منير أديب
توصيف أفراد جماعة الإخوان الإرهابية بالعملاء ليس من عنديات الكاتب، ولكنه جرى على ألسنة أعضاء وقادة التنظيم أنفسهم.
فكل منهم يتهم الآخر بأنه يعمل لصالح جهاز أمني خارجي مختلف، حتى بات أعضاء التنظيم مجموعة من العملاء ضد أوطانهم.
جبهة محمود حسين، أمين عام التنظيم، تتهم الجبهة المناوئة له، والتي يقودها أمين عام التنظيم الدولي، إبراهيم منير، بأنها “تعمل لصالح الاستخبارات البريطانية”، الذي “ابتلع التنظيم منذ عشرات السنين بسبب التعاون الدائم بين منير والمخابرات البريطانية”!
من جهة أخرى، اتهم إبراهيم منير محمود حسين بالعمل لصالح استخبارات متعددة تضر بمصالح التنظيم، حسب قوله، وهو ما يؤكد اختراق التنظيم من داخله، وربما يؤكد عمالة التنظيم لصالح جهات تحركه ضد مصالح الأوطان.
وكلما قام إبراهيم منير بتعيين أحد القيادات في منصب ما، خرج “الصندوق الأسود” له من جبهة محمود حسين ولجانه الإلكترونية، وفي مقدمة هذه الاتهامات عمالة هذا القيادي لصالح جهاز أمني.. المدهش أن الاتهامات متبادلة، حيث قامت جبهة “منير” باغتيال عدد من القيادات بهذه التهمة نفسها، وفي مقدمة هؤلاء مصطفى طلبة، مسؤول اللجنة القائمة بعمل مرشد الإخوان، والذي عيّنه محمود حسين وثلة من أعضاء “الشورى” معه.
تنظيم الإخوان، الذي دائما ما يدّعي المثالية عبر شعاراته “المزيفة”، يعمل لصالح أجهزة استخبارات أجنبية ضد الأوطان العربية، فلا مانع لديه من أن يضع يده في يد الشيطان مقابل أن يحقق مصالحه ومآربه.
هذا التنظيم نفسه يعتمد سياسة “الاغتيال المعنوي” للمختلفين معه أو منتقديه، من خلال وصفهم بأنهم “يتعاملون مع أجهزة الأمن والمعلومات ضد التنظيم بهدف تشويهه”، رغم الفارق في التشبيه.
ويحذر قادة التنظيم “أتباعهم” من أي تعاملات مع أجهزة الأمن خشية أن يتم اختراق التنظيم من داخله، بينما القادة أنفسهم يتعاملون مع أجهزة الأمن الخارجية سرًّا، بهدف تحقيق مصالح شخصية من وراء هذا التعاون.
فقادة التنظيم يدّعون أنهم حَمَلة القيم والمبادئ في العلن، بينما يقومون ببيع هذه المبادئ والمتاجرة بأي قيم في السر.
سقط تنظيم الإخوان الإرهابي، وسقوطه كان متوقعًا.. نحن نتحدث الآن عن انهيار الفكرة المؤسسة له، وما الخلافات، التي نشاهد التنظيم عليها إلا انعكاس لبدء انهيار فكرة تأسيسه، فسقوط هذه الفكرة مرتبط بسقوط منظومة القيم التي ادّعى التنظيم أنه يحملها على كتفه، والحقيقة أننا لو اعتبرنا أن للقيم طريقا وللإخوان طريقا، فكل منهما بالتأكيد يسير بشكل عكسي مع الآخر.
جزء من شعبية التنظيم على مدار نحو 100 عام، منذ تأسيسه 1928، أنه نجح في الترويج لنفسه بأنه تنظيم “قيمي”، والحقيقة خلاف ذلك تمامًا، فعندما اكتشف الأعضاء والأتباع هذه الحقيقة القديمة والبائسة تخلّوا عن التنظيم تمامًا، وهنا انهار من داخله، وهذا ما يمكن أن نطلق عليه التدمير الذاتي للإخوان.
الإخوان لا تحركهم إلا المصلحة التنظيمية، يفضلونها على مصلحة الوطن، وهذه مشكلة أوطانهم معهم، فولاء عضو التنظيم للمرشد وليس لدولته، التي ترعاه ويعيش على خيراتها.. لقد خلق التنظيم مجتمعاتٍ وهمية بديلة لأتباعه، حتى يسيطر عليهم تمام السيطرة.
الإخوان حاليا ما هم إلا جبهات متصارعة.. انقسموا على كل شيء إلا أنهم اتفقوا على شيء واحد، وهو العمل ضد أوطانهم، طبعًا لصالح جهات تضر بأمن هذه الأوطان.
خطورة تنظيمات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية، هو اتصالها بالخارج وعمالتها لجهات أجنبية.. وقد كان جزء من خلاف الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر مع هذه الجماعة أنهم كانوا يتواصلون مع الإنجليز، وكان الإنجليز في هذا التوقيت محتلين لمصر، وسعت الثورة الوليدة، ثورة يوليو 1952، أن تجبر المحتل على مغادرة البلاد، فأرسل مرشد الإخوان وقتها، حسن الهضيبي، وفدًا من التنظيم لمقابلة السفير الإنجليزي في سفارتهم، بينما زار السفير البريطاني مرشد الإخوان في منزله، وتكرر ذلك أكثر من مرة، وكان ذلك من وراء ظهر الدولة آنذاك.
تاريخ الإخوان في العمالة والاحتماء بالخارج والتعاون معه ليس جديدًا وغير مقتصر على قيادات الإخوان في العصر الحديث، ولكنه ارتبط منذ المؤسس الأول للتنظيم، حسن البنا، الذي قبل مبلغ خمسمائة جنيه من الاحتلال الإنجليزي.. والذي كان يهدف في ذلك الوقت لاحتواء التنظيم حتى يكون تابعًا وعميلًا له.
الإخوان باتوا عالة على أوطانهم وعبئًا تنوء بحمله هذه الأوطان، فهم معاول الهدم في أي وطن، فمهما بحثت بعض الدول عن مساحات مشتركة مع التنظيم، أو سمحت له بالعمل الاجتماعي والدعوي والخيري، بعيدًا عن العمل السياسي السري، فإنهم يطعنون الوطن بأريحية.. يفعلون ذلك وهم مطمئنون قلبا وعقلا وضميرا ودينا، فبأي دين يؤمن الإخوان العملاء؟!
عن “العين” الإخبارية