- مؤمن محمد صلاح
- كاتب في العلوم الإنسانية
من أكثر الأشياء التي شغلت الناس اليوم، الإنترنت وما يحتويه، وضياع الأعمار في المطالعة والتصفح اليومي لما يسمى “بالسوشيال ميديا”، فأصبح الوقت يمر بين قراءة المنشورات ومطالعة الأخبار الكاذبة والرديئة. |
وقرأ ابن حجر معجم الطبراني في جلسة بين الظهر و العصر، وهذا الكتاب يشتمل على نحو ألف وخمسمائة حديث. وقرأ سنن ابن ماجة في أربعة مجالس. وطالع عبد الله بن محمد فقيه العراق المغني ثلاثة وعشرون مرة، وجالس عبد الله بن نافع الإمام مالك خمسة وثلاثون عاما، وقال أبو زرعة: كان الإمام أحمد يحفظ ألف ألف حديث أي مليونًا، وعن نفسه يحفظ مائتي ألف حديث.
وإذا نظرنا إلى الإمام النووي رحمه الله، وكثرة تصنيفاته، نرى عجب العجاب، فقد بدأ بطلب العلم متأخرا بالنسبة إلى زمانهم، وكان عمره تسعة عشر عامًا في عام 649 هـ وكانت وفاته في عام 676 هـ عن عمر 45 عامًا، وانظر إلى كم المصنفات التي صنفها، فبارك الله له في علمه ووقته، حيث أنه عمل على التحصيل ست سنين، ثم اشتغل بالتصنيف، فكان رحمه الله لا يضيع وقت إلا في الاشتغال بالعلم، وقيل عنه في ذلك أنه جعل تصنيفه تحصيلاً وتحصيله تصنيفًا، ولولا ذلك لم يتيسر له من التصانيف ما تيسر، أي جعل التأليف وسيلة للتحصيل، وجمع بين الإثنين، فصنف من تلقيه العلم مؤلفات ضخمه تروي العطشى من طلاب العلم حتى الآن، بل المسلمين جميعا.
فقد قال النووي في كتابه شرح المهذب: وينبغي أن يعتني بالتصنيف، لأنه يطلع على حقائق العلم ودقائقه، ويثبت معه، لأنه يضطره إلى كثرة التفتيش والمطالعة والتحقيق والمراجعة، والاطلاع على مختلف كلام الأئمة، وواضحه من مشكله، وصحيحه من ضعيفه، وجزله من ركيكه، وما لا اعتراض عليه من غيره، وبه يتصف المحقق بصفة المجتهد، وهذه الطريقة فعلها الكثير بخلاف النووي رحمهم الله جميعا، فكان النووي رحمه الله، يحضر في اليوم الواحد اثنا عشر درسا، وأما الحال الآن لطلابنا، فيوجد بفضل الله الكثير من الطلاب الماكثين على العلم، ومنهم الكثير الموفق بين الحياة الخاصة من زوجة وأولاد وعمل، وبين طلب العلم والجلوس بين يدي العلماء، ولكن لا شك أن هناك معوقات تقف دائما في طريق طالب العلم، خاصة في أيامنا الحالية.
ومنها على سبيل المثال، كثرة الملهيات والتشتيت ممن حولنا، بعكس السابقين، كانت حياتهم خالية من الكثير مما نراه الآن من أشياء، شغلت الكثير من الناس فيما لا يفيد على الأكثر، وقليل هو المفيد منه، وشغلتنا عن طلب العلم وحضور مجالس العلماء.
الانشغال بطلب الرزق، مع ارتفاع وتيرة الحياة المادية، وزيادة المطالب الحياتية على طالب العلم، فأنشأ ذلك صراعا داخليا بين ما يريده وبين ما يجب أن يفعله يوميًا لتوفير احتياجاته.
من أكثر الأشياء التي شغلت الناس الآن، الإنترنت وما يحتويه من مواقع تواصل، وضياع الأعمار في المطالعة والتصفح اليومي لما يسمى “بالسوشيال ميديا”، فأصبح الوقت يمر بين قراءة المنشورات ومطالعة الأخبار الكاذبة والرديئة، ولابد لمن أراد العلم أن يحذر من هذا الخطر الجسيم الذي قلما تجد من لا يقع فيه، واستخدام الإنترنت في المواقع المفيدة الكثيرة الأخرى.
كثرة المعاصي والفتن، فعندما نتذكر الإمام الشافعي رحمه الله في مقولته الشهيرة، “شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي وأخبرني بأن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاصي”، فماذا عن المعاصي التي نحياها الآن والتي تحول بيننا وبين العلم وتحصليه، فالتقوى هي الطريق الأقوى للوصول للعلم النافع.
سوء النية وعدم الإخلاص في العمل، مما أدى إلى حدوث رياء في القلب، فكان الكثير من طلاب العلم يقع لديهم اختلاط النية فوجب عليك الجهاد مع النفس في هذه المسألة، حتى يرزقك الله من فضله ويتقبل عملك.