كريتر نت – متابعات
انتهى احتكار فريق الأهلي المصري لكرة القدم البطولات المحلية في السنوات الماضية مع اقتراب فقدانه الحصول على بطولة الدوري العام لصالح غريمه الزمالك للعام الثاني على التوالي، وخسارته لبطولة كأس مصر، ما زاد من جراحه التي نجمت عن خروجه أمام الوداد البيضاوي المغربي في نهائي دوري أبطال أفريقيا في النسخة الأخيرة، بعد أن بذلت الإدارة ومدربه السابق الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني جهودا ليكلل النادي بهذه البطولة للمرة الثالثة على التوالي.
ولم يكن الأداء العام لفريق الأهلي المصري الأكثر شعبية في مصر بالدرجة الفنية التي تؤهله لتحقيق ألقاب جديدة، حيث خرج من الموسم الأخير خالي الوفاض من البطولات المفضلة له، ما دفع رئيس النادي محمود الخطيب ومجلس إدارته إلى اتخاذ جملة من الإجراءات قبل أيام على أمل تصويب مسار الفريق المعروف بـ”الشياطين الحمر” نسبة إلى قوته الخارقة على أرض الملعب ودهاء لاعبيه ومؤازرة جمهور عريض له على مدار تاريخه الذي يمتد لأكثر من قرن.
وقرر مجلس إدارة الأهلي الخروج من الكبوة التي يمر بها من خلال إجراء مراجعة شاملة في هيكل الفريق والخطط التي يتبناها، حيث تأكد أن الأزمة الواضحة في الأداء العام أكبر من تغيير مدير فني بآخر، فقد تم فسخ عقد الأهلي مع موسيماني بالتراضي والتعاقد مع المدير الفني البرتغالي ريكاردو سواريز الذي لم تظهر له كرامات كروية بعد مضي نحو شهرين على توليه المهمة.
ولم يتحسن الأداء أو يحقق الأهلي انتصاراته المعهودة، بل لقي خسائر في آخر جولات خاضها في بطولة الدوري بأقدام لاعبي فريقي بيراميدز وسموحة، وتعادل مع الزمالك و”المقاولون” و”فاركو”، وهي المباريات التي أبعدته عن المنافسة على بطولة الدوري المحلي هذا العام، ولم يسعفه الفوز المعنوي بكتيبة من الناشئين على فريق الاتحاد لتحسين موقفه أو حتى صورته أمام الجماهير.
حاولت إدارة الأهلي رمي الكرة تارة في ملعب المدير الفني السابق، وأخرى على لجنة الحكام وعدم كفاءتهم، وثالثة على اتحاد الكرة المصري نفسه، وتصدير الأمر على أن هناك مؤامرة تحاك على الفريق وتوجيه بطولة الدوري لصالح نادي الزمالك، ونسبت الخسائر إلى الإرهاق البدني نتيجة تلاحق المواسم الماضية بلا هوادة وضغط المباريات، ولم تتحدث الإدارة من قريب أو بعيد عن تقصيرها واللاعبين وعقم الخطط الفنية أو تعترف بأن الفرق المنافسة أصبحت أفضل حالا من الأهلي.
وانكشفت مشاكل الأهلي في الموسمين اللذين فقد فيهما بطولة الدوري والكأس ولم يحقق انتصارات لافتة، حتى الروح القتالية التي كان يتسم بها فريق الكرة ويطلق عليها “روح الفانلة (القميص) الحمراء” تكاد تكون تلاشت أو تراجعت، فعندما يغيب الأداء الفني كان اللاعبون يتسلحون بالحماس ومزيد من الجهد لتحقيق الفوز.
أسباب ونتيجة
التغيير كان منتظرا
تعمدت إدارة الأهلي تصدير المشكلة على الآخر، أي آخر، اتحاد الكرة، المؤامرة، لجنة الحكام، تأجيل المباريات وضغطها، وغيرها من المبررات التي ساقتها مؤخرا لأجل تهدئة خواطر الجماهير الثائرة على اللاعبين والإدارة، ولم تقم بجردة حساب فنية لمعالجة ما حدث من مشاكل في الفريق أدت إلى التراجع في النتائج.
وبدت إدارة الأهلي منساقة وراء عواطف الجماهير وغير معنية بإجراء قراءة صحيحة للأزمة لتتمكن من علاجها، وصبت جزءا كبيرا من غضبها على فريق الزمالك المنافس وانشغلت بتراشقات مع رئيسه مرتضى منصور الذي يجيد التطاول ومكايدة الأهلي، إدارة ولاعبين وجماهير، ما أدى إلى خروجهم عن التركيز في الملعب.
