشوبها ومعالجة أبرز المشكلات التي حدثت في الماضي وكيفية التغلب عليها مستقبلاً.
وأبرمت الحكومة اليمنية في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي 2021، اتفاقاً لتسلّم شركة بترومسيلة للقطاع 5 (جنة هنت) المتوقف منذ سنوات من مجموعة المقاول (الشركاء) المشغلة للقطاع، بهدف استئناف الإنتاج من هذا الحقل.
رفع كفاءة الإنتاج والتصدير
وقال مصدر حكومي مسؤول، فضل عدم ذكر اسمه، لـ”العربي الجديد”، إن التركيز خلال الفترة سينصب على إعادة تشغيل القطاعات النفطية التي تشرف عليها الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية ورفع كفاءة الإنتاج والتصدير ومعالجة الاختلالات التي يعاني منها القطاع النفطي ووضع حد لعشوائية استيراد الوقود وتأهيل ورفع قدرات الجهات والقطاعات الحكومية المعنية بتكرير النفط مثل مصافي عدن.
وكانت الحكومة قد اتهمت في وقت سابق من العام الجاري بعض الشركات الأجنبية باستغلال فترة التوقف، كما حدث في قطاع 5 “جنة هنت” النفطي في شبوة وحضرموت للقيام ببعض العبث المؤسسي في ملكية الحصص، ما تطلب مواجهة مثل هذه التصرفات والشركات المجهولة حفاظاً على حقوق الدولة السيادية والعمل على استئناف عملية الإنتاج.
ويشير خبراء اقتصاد إلى أن منع تصدير النفط والغاز الطبيعي المسال في اليمن كان بقرار سياسي بالدرجة الأولى وليس لأسباب أخرى تتعلق بتأثيرات الحرب، لكن بعد زوال هذا السبب على إثر تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في شهر إبريل/ نيسان الماضي، أصبح الأمر متاحاً لإعادة تشغيل القطاعات النفطية المتوقفة عن الإنتاج.
تداعيات الفساد تتجاوز أضرار الحرب
الباحث الاقتصادي مراد منصور، يؤكد لـ”العربي الجديد”، أن مورد اليمن الأول المتمثل بالنفط والغاز طاوله العبث والفساد أكثر من تأثيرات الحرب وتوقف الإنتاج والتصدير، إذ استُعيد عدد من القطاعات النفطية وجرى تشغيلها بشكل رئيسي منذ نهاية عام 2018، فيما تغيب الشفافية بحسب حديثه عن كل ما يتعلق بإدارة هذا القطاع ومستويات التصدير والعائدات المالية وعملية إنفاقها.
ووقف الأداء الهزيل لبعض الوزارات الاقتصادية وغياب الشفافية في إدارة قطاع النفط والغاز والطاقة وضعف استيعاب التمويلات والمنح الدولية كالمنحة السعودية الخاصة بالمشتقات النفطية لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، حجر عثرة ساهم بإضعاف الخطط الإصلاحية الاقتصادية والمالية وتحسين كفاءة الموارد العامة واستيعاب الودائع والتمويلات الخارجية.
ويرى الخبير في المركز الوطني للدراسات والأبحاث النفطية وجيه الصلاحي، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن القطاع النفطي رقم 5 من أهم القطاعات الإنتاجية في اليمن بنسبة 15% من إجمالي إنتاج الخام في البلاد بعد قطاع المسيلة في حضرموت بنحو 55% الذي أُعيد تشغيله منذ أكثر من أربع سنوات، وقطاع صافر “مأرب والجوف”.
ويعمل في محافظتي شبوة وحضرموت جنوب شرقيّ اليمن، وفق تقارير رسمية، 35 قطاعاً نفطياً، فيما يصل إجمالي عدد الحقول في مناطق الامتياز في اليمن إلى نحو 105 حقول، منها 13 حقلاً تخضع لأعمال استكشافية، و12 حقلاً منتجة، وحوالى 81 حقلاً هي قطاعات مفتوحة للاستكشاف والتنقيب، أغلبها في المياه اليمنية. فيما يصل عدد الشركات العاملة في مجال الاستكشاف في اليمن إلى حوالى تسع شركات، وهناك تسع شركات إنتاجية، إضافة إلى ميناء بلحاف الاستراتيجي في شبوة لتصدير الغاز الطبيعي المسال الذي يعتبر أكبر مشروع اقتصادي في اليمن.
تصدير كميات محدودة من الخام
ومنذ بداية إبريل 2015، توقف تصدير النفط الخام والغاز الطبيعي المسال باستثناء تصدير كميات محدودة من النفط الخام، ما ساهم بقوة في تقليص تدفق النقد الأجنبي إلى البلاد وتدهور العملة الوطنية.
بدوره، يشدد المحلل الاقتصادي عمر الغيلاني، لـ”العربي الجديد”، على أهمية استعادة القدرات التصديرية للنفط والغاز في اليمن واستعادة خطوط الإنتاج كلياً خلال الفترة التي تشهد فيها البلاد هدنة جرى تمديدها لشهرين إضافيين وحوار ونقاش متواصل بين أطراف الحرب التي تسعى بضغط أممي ودولي للتوافق على عدد من الملفات، أهمها الملف الاقتصادي والمالي وكل ما يتعلق به من إعادة توحيد المؤسسات والقطاعات الإنتاجية، إضافة إلى أهمية استعادة الإنتاج والتصدير للنفط والغاز بإشراف جهات دولية بما يؤدي إلى إعادة تفعيل القنوات الإيرادية وتوحيد المؤسسات والموارد العامة.