هند سليمان
صحفية مصرية
في خضم استقطاب دولي متنامٍ، ولا سيّما في ضوء تغذية الولايات المتحدة الأمريكية للصراعات للتفرد بالقرار الدولي، ترددت أنباء غير رسمية عن زيارة مرتقبة للرئيس الصيني شي جين بينغ للمملكة العربية السعودية الأسبوع المقبل.
ووفقاً لصحيفة “الغادريان” البريطانية، يجري التخطيط لإقامة حفل استقبال مهيب للرئيس الصيني يضاهي ذلك الذي نُظم لدونالد ترامب في أول رحلة له إلى الخارج كرئيس، بعد نحو شهر من استقبال فاتر للرئيس الأمريكي جو بايدن، في زيارة مثلت ذروة الضغوط الأمريكية على المملكة العربية السعودية لزيادة إنتاجها من النفط لتدارك تداعيات العقوبات الأمريكية والغربية على النفط الروسي، قبل أن تقرر منظمة البلدان المصدرة للنفط “أوبك” بقيادة المملكة العربية السعودية، إضافة إلى حلفائها في “أوبك بلاس” مطلع الشهر الجاري، إبطاء وتيرة زيادة الإنتاج، مع زيادة طفيفة جدّاً للإنتاج اعتبرها مراقبون “صورية”، “بمقدار (100) ألف برميل يومياً خلال شهر أيلول (سبتمبر)”، مقارنة بحوالي (432) ألفاً، ثم (648) ألف برميل إضافية في الشهرين السابقين.
نفور شخصي
اعتبرت “الغارديان” أنّ الاستقبال الفاتر لبايدن يعكس العلاقات المتوترة بين البلدين، والنفور الشخصي بين بايدن والأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، مشيرة إلى أنّ الرئيس الصيني يُتوقع أن يلقى ترحيباً دافئاً يهدف إلى تعزيز العلاقات بين بكين والرياض، وتعزيز صورة الصين كحليف للمملكة العربية السعودية.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن محمد اليحيى، زميل معهد الشرق الأوسط في مركز هارفارد بيلفر، زميل أول في معهد هدسون، قوله: إنّ “الصين هي الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، وهي أكبر مشترٍ للنفط السعودي”.
وشدّد على أنّ “الصين مهمة جداً في المنطقة من الناحية الجيوسياسية، وتتطلع إلى إنشاء قواعد عسكرية في أفريقيا وأماكن أخرى. في الماضي كانت مصالحها تجارية بحتة، تركز بالكامل على التجارة، الآن هم ينظرون بشكل متزايد إلى الأشياء من خلال منظور إستراتيجي.”
تراجع النفوذ الأمريكي
في حين يُنظر إلى زيارة الرئيس الصيني للمملكة العربية السعودية على أنّها مؤشر جديد على تراجع النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، أصرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أول من أمس، على أنّ نفوذها في المنطقة “لن يتأثر”.
ونقل موقع قناة “سي إن بي سي” عن تيم ليندركينغ ، المبعوث الأمريكي الخاص لليمن ، قوله: إنّ الزيارات الدبلوماسية من قبل زعماء القوى العالمية الأخرى كانت “متوقعة”، غير أنّه أشار إلى أنّ الولايات المتحدة أكدت التزامها تجاه المنطقة بعد زيارة بايدن للمنطقة في تموز (يوليو) الماضي.
وعلى الرغم من الفتور الواضح في العلاقات السعودية الأمريكية، أصرّ ليندركينغ على أنّ الولايات المتحدة ما تزال تحتفظ بوجود “حيوي”، مضيفاً: “الولايات المتحدة شريك حيوي ليس فقط للسعودية، ولكن لكلّ دولة في المنطقة”.
واللافت أنّ الدبلوماسي الأمريكي زعم أنّ الولايات المتحدة تظل في الجوار لـ”دعم الدول وأمنها”، وسط تقارير رسمية وغير رسمية عن سرقة القوات الأمريكية، التي تقود التحالف الدولي لمكافحة داعش بهذه الحجة، للنفط السوري والعراقي على حدٍّ سواء.
وقد عدّل بايدن جزئياً من سياساته تجاه المملكة العربية السعودية، التي وصفها سابقاً بـ”المنبوذة”، قبل زيارته الرياض في منتصف تموز (يوليو) الماضي، للتودد إليها ضمن محاولاته تكثيف الضغوط عليها لزيادة إنتاجها من النفط لامتصاص التبعات الاقتصادية السلبية الناجمة عن العقوبات الأمريكية والغربية على روسيا، على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية الدائرة، غير أنّه عاد خالي الوفاض، ولم يحصل على أيّ التزامات سعودية بزيادة الإنتاج، وفقاً لوكالة “رويترز” آنذاك.
التحوّل الكبير في موقف الرئيس الأمريكي الشهر الماضي تجاه المملكة العربية السعودية وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لم يدُم، ولن يدوم طويلاً، على ما يبدو، ولا سيّما بعد الصفعة السعودية لتوسلات بايدن، الذي يواجه ضغوطاً اقتصادية جمّة في الداخل الأمريكي قبل أشهر معدودة من انتخابات التجديد النصفي في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، فقد اعتبر مراقبون أنّ قرار “أوبك بلس” بقيادة السعودية وعضوية روسية، خيّب آمال الرئيس الأمريكي، مع توقعات بحدوث “انتكاسة” في العلاقات، وفقاً لوكالة “فرانس برس”.
وقبل أيام من زيارته للسعودية، وصف بايدن، في مقال رأي لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، زيارته للمملكة العربية السعودية بالـ”مهمّة” لـ”أمن الولايات المتحدة الأمريكية”، التي تواجه ارتفاعاً غير مسبوق في معدلات التضخم وتباطؤ نمو الناتج المحلي بسبب العقوبات على روسيا.
المصدر حفريات