◙ مشاكل الأهلي انكشفت في الموسمين اللذين فقد فيهما بطولة الدوري والكأس ولم يحقق انتصارات لافتة
وكان رئيس الأهلي محمود الخطيب الشهير بـ”بيبو” لاعبا موهوبا في فترتي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وحصل على جائزة أفضل لاعب في أفريقيا من قبل، لكن إدارته للنادي شيء آخر وخالفت تطلعات الجماهير، ولم تشفع له البطولات التي حققها خلال فترة رئاسته الأولى للنادي والعام الأول من فترة رئاسته الثانية الحالية في التخلص من صورة ذهنية سلبية بدأت تترسخ، وبات يعرف بعدم القدرة على حسم الكثير من الأمور ويرضخ بسهولة للضغوط الواقعة عليه من داخل النادي وخارجه.
لكن لا يزال الجميع يشهد لـ”بيبو” بأخلاقه العالية، وهي التي توجته كمحبوب للجماهير على مدار العقود الماضية، وقد يكون تمسكه بالقيم والأخلاق أضره أحيانا وهو يشغل منصب رئيس للنادي، ومحاولته الخروج عنهما لم تفده أيضا لأنه لم يستطع النزول إلى المستوى الذي حاول خصومه جره إليه.
جاءت المعضلة من الاعتياد على احتكار البطولات خلال السنوات الماضية، وعندما بدأ الأداء يترنح جرى البحث عن أسباب معينة لتخفيف ضغوط الجماهير، ليس من بينها القيام بقراءة فنية واعية ورصينة للفريق تؤدي إلى مصارحة تمهيدا لمعالجة الضعف الواضح في الأداء، فبدت المبررات التي ساقتها الإدارة غير مقنعة.
ويسيطر على الإعلام الرياضي في مصر ما يشبه “اللوبيات” أو جماعات الضغط التي تشمل صحفا وفضائيات ومواقع إلكترونية وكتائب تنشط على العديد من المنصات قوامها مناصرون يؤيدون الأهلي وآخرون يدعمون الزمالك، ومن يملك الصوت الأعلى، بصرف النظر عن الأداء الفني، كان يبدو هو الأقوى، وخلال العامين الماضيين اتسعت هذه المسألة وتحولت إلى ظاهرة أثّرت على قرارات الأندية واتحاد الكرة المصري ورابطة الأندية الوليدة ولجنة الحكام والحكام أنفسهم.
مصارحة قبل المعالجة
طريقة وقائية
وهذه واحدة من العوامل التي جعلت الأهلي مكشوفا وبلا غطاء إعلامي متين، حيث اعتاد مؤازة بلا حدود من الإعلام التقليدي، منحته في وقت سابق لقب النادي الأكثر شعبية في مصر، ومنحته لقب “النادي الرسمي للدولة” وألقابا أضفت عليه كاريزما معنوية تتجاوز حدود الرياضة إلى قوة النفوذ، أبرزها شعار “الأهلي فوق الجميع”.
وانهارت الشعارات الرنانة عندما وجدت بعض أجهزة الدولة فائدة في رفع حدة المنافسة بين الأهلي والزمالك وتغذية روح التعصب عند أنصار الفريقين كأداة تدفع شريحة كبيرة من المواطنين إلى الانشغال بالرياضة وكرة القدم بدلا من السياسة والاقتصاد وهمومهما بعد أن شهدت الأولى تضييقا في الفضاء العام ونالت الأزمات من الثانية.
◙ من القرارات الثورية التي اتخذها مجلس إدارة الأهلي والمدرب سواريز استكمال الدوري المحلي بالناشئين
وتفسر هذه التوجهات المقصودة في معظمها أسباب عدم محاسبة رئيس الزمالك مرتضى منصور على انفلاتات خطاباته العامة وتعمده توجيه اتهامات للأهلي، ناديا ولاعبين وإدارة، ما أدى إلى مواجهة الأخير بصيغ مختلفة ضاعفت من الاحتقان وسط الجماهير وتاهت كرة القدم وهي اللعبة التي يعتمد عليها قوام الأهلي وأهمل التركيز على النواحي الفنية طالما أن الفريق يحصد البطولات المحلية والقارية.
من هنا تأتي العقدة الرئيسية التي تسهم في فهم التراجع الذي ظهر عليه الأهلي في الفترة الأخيرة، ويحاول تصحيحه قبل فوات الأوان، لأن الهزائم والإخفاقات وغضب الجماهير هي التي دفعت الإدارة إلى التمعن في الأزمة وجوانبها التي قادت إلى هذا التردي غير المعتاد منذ فترة طويلة، لأن الفوز والنتائج الإيجابية التي كانت تتحقق لم تمنح الإدارة فرصة لإعادة النظر ومراجعة منظومة فريق الكرة بصورة جيدة.
وتصور الأهلي أن نيله الميدالية البرونزية بعد حصوله على المركز الثالث في بطولة كأس العالم للأندية في قطر بداية العام الجاري بدون مشاركة لاعبيه الدوليين دليل قوة فنية ومعنوية، ومحاولة لأن يعزز المفهوم الشائع في أدبياته الرياضية بأن “الأهلي بمن حضر”، ما يعني أي تشكيل يلعب به سيكون قادرا على تحقيق الفوز، وسقطت هذه الثيمة مع توالي الإخفاقات في ظل غيابات وإصابات بعض اللاعبين المهمين.
استخدمت الكثير من العبارات على سبيل “الكليشيهات” المتعارف عليها لزيادة الحماس عند اللاعبين، لكنها في الحقيقة لم تنقذ الفريق من التدهور وتوالت الخسائر عليه في مباريات سهلة بطريقة غريبة، وفوق كل ذلك هناك أداء باهت لا يقنع محبي الفريق، وهم أول من ثاروا عليه حتى شهدت المباريات الأخيرة هجوما على بعض اللاعبين والإدارة، وصلت إلى حد توجيه اتهامات بالتقاعس والتراخي، ومطالبتهم بالرحيل عن النادي ومنح فرصة كبيرة للناشئين.
أداء باهت
أداء محيرّ فعلا
وتجاهلت إدارة الكرة بالفريق الناشئين في النادي وركزت على شراء لاعبين تصورت أنهم على مستوى جاهزية عالية من الداخل والخارج، وعقدت صفقات في العامين الماضيين جاءت غالبيتها دون المستوى، أو بمعنى أدق فاشلة، فاللاعب الجنوب أفريقي بيرسي تاو القادم من فريق إيفرتون الإنجليزي ودفع النادي نحو مليوني يورو لشرائه أخفق في ترك بصمة فنية واضحة، وأصبح اللاعب الموزمبيقي ميكيسوني على وشك الرحيل، ليكمل عقدا من الصفقات الخاسرة.
ومن القرارات الثورية التي اتخذها مجلس إدارة الأهلي قبل أيام استكمال مسابقة الدوري المحلي بالناشئين ومنحهم فرصة جيدة على أمل تفادي الخطأ الذي وقعت فيه إدارة الكرة عندما أهملت هذا القطاع الغني بالمواهب، خاصة أن فريق الزمالك حقق جزءا من إنجازاته عندما بدأ يستعين بناشئيه.
وتظل نظرية المؤامرة التي لجأ إليها الأهلي واحدة من الأخطاء التي أنسته فريق الكرة، والتي وصلت إلى حد اتهام الاتحاد الأفريقي (كاف) بأنه كان سببا في خسارة الفريق المصري لنهائي دوري أبطال أفريقيا لصالح الفريق المغربي، ما شغله عن الاهتمام بفريق الكرة والتركيز في الملعب، وهو القاموس الذي اتبعه محليا مع اتحاد الكرة المصري، مع أن الأهلي كان يتهم دوما بمحاباته من قبل الاتحاد ولجنة الحكام وأجهزة الدولة برمتها، وأن عددا كبيرا من انتصاراته حدث نتيجة مجاملات الحكام.
الأزمة التي يعيشها الأهلي تنحصر في وجود مشاكل فنية حقيقية في الفريق، وحاجته إلى تجديد الدماء وتسريح بعض اللاعبين
وتتجاوز الأزمة التي يعيشها الأهلي كل ذلك، وتنحصر في وجود مشاكل فنية حقيقية في الفريق، وحاجته إلى تجديد الدماء وتسريح بعض اللاعبين الذين لا يستحقون ارتداء قميصه، والنزول إلى أرض الواقع، وإدراك أن مسابقة الدوري المصري سوف تزداد سخونة في المواسم المقبلة مع تزايد الفرق الراغبة في دخول المنافسة وتملك ذخيرة من الموارد المادية واللاعبين تمكنها من خوضها، الأمر الذي يجعل الموقف أكثر صعوبة أمام الأهلي لأن جزءا من فوزه بالبطولات يعود إلى ضعف المنافسين.
وفي سياق آخر كشفت تقارير صحافية عن رغبة الأهلي المصري في التعاقد مع لوكاس براغا مهاجم سانتوس البرازيلي في الموسم الجديد. وأبدى الأهلي رغبته في ضم اللاعب البرازيلي مقابل سداد 4 ملايين دولار لحسم الصفقة، من أجل تدعيم صفوفه في الموسم المقبل. ويضغط سانتوس لرفع المقابل المالي المعروض لحسم الصفقة، خاصة أن لوكاس براغا لا يمانع في الرحيل إلى الدوري المصري الممتاز.
ويمتد عقد لوكاس براغا مع فريق سانتوس حتى صيف عام 2026، وخاض 143 مباراة بقميص الفريق البرازيلي، وسجل 13 هدفا وصنع 8 أخرى. ويضم الأهلي بين صفوفه 4 لاعبين أجانب، وهم التونسي علي معلول والمالي أليو ديانغ والموزمبيقي لويس ميكيسوني والجنوب أفريقي بيرسي تاو، بعد رحيل المغربي بدر بانون إلى نادي قطر. ويحق للأهلي قيد 5 لاعبين أجانب في قائمته، وفقا للوائح الدوري المصري الممتاز.